فنانة مثقفة، شغوفة بالمطالعة، تلتقط عيناها ما يدور في محيطها من قصص وحكايات، فتطلقها أرواحاً حية بأسلوبها وألوانها.

"سراب الصفدي" فنانة تشكيلية استطاعت التميز والتفرد، من خلال تجربة فنية غنية تجاوزت العشرين عاماً، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 آب 2018، عن أبرز مصادر الإلهام لأعمالها الفنية، بالقول: «لا يوجد شيء يشاهده الإنسان إلا ويكون مصدر إلهام له، فما بالك بالفنان؟ وأنا أعدّ الأسرار التي يخفيها البشر والقصص التي تحدث فيما بينهم، كالروايات التي نقرؤها ونفكر في شخصياتها، نتخيل ونحلم، ثم نصحو صباحاً نسترجع ما حلمنا به، إن هذا مصدر إلهامي.

الرسالة التي أكتبها لم تنتهِ بعد، إنني أبحث عن دواخل النفس البشرية لأنها عوالم غامضة لن تنتهي عندي، هي هواجس وأفكار وحكايات طويلة وقصيرة دراما لحياتنا، تحتاج إلى كتّاب وشعراء حتى يسجلوا تفاصيلها

إن ذاكرتي ملأى بقصص كثيرة جمعتها من كل شيء حصل معي أو معك أو معه، إنها تجمع لقطع فسيفساء مكتوب على كل قطعة منها حكاية، لها شخصياتها القوية أو الجميلة أو الحزينة أو السيئة؛ كلها مجتمعة في لوحة، ونتاج تجارب داخلية وخارجية».

الفنانة سراب الصفدي

أما عن شغفها بالمطالعة، فأضافت: «لم أترك رواية حائزة على جائزة "نوبل" إلا وقرأتها، في البدايات كان بناء لوحاتي قائماً على شخصيات روايات قرأتها، كروايتي "زوربا" و"قصر المطر"، وكنت أقوم بدراسات لأبطالها، ورسم تكوين اللوحات والعمل عليها، فالإحساس الكبير بشخوص الرواية كان مصدر إلهامي».

بين المدارس الفنية التشكيلية اختارت "الصفدي" المدرسة التعبيرية؛ لكن بين التعبيرية الواقعية أو التجريدية، حيث أكدت بالقول: «هي أقرب إلى التعبيرية الواقعية، لأنها قصص من أرض الواقع، إذا لم تكن مشغولة من رواية حدثت في مكان ما. أما عن التجريد، فأنا بعيدة عنه نهائياً؛ فلوحة عندي تأخذ زمناً وجهداً، نعم أحياناً أعيد صياغتها بعد زمن، فأنا لا أوقع العمل إلا حين اقتناعي به، لكن هذا لا يحدث إلا نادراً، لأنني أحب بداية كل لوحة هي مرحلة تأسيس لنهايتها».

من أعمالها التشكيلية

معارض عديدة شاركت فيها "سراب الصفدي" فردية وجماعية، عنها تحدثت: «شاركت في العديد من المعارض الفنية، منها: معرض ثنائي في "بيت السباعي" عام 1998، ومعرض في مجمع "صحارى" عام 2001، معرض في "بيروت" عام 2002، ومشاركة في المعارض السنوية منذ عام 2000 حتى 2007، معرض ست فنانات تشكيليات في صالة "عشتار" عام 2004، معرض ست فنانات تشكيليات في صالة "فري هاند" عام 2005، معرض "اللوحة الصغيرة" و"شبابيك"، و"أوراق الخريف" في صالة "فري هاند" عامي 2006-2007، ومعارض جماعية عديدة كان منها معرض مشترك بمناسبة افتتاح صالة "ألف نون" مع "فؤاد أبو عساف" و"بديع جحجاح" عام 2016، وفي ملتقى "السلام والمحبة" عام 2017 في "اللاذقية"، وفي المدرسة الوطنية في "دمشق" وملتقى في "قلعة دمشق" عام 2017، إضافة إلى معارض خارجية هذا العام».

وفي النهاية، تحدثت عن رسالتها الفنية بالقول: «الرسالة التي أكتبها لم تنتهِ بعد، إنني أبحث عن دواخل النفس البشرية لأنها عوالم غامضة لن تنتهي عندي، هي هواجس وأفكار وحكايات طويلة وقصيرة دراما لحياتنا، تحتاج إلى كتّاب وشعراء حتى يسجلوا تفاصيلها».

عمل آخر

الفنان والناقد الفني التشكيلي "أديب مخزوم" تحدث عن الفنانة "سراب الصفدي" بالقول: «لوحاتها تبدو بمنزلة قراءات تشكيلية بصرية للرواية أو القصة، الشيء الذي يسهم في إزالة حالات العزلة القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور في العالم العربي، الذي لا يزال بشريحته الواسعة يميل نحو الأدب بسبب تراثه التاريخي الطويل والعريق والمتواصل خلال قرون.

ولوحاتها تستقطب جمهور الفن التشكيلي، وجمهور الأدب الروائي والقصصي في آن واحد، وهذا يسهم في تفعيل أجواء الحوار الثقافي بين الأدباء والفنانين، والارتقاء بحساسية الجمهور العربي، وبذلك فهي تبتعد عن المباشرة الخطابية في مظاهرها وإيماءاتها التعبيرية والرمزية، بقدر اقترابها من عوالم الحداثة التشكيلية من ناحية ارتكازها على خطوط عفوية ومساحات لونية مفتوحة على التقائية المركزة والعقلانية المنظمة للانفعالات اللونية الارتجالية والسريعة».

الفنانة والنحاتة "ربا كنج" تحدثت أيضاً عن "الصفدي" بالقول: «أعمال "سراب" وحي من الواقع وقصص الحياة، أعمال مركبة من مجموعة حكايات تلامس المجتمع وواقع المرأة السورية خاصة، تضيف إليها رؤيتها الخاصة عبر اللون وعجينة اللون والربط بين العناصر والأسلوب الذي يجعلها تنبض بالحياة، كل لوحة نتيجة عمل طويل ودراسات يجب الوقوف عندها للوصول إلى معانيها، أنا لدي انحياز لأعمالها؛ لأنها قادرة على ملامسة عواطفي ومن الممكن أن أجد نفسي ومحيطي فيها، أعمالها وليدة اللحظة ونحن بحاجة إلى مشاهدتها بلحظاتنا التي تتفاوت بين الأمل والانكسار، وبين الضوء والعتمة».

بقي أن نذكر، أن الفنانة "سراب الصفدي" من مواليد "دمشق" عام 1973، وتخرّجت في كلية الفنون الجميلة في "دمشق"، عام 1996.