يقام على خشبة مسرح القباني مسرحية "الآلية"، التي تتناول الجانب المظلم في شكل العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة، وحالة القهر الاجتماعي التي تعاني منها المرأة في معظم التجمعات البشرية.

موقع eSyria حضر العرض في يومه الثاني الموافق 2/11/2010 وسجل الانطباعات والمواقف التي كان أولها مع السيدة "إناس غنيم" طالبة جامعية في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، تحدثت عن مشاهدتها للعرض: «من المؤكد أن المخرج قد لعب على مستويات عدة في العرض، وتحديداً فيما يخص بطلة العمل الذي كانت تتداخل كثيراً مع شخصية العجوز وكأنها ذاكرتها الماضية فقد كانت تنفعل بانفعالاتها، في الفرح والحزن والعشق والغضب».

بحثت عن الجانب الذكري الواضح في كل شخصية، كيفية ضغط الطبيب على المرأة، الرجل الزوج وكيف ضغط عليها، هذا كله موجود بين السطور في النص، فكل شخصية تظهر في جانب حول هذه الدائرة المركز عليها في العرض

أما "ريم البيطار" وهي تعمل في المسرح التفاعلي مع الأطفال تقول: «الأستاذ "مانويل جيجي" علامة بارزة في المسرح السوري، لكنه في هذا العمل قدم فضاءات جميلة في العب على الزمان والمكان، وتحديداً في الصيغ التشكيلية للخيالات التي خلقت عالماً مسرحياً إضافياً لما كان يدور على الخشبة، وكان من الواضح الحالة الشاعرية للخيالات والتي تناقضت مع الأحداث الظاهرة على المسرح».

من العرض

أما الشاب "فراس الشاطر" يدرس التمثيل، فيقول: «بالنسبة لي كمتفرج العرض جميل جداً، "أويس مخللاتي" عمل شيئاً جميلاً في العرض، وقد اشغل على نفسه وقدم أكثر من شخصية، ومن لا يعرف "أويس" يقول أن هذه أكثر من شخصية مع بعضها، إمكانيات الممثلين كانت هائلة ما شاء الله، ولا أنكر دور الشخصية التي مثلت دور العجوز، فقد كان أداؤها جميلاً جداً، و"نانسي خوري" و"أنس طيارة" أقنعوني بأنهم عمال في ملهى من خلال أدائهم الجميل جداً، الإيقاع كان متوازناً كبداية، وهناك بعض الملاحظات لا تصل إلى درجة الخلل».

"رائد الغاوي" ماجستير في علم الاجتماع، يقول: «أعادني هذا العمل إلى الألق المسرحي الذي كان موجوداً في تسعينيات القرن الماضي، فقد كانت تقدم أعمال جادة وفيها الكثير من البحث والتجريب، ويأتي هذا العمل في ذات السياق، بعد أن عانى جمهور المسرح من سويات أعمال متدنية وتحديداً في هذا الموسم الذي يشهد هبوطاً غير مسبوق، ويأتي هذا العمل ليعيد الاعتبار للمسرح ويطلق الأمل في نفوس متتبعيه».

الآلية

الفنان "أويس مخللاتي" طالب سنة ثالثة في المعهد العالي للفنون المسرحية وهو الشخصية الذكرية الرئيسية في العرض، يقول: «دوري في "الآلية" عبارة عن ست شخصيات ذكورية ضمن العمل الذي يدور حول امرأة واحدة، فكرة العمل تطرح مكانة المرأة كيفية التعامل معها ضمن آلية المجتمعات العربي منها أو الغربي، من عملها، بيتها، إلى زوجها و طبيبها النسائي. كل شخص من هؤلاء عملنا على إظهار الجانب الذكري له، مما أدى إلى الضغط على المرأة حتى قتلت زوجها لتحصل على حريتها، وبالتالي هي لم تحصل على شيء لأن هذا أدى إلى الحكم عليها بالإعدام».

وعن معالجته للشخصيات يضيف: «بحثت عن الجانب الذكري الواضح في كل شخصية، كيفية ضغط الطبيب على المرأة، الرجل الزوج وكيف ضغط عليها، هذا كله موجود بين السطور في النص، فكل شخصية تظهر في جانب حول هذه الدائرة المركز عليها في العرض».

في مسرح القباني

أما الأستاذ "عبد الناصر حسو" وهو مخرج مساعد في العمل يقول: «"الآلية" هذا العمل معروض من فترة، وسبق أن حاز على جائزة في المهرجان المسرحي، هذا العمل اختصرنا منه كثيراً، عملت معه في البداية دراماتور عملنا على اللغة والشخصيات والتنسيق، قللنا من عدد الشخصيات، وعملناها شخصية واحدة، وهذه جيدة لمقولة العمل، بما أن كل الشخصيات يأخذها الرجل، في النص الأصلي تلعبه امرأة هي الأم، هنا حولناها إلى الأب، لأن الرجل يأخذ أدوار متعددة في كل المجتمعات. وبالنسبة للشخصيات الأخرى أضفنا شخصية المرأة العجوز وهي الراوية أو الضمير المتفرج، التي

تربط المشاهد كلها بعضها إلى بعض، هي عجوز خرفة تتكلم ما تريد وتنسى ما تريد هذا ما قد يبدو في ظاهر الأمر، لكنها عملياً ليست خرفة بل تختار ما تريد من الكلام، تفرح وتحزن لفرح أو حزن المرأة الرئيسية في العمل، وهذا ما حاولنا أن نعمل عليه».

مخرج المسرحية "مانويل جيجي" تحدث عن العمل: «العمل بشكل أساسي يتحدث عن ظلم المرأة من جميع النواحي، من المنزل، للعمل، إلى الزواج، وفي كل الأمكنة، وتجلى ذلك في ختام المسرحية. ممنوع على المرأة أن تحب وتمارس إنسانيتها، ممنوعات المرأة كثيرة، بينما الرجل مسموحاته أكثر، فإذا أصبح الطرفان متناقضان عندها لا تبنى أية علاقة قوية، وكما نرى إن أحبت المرأة رجل فيجب أن تتزوجه اختياراً وليس إكراهاً، وهذه القضية بالذات موجودة في كل العالم، المرأة تجبر من الزواج بابن العم، قريب، جار، أو حتى من أجل المال في ظروف معينة، أنا أرفض كل هذه الأمور، وتناولتها من خلال العرض المسرحي، المرأة مثل الرجل، كما يختار الرجل يجب على المرأة أن تختار أيضاً، وهذا من الدين والأخلاق ومن الإنسانية، القطبان (الجل والمرأة) عندي متساويان تماماً، طالما أن الاثنين أنشأوا المشاريع الأساسية الكبرى وهو الإنسان، فلو عاش الرجل لوحده أو المرأة لوحدها لم تكن هناك بشرية، المعادلة سهلة جداً، ولا أعرف لماذا يصعبها البشر؟!.. الرجل قوي ولكن دون المرأة لا يحدث شيء، إذاً من هذا المنطق فالاثنان متساويين ومتكاملان، كما يحب الرجل تحب المرأة، عندما يخون الرجل تخون المرأة أيضاً وهذه قيمة سيئة، ولكن لماذا عندما تخون المرأة فإنها تضطهد ويخرج الرجل بريئاً؟!.. إذاً هناك أسئلة لا نهائية عن الظلم الواقع على المرأة وحقوق الرجل غير الصحيحة، وأنا ضد كل هذا المنطق وأعمل على تغيره».

وعن كونه من قام بالإعداد، الإخراج، إعداد الموسيقا، يقول: «لقد قمت بكل شيء، كان النص يحوي 32 شخصية، وكانت مطروحة بشكلها البوليسي، هناك قضاء وشرطة...الخ..، أنا ألغيت كل هذا وعملت على أنسنته، ليكون إنسانياً كونياً، ألغيت منه المكان والزمان، لأن أحداث المسرحية قد تحصل في كل بيت وقرية ودولة وفي كل العالم، القضية شاملة ومعاصرة وماضية ومستقبلية أيضاً، الصراع يبقى مستمراً طالما فقد الحب».

والجدير ذكره أن مسرحية "الآلية" هي من تأليف "صوفي ترود ويل"، الإعداد وإخراج "مانويل جيجي"، ديكور "نعمان جود"، الممثلون: "رنا كرم، أويس مخللاتي، روبين عيسى، نانسي خوري، أنس طيارة"، وإعداد الموسيقا "مانويل جيجي" و"آري سرحان"، تصميم الأزياء "ريم الشمالي"، تصميم الإضاءة "نصر الله سفر"، مخرج مساعد "عبد الناصر حسو"، مساعد مخرج "منصور نصر"، والعمل من إنتاج وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا- المسرح القومي.