إن إضافة الموسيقى إلى الشعر، هي إضافة تربط بين فنين اثنين، المضاف والمضاف إليه، فكلاهما ينتمي انتماء طبيعيا، وليس فلسفيا أو أكاديميا على سبيل الدراسة الفكرية.

والموسيقى، بخصائصها، وأنواعها، وأوصافها، وتعدد صور تأليفها وأشكال أدائها، هي جنس يشمل فن الشعر.

وقد وضح أبو نصر الفارابي "إن الموسيقى والشعر يرجعان إلى جنس واحد هو التأليف والوزن والمناسبة بين الحركة والسكون. فكلاهما صناعة تنطق بالأجناس الموزونة، والفرق بينهما واضح في أن الشعر يختص بترتيب الكلام في معانيه على نظم موزون، مع مراعاة قواعد النحو واللغة، أما الموسيقى فهي تختص بمزاحفة أجزاء الكلام الموزون، وإرساله أصواتا على نسب مؤتلفة بالكمية والكيفية في طرائق تتحكم في أسلوبها بالتلحين".

ولأن ارتباط الشعر بالموسيقى، وبالغناء تحديدا، قديم في التاريخ، فقد قدم الشاعر التونسي رمزي بن رحومة عرض موسيقي- شعري، شاركه فيه عازف العود السوري كنان اوفاري، وعازف الكمان السوري آبان زركلي.

تحدث العرض الذي أقيم في مطعم بيت جبري في منطقة القيمرية مساء الأربعاء 16/1/2008 والذي رعته مؤسسة لقاء التبادل والترويج الثقافي بالتعاون مع بيت جبري، عن قصة إنسانية عربية بصيغة شعرية- موسيقية غير تقليدية، حيث لم تكن الموسيقى ساند للشعر فقط، بل كانت تقول والشاعر يرد عليها وبالتالي خلق شيء من الحياة ومن التماهي ما بين الموسيقى وبين الشعر.

ترجم العرض مشاعر الشاعر رحومة في الوجود الموسيقي والشعري الذي كان أقرب إلى الفطرة منه إلى التكلف، والذي ظهر وكأنه متأصل في إحساسه بالشعر وتصوره له، كما ترجم على إجادة الشاعر في الوصول بالنص الشعري إلى مستويات راقية من الإتقان والروعة والذي ظهر من خلال السيطرة على النغم الموسيقي، والإحاطة بأسرار اللحن الشعري.

إذا كما يقال إن الموسيقى هي رفيقة الشعر في كل الأوقات فإن منها الموقّع وغير الموقَّع أو الفالت بلغة الموسيقيين، وقد يكون الشعر كربيبته الموسيقى موقّعاً حيناً وغير موقّع حيناً آخر تبعاً لما يستهوي الشاعر، ليس في هذا الاعتراض أي غرابة، فالموسيقى لغة فنية ومنها الموقّع وغير الموقَّع، والشعر لغة فنية أيضا ويمكن أن يكون منه الموقّع وغير الموقَّع.