أقيم في مركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية، معرض تشكيلي بعنوان "يوميات في علبة كبريت" أنجزه 33 طالباً من المعهد إضافة إلى 9 مدرسين، وذلك كنتاج لورشة عمل استمرت مدة أسبوعين من التفاعل والحوار، وقد حضر المعرض عدد من الفنانين التشكيليين وطلاب المعهد وأساتذتهم، وعدد من المهتمين، وقد قام بافتتاح المعرض السيد مدير ثقافة مدينة "دمشق".

موقع eSyria حضر الافتتاح وحوله أجرى جملة من الأحاديث والتي كان أولها مع الأستاذ "مهند علي" أحد زوار المعرض والذي قال: «المعرض غريب من حيث موضوعه والمعالجة التي شاهدتها، فالأعمال ليست لوحات وليست أعمالاً نحتية، وإنما هي علب كبريت مشغولة بطريقة فنية».

المعرض جميل وغريب وهناك منمنمات وأعمال ربما تنتمي للوحة الصغيرة

أما الآنسة "هنادي سلطان" فقد قالت: «المعرض جميل وغريب وهناك منمنمات وأعمال ربما تنتمي للوحة الصغيرة».

إسماعيل نصرة

وبدوره الفنان التشكيلي "إسماعيل نصرة" يضيف: «كانت الفكرة بأن نقوم بالمشاركة مع الطلاب بورشة عمل وهذه التجربة الثانية على صعيد المركز وفي خضم الورشة نسينا أننا نعمل مع طلابنا بمستوى الإعمال التي نفذت بطريقة احترافية، أو على صعيد الأفكار التي فاجأتنا، إضافة أن العمل على علبة الكبريت يحرضك على أن تعمل أعمالاً مركبة أكثر كونها تتألف من قطعتين فهي تحوي 6 سطوح تعطيك غنى للشكل واللون، فهي تعتمد على الفكرة التي تحرضك في الدرجة الأولى، فكان هناك نتائج مهمة، ونحن نحرص في المركز بين الفينة والأخرى لأن نأخذ فاصلاً من التعليم الأكاديمي وأن نخرجهم عن الإطار العام، ويفاجئوننا بأن عندهم هذا المخزون المهم ومن خلال بعض الملاحظات كانوا يخرجون نتائج جيدة».

وتحدث عن مشاركته حيث قال: «بصراحة أنا كنت مأخوذاً بالجو العام المحيط، وعملت محاكاة من وحي عنوان الورشة "يوميات في علبة كبريت"، وأنا أقول بأننا نعيش هذا النوع من الضغط العام والحذر، وحاولت ترجمة بعض الهواجس التي أعيشها بشكل لحظي، ولعلي وفقت في إيصال الفكرة من خلال العمل الموجود على علبة الكبريت».

محمد الوهيبي

وأوضح الفنان التشكيلي "محمد الوهيبي" وهو من الفنانين المشاركين، حيث قال: «العنوان الرئيسي لهذه الورشة هو البحث عن الفكرة وما يمكن أن تعطيه علبة الكبريت من طاقة فنية، وهي الشرارة الأولى للفكرة، وقد سبق وأجريت جلسة محاورة مع الطلاب من أجل إيجاد الفكرة، فنحن نرمي بأفكارنا على عدة جوانب من هذه العلبة وفراغ العلبة، فمنهم من رسم رسوم مباشرة نفذ هذا الشيء، ومنهم من عرضها كأفكار كالنحت والحفر أو تصوير أو تركيب، فكل طالب أخذ فكرة خاصة مختلفة عن الآخر، بحيث لا يكون هناك أفكار مكررة رغم أنه وجد غنى فيها، وهذه الأفكار الموجودة كانت مخبأة بمجهول المعرفة إنما عندما حضرت علبة الكبريت أحضرت معها الأفكار، فكل ما نراه من أشياء حولنا يكون فيه مصدر طاقة يمكن أن يقام حوله دراسة فنية ويبنى عليه العمل الفني بالأساس».

«هم مجموعة طلبة وجدنا أنهم بحاجة لحك فكري (التحريض على التفكير) وامتلاك أدوات التفكير للتعبير عن جمالية ما أو عن حالة ثقافية، كما حرضنا على صياغة الأدب، فكل علبة كبريت تحوي على نص يكتبه الطالب من إبداعه الخاص وليس مأخوذاً من أي مصدر، فأخذنا حالة الأدب في وسط حالة التعبير الفني ليكون العمل الإبداعي محرض من أكثر من مستوى، لأننا بحاجة للتعبير بالكتابة للتنفيس عن الفكر الإنساني وكيفية تفكيره بالأشياء، وكانت كل الجمل المكتوبة قريبة عن ذات الموضوع المرسوم على العلبة».

ريم الخطيب

وختمت الفنانة التشكيلية "ريم الخطيب" رئيسة مركز "أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية، بالقول: «المعرض نتاج ورشة عمل، أقيمت لمدة أسبوعين في المركز، في إطار مشروع كبير نعمل عليه منذ حوالي عامين، وهو "مختبر الفنون المعاصرة"، الهدف من العمل في إطار هذا المشروع هو اختبار أفكار جديدة ودفع الطلاب نحو التجريب في إطار الفن، فالفنون الحديثة في العالم تركز على الأفكار، وتطور التقنيات لصالح الأفكار، فلا يهم إن كانت المادة نبيلة أم لا، أو كانت الألوان زيتية أم لا، أو كانت من القماش العادي أو من الكانفس، المهم هو تحويل الأشياء البسيطة العادية إلى أعمال فنية، وبالتالي نحن اخترنا علبة الكبريت كونها في متناول يد الجميع وهي ذات تكلفة بسيطة إضافة للرغبة في العمل على كتلة صغيرة، فالأحجام الصغيرة هي عنصر أساسي من العناصر الفنون الإسلامية، ومنها ظهرت المنمنمات، والتي تركزت على جانبين الأول وهو الزخرفي البحت، والجانب الثاني رسوم الكتب القديمة التي كانت ترصد تفاصيل الحياة اليومية عند العرب والمسلمين، فأخذنا موضوع اليوميات من المنمنمات القديمة، فوجهنا الطلاب لأن يسجلوا على دفاترهم الملاحظات حول الحياة اليومية كتابة ورسماً، وفيما بعد تحميلها على علب الكبريت».

«وتكمن أهمية هذه الورشة من مشاركة الأساتذة مع الطلاب وهذا خلق نوع من الحوار، وفي النتيجة أي في المعرض لم يكن هناك فرق في العرض بين الطلاب والأساتذة، الحضور كان للفكرة الأهم، فالفنان فنان معترف به، ولكن ما يهمني هو هذا الطالب الذي يعتبر مستقبل الفن في سورية، ويهمني بأنه عندما يرى عملاً حديثاً بأن يعرف كيف يبنى هذا العمل، بعد أن اختبر آلية العمل انطلاقاً من التعرف على نمط التفكير».

«وقد شارك في هذه الورشة 65 طالباًً ولكن من عرضت أعمالهم كانوا 33 مشاركاً إضافة إلى 9 فنانين، وهذا لا يعني أن الباقين لم ينتجوا أعمالاً فنية، فالمهم أن الفكرة وصلت إلى داخلهم وهذا الهدف الكبير بالنسبة لنا».

والجدير ذكره أن هذا النشاط يقام بمناسبة مرور50 عاماً على إنطلاق أول دورة تعليمية في المركز.