على مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة و الفنون، أحيت د شادن اليافي أمسية موسيقية،عزفت فيها- بشكلٍ منفرد- قطعًا موسيقية غير مألوفة، لبتهوفن و رخمانينوف و رافيل...

شادن اليافي : . درست الموسيقى في المعهد العلي للموسيقى – دمشق... حصلت على شهادة الماجستير في العزف على البيانو، من كلية لونجي للموسيقى ببوسطن... نالت شهادة الدكتوراه في الموسيقى من جامعة بوسطن، حيث منحتها الهيئة التدريسية جائزة العميد للتفوق الأكاديمي كما منحتها عضوية مجلس الشرف الموسيقي الأمريكي عام 2006 . درّست في المعهد العلي للموسيقى بدمشق، كما عملت كأستاذه في الموسيقى في جامعة تافتس، و جامعة بوسطن، و معهد بروكلين للموسيقى في أمريكا ... عزفت بشكل منفرد عدة مرات مع الفرقة الوطنية السيمفونية،

و فرقة موسيقى الحجرة - سورية... أقامت العديد من الحفلات الإفرادية في سورية و أمريكا إضافة إلى الموسيقى تحمل شادن إجازة في الصيدلة.

برنامج الأمسية:

لودفيغ فان بتهوفن(1770-1827 م):

روندو مصنف 51: عرف بتهوفن بأنه سيد الارتجال، ويبدو أسلوبه في الارتجال جلياً في هذا العمل القصير نسبيا والذي يمثل بكمالٍ مطلق المبادئ الأساسية الثلاثة لكل الفنون: التناظر و الوحدة و التنوع.

السوناتا العاطفية( اباسيوناتا): وضعها بتهوفن عام 1804م ... حيث كان و حيداً دون أصدقاء و قد أصبح صممه شبه تام، ولقيت سيمفونيته الثالثة الإخفاق حين تقديمها... يرى الباحث الموسيقي كلود روستاند أن هذه السوناتا تشف عن مشاعر متعددة، ومتناقضة في آن واحد مثل الحب والخيانة ، الحماسة والإخفاق، الرغبة و الخيبة، و يسمع فيها أصداء الصراع الداخلي، و العذاب الروحي، والجسدي الذي كان يعاني منه بتهوفن.

سيرغي رخمانينوف(1873-1943 م):

مرثاة: وضع رخمانينوف هذه المرساة عندما كان طالباً، وأهداها لأستاذه المؤلف الروسي آرنسكي... كان رخمانينوف يرى الموسيقى أخت الشعر، وبنت الحزن، وبهذا المعنى كان ينتمي إلى تشايكوفسكي، و بعض الشعراء الرمزيين الروس في عصره، الذين كانوا يزاولون نوعاً من الغنائية...هي غنائية مجردة تنشد موسيقاها ألم نهاية العصر...هي إرهاص بالتغيرات والانقلابات الوشيكة، وهي أيضاً حنين إلى ما يمكن أن يعود..إلى الأشياء التي تموت ببطء، ولا أمل في معالجتها... تعيد هذه القطعة ضياء بستان الكرز لتشيخوف، وهو ضياء حزين راق..

موريس رافيل(1875-1937 م):

تحية إلى قبر كوبران:في عام 1914 م أراد موريس رافيل وضع متتالية رقصات فرنسية بأسلوب الباروك تحية لمؤلف الباروك الفرنسي كوبران، لتميزه عن أقرانه من المؤلفين... أردا رافيل أن يكرم هذا الأسلوب بشكلٍ عام، إلا أن الحرب العالمية الأولى نشبت، فاضطر إلى تأجيل كتابة العمل... لم يستطع رافيل الالتحاق بالجيش لسوء صحته، لكنه أصر أن يشارك في الحرب فعين سائقاً لعربة إسعاف، كان ينقل بها الجرحى و الموتى، ورأى أهوال الحرب، وفقد العديد من أصدقائه... عندما انتهت الحرب عام 1917 أراد رافيل أن يكمل مشروعه و لكن الحرب غيرت من مراميه في هذا العمل، إذ ارتأى أن يكون تحية شخصية، يهدي فيها كل قطعةٍ من قطع المتتالية إلى أحد أصدقائه، الذين ماتوا وهم في بزاتهم العسكرية، فضلاً عن كون العمل بعثاً لروح كوبران العظيم.. ولما انتقد رافيل لخفة، ورشاقة بعض القطع في هذه المتتالية، مما لا يتناسب مع موضوع العمل القاتم أجاب : " يكفي أن الحزن يلف الأموات في صمتهم الأبدي".

انطباعات:

بعد الأمسية التي استمرت قرابة الساعة و الربع خرج الحضور بشيء من الصمت و التأمل والنشوة غير الواضحة رصدت انطباعات عددٍ منهم عن الأمسية..eDamascus.

السيدة إيفيت زيتون:هذه أول مرة أحضر فيها الدكتورة شادن... فخر لسوريا أن يكون لدينا هكذا فنانين ..

السفير عبد الكريم الصباغ: الأمسية كانت رائعة... د. شادن بنت أستاذي، و معلمي د. عبد الكريم اليافي... شادن أبدعت... وكان وجهها ينطق مع كل فاصلةٍ و حرف.

نتالي كولو( فتاة في الرابعة عشرة من عمرها –عازفة بيانو متدربة):الأمسية مميزة جداً ... متنوعة في الأصوات و الحركات ... تناولت عدة أنواع من الموسيقى، وأرضت جميع الأذواق...

د . شادن أبهرتني، حيث كانت تعزف براحة شديدة، واسترخاء... أطمح أن أكون مثلها في يوم من الأيام.

السيدة آلفي ديردوسيان: أنا أتابع شادن منذ كانت صغيرة ... كانت و ماتزال متميزة جداً ...هي الآن دكتورة في الموسيقى، و تستحق اللقب الذي حصلت عليه.

الآنسة يارا دياب: د شادن شخصية رائعة ... عزفها في غاية الإحساس و الرقي... أعتقد أنها كانت موفقة جدً في الأمسية التي قدمتها.

التقيت د. شادن و هي تستعد لمغادرة دار الأوبرا، وقد التف حولها الأصدقاء بباقات الورد... برودة الطقس لم تسمح لنا بكثير من الوقت للحديث... د. شادن اليافي: أنا سعيدة جداً بتفاعل الجمهور الحار مع ما قدمته من قطع موسيقية اليوم... هذا يدل على أنهم ذواقين، لأن القطع التي عزفتها غير مألوفة لأذن المستمع العادي(غير الخبير)... تأثرت جداً بحفاوة الأصدقاء... اخترت برنامج الأمسية على أساس فكرة العاطفة و الموت... آنا الآن مقيمة في سورية، وأحضر للكثير من الحفلات مع مغنية، أوعازفة فيولين...

عن العلاقة بين الموسيقى والصيدلة(باعتبارها صيدلانية ودكتورة في الموسيقى) أجابت اليافي بابتسامةٍ عريضة:( الموسيقى هي العلاج الحقيقي لألم الوجود... هذا هو المشترك بين الفن و الموسيقى)