فعاليات احتفالية أقامتها الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بمناسبة يومي المرأة وعيد الأم، ضمن شعار "المسؤولية الاجتماعية واجبنا جميعاً" فكان اختتام الفعاليات بعد خمسة أيام من إقامتها بصوت المغنية الشابة "لينا شاماميان" التي أحالت المكان بحضورها إلى نبضات قلب تخفق حباً وطرباً على أنغام دفئ الصوت واللحن والكلمة.

موقع "eSyria" حضر حفل "لينا شماميان" الذي أقامته الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، على مسرح مجمع دمر الثقافي مساء 31 آذار 2010، واختارت "شماميان" أن تكون أغنية الافتتاح مجموعة تهاليل فلسطينية سيتضمنها ألبومها الجديد، وعند الصمت الذي توسط انتهاء التصفيق بعد التهاليل والبدء بالأغنية التالية تقول: "أكثر ما نفتقد ذكراه عند الحزن هو السعادة، ولا أجمل من الأم في ذكرياتنا".

خيط القصب تمثل لحظة شعورنا بالغربة التي لن نجد عندها ما يروي حنيننا وحزننا أكثر من حضن الأم وعذوبة صوتها

كما قدمت مجموعة من أغاني ألبوميها "شامات"، و"هالأسمر اللون" فكان منها "يا محلا الفسحة، يا مسافرة، بالي معاك، لما باد يتثنى، حول يا غنام"، والتي تحمل بمجملها رسالة "لينا" الثقافية التي تسعى من خلال مشروعها الفني إلى الحفاظ على أغاني التراث والسورية منها بشكل خاص، عبر طرحها بوجهة نظر فنية جديدة مع حفاظها على كلماتها وخصوصيتها اللحنية لتحمل جماليات موسيقية حديثة بتوزيعها الجديد الذي يوحد بين الموسيقى الشرقية الكلاسيكية والعالمية المعاصرة.

من الحضور

عن خصوصية هذه الحفلة حدثتنا "لينا" بعد انتهاء العرض: «اختلفت شريحة الجمهور بالنسبة لي، فعادة جيل الشباب هو من يحضر الحفلات الموسيقية ويملئون المكان هتافاً وصخباً وطاقة، أما اليوم فقد سعدت كثيراً كوني غنيت للأمهات ولأول مرة في حفل موجه لهن، ولذا مع هذا الجمهور المنصت غنيت بطريقة مختلفة ليتلاءم أدائي مع التفاعل السمعي أكثر».

اختتمت "لينا" حفلتها بأغنية أرمنية رحلت بالحضور إلى عوالم الحب والعاطفة، إلا أن جمهورها لم يقبل بإنهاء العرض قبل أن تعيد غناء "شآم" التي كتبتها وغنتها لتحكي قصة عشقها للوطن من خلالها. وعنها تقول: «الأم الأولى هي الأرض لذلك عندما أتحدث عمّا يمس الوطن فهو بالتأكيد عن المرأة، وهذا ما يجعلني امتلك سعادة كوني امرأة فأكون شبيهة لهذه الأرض بشكل ما».

لحضور تجاوز عدده 600 شخص وغالبيته من السيدات، غنت "لينا" من ا لبومها "رسائل" الذي سيصدر قريباً "خيط القصب" غنتها لجميع الحضور لكن عيناها كانتا لأمها فقط التي حضرت الحفل، وقد تركت الأغنية للحضور غصة ممزوجة بدمعة وابتسامة إجلالاً وحنيناً للأم، وتقول "لينا شماميان" عن هذه الأغنية: «خيط القصب تمثل لحظة شعورنا بالغربة التي لن نجد عندها ما يروي حنيننا وحزننا أكثر من حضن الأم وعذوبة صوتها».

التقينا السيدة "رانيا الجابري" رئيسة مجلس إدارة الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة وحدثتنا عن تنظيم الفعالية: «أقمنا هذه الاحتفالية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمناسبة يوم المرأة وعيد الأم، وكانت على مدى خمسة أيام فائتة، وتضمن الافتتاح في مجمع دمر الثقافي معرضاً منوعاً لفنانات تشكيليات، وإقامة بازار خيري يعود ريعه لدعم الجمعية، وعرضاً لفيلم وثائقي سلط الضوء على مشاكل المراهقات، بالإضافة إلى عرض راقص قدّمته فرقة "جلنار"، وفي اليوم الثاني استضفنا طبيباً نفسياً وكان محور حديثه لنا عن المراهقة والمنعكسات السلبية للعنف الأسري على تلك المرحلة، من ثم أقمنا ندوة إعلامية مع مجموعة من الإعلاميين المهتمين بقضايا العنف الأسري، ذلك لإظهار أهمية التطرق الكثيف لهذا الموضوع بغاية الحد منه، وهنا كان ختام فعاليات احتفاليتنا بصوت "لينا شماميان"».

"لينا شماميان" تغني للأم

تضيف السيدة "جابري": «أهم مكتسباتنا الإنسانية يكون مما نحصل عليه من عطاء أمهاتنا لنا، لذا حاولنا أخذ نماذج من مختلف شرائح المجتمع ضمن الإطار الذي نتواصل معه، لإلقاء الضوء على المرأة العاملة بغض النظر عن مكان عملها سواء في المنزل أو خارجه، من خلال تكريم سيدات لهن أيادي بيضاء على محيطهن، ونتأمل أن يحول نشاطنا هذا سنوياً».

من الحضور كانت السيدة "فايزة ايبش" وتقول عن الحفل الغنائي: «أشعر أن "لينا" هي من أكثر الأصوات التي بإمكانها التعبير عن رقة الأنوثة وعذوبتها، كما اعتقد أن أهم مناسباتنا هي تلك المرتبطة بأهم إنسان في الوجود وسبب وجودنا، لذا الاحتفال بهذا اليوم هو اقل ما يمكننا فعله».

كما التقينا الشابة "ليلى آباي" التي كانت برفقة أختها ووالدتها الألمانية بانتظار "شماميان" للحصول على صورة تذكارية معها، وتقول: «اسمع "لينا" دائماً واعشق صوتها الدافئ، وهذه هي الحفلة الأولى التي أحضرها إلا أنني سأحضر كل الحفلات القادمة بالتأكيد، واليوم من خلال صوتها الندي وابتسامتها المشرقة استطاعت أن تخلق تواصلاً حسياً عميقاً بيننا وبين أمهاتنا».

السيدة "ريتا عساف" حدثتنا: «استمتعت كثيراً بهذا الصوت الشاب اللطيف والقوي في آن معاً، كما أن أسلوب تواصلها مع الجمهور كان رائعاً فقد أتاحت لنا الفرصة لنتذكر تلك الكلمات الرقيقة التي كنا نغنيها في الصبا ودعتنا لترديدها معها وكأنها تدغدغ ذاكرتنا بمعاني الحب العذبة والنقية، وما زاد من عمق هذه الأحاسيس ومعانيها خامة صوتها النادرة، كما أنه من المهم الحفاظ على موروثنا الفني والثقافي وإحيائه وهي بالتأكيد مسؤولية جيل الشباب».

من الجدير بالذكر أنّ الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة منظمة غير حكومية أسّست عام 2004 بمبادرة عدد من المهتمين بقضايا المرأة، بغية المساهمة مع بقية الجهود الوطنية الأخرى لتمكين دور المرأة السورية وزيادة مساهمتها في عملية التنمية الشاملة وتحقيق شراكة تفاعلية مع الرجل في تنمية المجتمع.

كما يذكر أن المغنية "لينا شماميان" مواليد دمشق حيث حصّلت فيها دراستها الابتدائية إلى الثانوية، قامت خلالها بعدة حفلات مدرسية كان أولها في عامها الخامس، كما بدأت بسن التاسعة بتعلم الصولفيج و بقي الغناء شغفها الأكبر، رافقها حتى بعد تخرجها من كلية الاقتصاد /إدارة الأعمال بجامعة دمشق عام 2002؛ فقامت بنفس العام بالانتساب إلى المعهد العالي للموسيقى بدمشق وتخرجت منه كمغنية كلاسيكية عام 2007 ،و قد شاركت خلال دراستها بالعديد من ورشات العمل ،سواء في الموسيقى الكلاسيكية مع عدة مغنيات منهن: "غلوريا سكالكي، إيطالية"،"كارمن فيللاتا، إيطالية"، و"ميا بيتس،هولندا"، إضافة لورش العمل في موسيقى الجاز كان أهمها مع الأكورديونيست الألماني "مانفرد لويشتر"، و التي أثمرت عن مشاركات متبادلة في الألبومات و عدة حفلات في سورية وألمانيا، كما عملت مع العديد من الموسيقيين والمغنين من جنسيات مختلفة ضمن إطار مهرجانات الجاز السورية .