في رؤيا خيالية ((للزمن)) عرض المركز الثقافي الفرنسي ضمن فعالياته الثقافية فيلم ((الزمن المستعاد)) من إخراج راؤول رويز عن رائعة الروائي مارسيل بروست وبطولة كاترين دونوف، ايمانويل بيار، فإنسان بيريز، جون ماكلوفيتش.

الفيلم الذي دارت أحداثه عندما يقلب مارسيل بروست ذاكرته وهو في لحظة الصفاء: وهي لحظة الاستعداد للموت فيستجمع أفكاره ويستعيد شريط حياته في وصفٍ للأحداث التي مرت بحياته من معشوقاته إلى شخصيات تركت أثراً في نفسه افتتحها بطفولته التي كانت النقطة الأساسية بحياته وبحياة أي شخص.

وعند انتهاء الفيلم علق كل من السينمائي أسامة غنم وأسامة محمد على أحداث الفيلم من طريقة الإخراج، الإكسسوارات المستخدمة، لقطات، ديكور، وفي تكنيك بناء الأحداث وكيفية تقديمها وعرضها للمشاهد.

وضمن إطار نادي السينما ((نظرة سورية إلى السينما الفرنسية)) تحدث السينمائي أسامة غنم بقوله: إن الفيلم معقد وإخراجه غير بسيط وهذا يؤدي إلى تعب وإرهاق كبير في حضوره وأنا شخصياً أحببت هذا الفيلم للحرفية الفنية العالية التي قدمها المخرج للرواية بشكلها العام لأنها رواية كبيرة جداً، وأضاف: إن السينما في شكلها العام تقدم نوعين فنيين نوع الحكاية ونوع يقدم العالم بصورة ذاتية للمخرج أو الروائي، وهذا الفيلم من التصنيف الثاني في الفن السينمائي، أما من الناحية الحرفية فقدم المخرج الفيلم بشكل جيد جداً بانتقائه للملابس والإضاءة والممثلين والديكور المختار بإعطائه صورة واقية عن مرحلة الحرب العالمية الأولى وما آلت إليه من تداعيات على شخصيات الفيلم وعلى مستوى العالم بنظرة الروائي لهذه المرحلة، ونلاحظ هذه الفكرة بعدم اكتراث المخرج بأحداث الفيلم من الناحية الدرامية بل اهتم بالنظرة الشخصية الذاتية لعناصر الفيلم من بارون ونساء وجنود هاربين من خدمتهم للعسكرية فرصد الفيلم طبيعة حياتهم بشكل متكامل وبنظرة شخصية للروائي المجسد ببطل الفيلم، حيث كان هناك عملية مزج بين الماضي والحاضر.

أما مشكلة الفيلم فتكمن في التناقض الذي أحدثه المخرج في سرد الأحداث بشكلٍ بطيء وبعدها السرعة في فهم المُشاهد للشخصيات ودورهم المحوري في الفيلم، ولكن المخرج اتزن بهذه النظرة بعد مرور الساعة الأولى من الفيلم.

فان المخرج رويز مبدع ولكنه غير متزن بالصياغة وهذه مهمة نادي السينما في وضع النقاط على الحروف.

أما المشاهد بشار سليمان فعلق على الفيلم بقوله: الفيلم جميل وخصوصاً في مشهد عزف البيانو وحالة البكاء التي وصل إليها البطل في سماعه للموسيقا وثانياً بمشهد لعب الطفل في آخر الفيلم على شط البحر، فمزج المخرج البطل بمراحله الثلاث ((بشكل خيالي)) دورة حياته من طفل إلى شاب ثم إلى كهل على فراش الموت.

ثم علق السيد أسامة محمد وهو سينمائي مختص على رأي زميله أسامة غنم بقوله: إن الفن السينمائي أكبر من أن يكون حكاية أو نظرة على العالم بشكله العام، وأضاف: إذا سألنا المخرج عن عمله باعتباره حكاية أم سرداً قصصياً للعالم؟ يمكن أن يقول: إن فيلمي حكاية ولكنه عن طريق الكلام والنظر إلى العالم بكل ما يحتويه الفيلم من إكسسوار وإضاءة وديكور وحرفية عالية جداً في الإخراج بوصفٍ دقيق لشكل الصحون والأوراق والملابس واختيار الموسيقا بمضمونٍ يؤدي إلى الدخول الذاتي إلى الواقع، فالفيلم حكاية يروي المخرج فيها العالم من خلال مفتاح أساسي للفيلم وهو الزمن ليس بتذكره فقط بل باقتراحه مكاناً يجب أن يفعّل الإنسان ويتصرف مع الشخصيات والأحداث التي مرت بحياته بشكلٍ كان أفضل لو أن الزمن عاد وكرر نفسه، فالسؤال المهم بتعريف الزمن: هو هل في التسلسل المنطقي للأحداث أم في حقيقة الزمن باللحظات الموجودة ضمن هذا التسلسل التي لا يعطيها الإنسان حقها بوقت حدوثها، فليس هناك لقطات أقوى من لقطات لكن المجال المتاح للمخرج أدى إلى إظهار لقطة على حساب أخرى.

ولعب المخرج دوراً مهماً في نبذ فكرة الموت بالحرب ونبذ الحرب بشكلٍ عام والتصرفات السيئة من انتهاز البارون للفقراء وخصوصاً الجنود الشاذين جنسياً.

وفي الختام لا يسعنا إلا الشكر للنادي السينما السوري وللمخرج راؤول رويز الذي قدم عملاً جيداً جداً في تصوره لهذا العالم في حقبة معينة للإنسانية.

صور الفيلم عام 1998 ومدة عرضه حوالي 240 دقيقة وحصد عدة جوائز ميزته من باقي الأفلام ((بمستوى التركيب الحرفي)) المتقن جداً.