اجتمعت كل من مغنية السوبرانو "رشا رزق" وعازفة البيانو الدكتورة "شادن اليافي" والممثلة المسرحية "ناندا محمد" على خشبة صالة الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون ليقدموا أمسية موسيقية شعرية بعنوان "من وحي الألم والفراق"، حيث افتتحت الممثلة "ناندا" الحفل بقصيدة "إلى البلاد التي تستعر بها الحرب" للشاعر "تيوفيل غوتيه"، ليَلي ذلك أداء كل من "رزق" و"اليافي" لهذه الكلمات مغناةً على لحن "هنري دوبارك"، وليتتابع إلقاء القصائد والغناء والموسيقا التي جمعتها تيمة الألم والفراق.

ثماني مقطوعات لشعراء ومؤلفين موسيقيين استطاع من خلالها هذا الثلاثي أن يعبر عن تآلف أقرب إلى المسرحية الشعرية بين الغناء والإلقاء الشعري والعزف الموسيقي ضمت قصائد لكل من الشعراء "يواكيم كامب"، "ولغفانغ غوته"، "أدولف فراي"، "كلاوس غروث"، "جان ريشبان"، "موريتز هارتمان"، والشاعر الروسي "بوشكين"، بألحان كبار موسيقيي الشرق والغرب أمثال: "ولفغانغ أماديوس موتزارت"، "هنري دوبارك"، "يوهانس برامز"، "غابريل فوريه"، "أنتونين دفورجاك"، "جون هاربيسون"، "بيتر تشايكوفسكي"، "سيرغي رحمانينوف".

كم هم أقل حظاً.. من يموتون في عمق البحار.. ويجرفهم الموج العميق.. بعيداً عن بلدهم الحبيب.. يا لهم من تعساء.. أشنات البحر الخضراء.. بدلاً من الكفن.. يتقلبون مجهولين.. عراة تماماً.. وعيونهم مفتوحة"

وأخبرت عازفة البيانو الدكتورة "شادن اليافي" موقع eSyria أن هذه التجربة الثانية لها مع المغنية "رشا رزق" وأن هذه الأمسية تعتبر الثانية بعد "أغاني الحب والحزن الفرنسية" التي قدماها أيار العام الماضي.

مغنية السوبرانو رشا رزق

وعن التقائها بالفنانة "رزق" قالت "اليافي": «يجمعني برشا حب للموسيقا والأدب، وخاصة أن لديها قدرة لغوية جيدة، وقدرة على الغناء بأكثر من لغة، مع إمكانية التعبير الصحيح بتلك اللغات جميعها، كما يأتي الشعر ليعطي مضمون الحفلة بعداً آخر خاصة للذين لا يفهمون الكلام المغنى».

وأضافت "اليافي" أنها مع "رزق" تبحثان عن العلاقة بين النغم والكلمة، معتبرةً أن الموسيقا تعبر عما يحدث في النص الشعري، خاصة أن الموسيقيين الكبار الذين عزفت لهم انتقوا نصوصاً شعرية هامة ل"غوته" و"بوشكين" و"تولستوي"».

رشا مع شادن

وقالت عازفة البيانو: «إن قصيدة "تجذبني كأنها لحن" فيها غموض وازته موسيقا "برامز" من خلال عدم توضيح سلمه الموسيقي، أما قصيدة الأمريكي "هاربيسون" بعنوان "لا ترحل" فإنها تصور الجبال، ويأتي اللحن ليرتفع ثم ينخفض في محاذاة الكلام».

من جهة أخرى أهدت الفنانة "ناندا محمد" مقطوعة "المقبرة" للشاعر "جان ريشبان" والملحن "غابريل فوريه" لضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة قبالة الشواطئ اللبنانية، وتقول هذه القصيدة: «كم هم أقل حظاً.. من يموتون في عمق البحار.. ويجرفهم الموج العميق.. بعيداً عن بلدهم الحبيب.. يا لهم من تعساء.. أشنات البحر الخضراء.. بدلاً من الكفن.. يتقلبون مجهولين.. عراة تماماً.. وعيونهم مفتوحة"».

الممثلة ناندا محمد

وقالت "لبانة قنطار" مدرسة الغناء في المعهد العالي للموسيقا: «أكثر ما لفتني في هذه الأمسية هو الموضوع الواحد للحفل، إضافة إلى أنه من الجميل جداً أن نستمع إلى أعمال المؤلفين الأوروبيين، كيف كتبوا موسيقاهم لهذا الموضوع بالتحديد، ضمن مدارسهم المختلفة، وخلفياتهم الثقافية المختلفة، فضلاً عن الانسجام الأخاذ بين الغناء وعزف البيانو والذي قلما نجده بمثل هذه الجودة من التماثل بالأداء والأحاسيس، فضلاً عن الحرفية العالية التي وسمت أداء كل منهما على حدة، حيث استطاعت المغنية أن تنوع بالأداء حسب المدارس الموسيقية المختلفة».

أما المؤلف الموسيقي "إبراهيم سليماني" فقال: «كانت الأمسية متميزة من خلال وحدة الموضوع الذي تتناوله، وهذا نادراً ما نراه في الأمسيات الموسيقية السورية، وأضاف ألقاً على ذلك الأداء المتميز لكل من المغنية وعازفة البيانو، ورغم أن هناك تعاونا فنيا بيني وبين زوجتي "رشا رزق" بإطار موسيقي مختلف، إلا أنني من أشد المعجبين بأدائها في الغناء الأوبرالي، لأنها تعطي كل مقطوعة حقها».

في حين يرى الشاعر "نبيل مسوح" أن: «القصائد الثماني المختارة تميزت بالتركيز على موضوعة "الألم والفراق" ولواعج الحب ومفارقاته كما في قصيدة "تجذبني كأنها لحن" للشاعر الإنكليزي "كلاوس غروث"، واستطاعت تلك القصائد أن تنقل لنا رؤية شعراء كبار من أوروبا وروسيا وأمريكا لهذه الموضوعة بالذات، وبهذا قدمت لنا هذه الأمسية إضافة إلى اللحن المميز والأداء العالي لرشا رزق موشوراً واسعاً من الرؤى الشعرية بطريقة جميلة، أشبه بمسرحة الشعر».

يذكر أن الأمسية الموسيقية الشعرية "من وحي الألم والفراق" من إنتاج الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، والمغنية "رشا رزق" خريجة المعهد العالي للموسيقا بدمشق 2002 حيث تتلمذت على يد الأستاذين "خالد ييفا" و"نتاليا كيريتشينكا" لها مشاركات مع الفرقة السيمفونية الوطنية وأوركسترا شباب البحر الأبيض المتوسط إضافة إلى حفلات إفرادية في فن الأوبرا أهمها دور الساحرة الأولى في أوبرا "دايدو وإينياس" ودور البطولة في أوبرا "ابن سينا" بشخصية جمانة.

أما عازفة البيانو "شادن اليافي" حائزة شهادة الدكتوراه في الموسيقا من جامعة بوسطن إضافة إلى شهادة ماجستير بالعزف على آلة البيانو من كلية لونجي للموسيقا وتحمل إجازة في الصيدلة من جامعة دمشق والفنانة "ناندا محمد" خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية وعملت في العديد من المسرحيات في سورية وتونس واليمن والأردن وفرنسا والدانمارك آخرها مسرحية "المرود والمكحلة" ومسرحية "طقوس الإشارات والتحولات" كما لها العديد من المشاركات في الدراما التلفزيونية مثل "طوق الياسمين" يوم ممطر آخر".