الاتجاه الذي ازداد مؤخراً نحو إصدار الدواوين المشتركة ليس بالجديد على عالم الكتابة بوجه عام، حيث حملت الكثير من الكتب العالمية والعربية في الماضي أسماء عدة لمنتج إبداعي واحد منسجم في كل تفاصيله، إلا أن فكرة الديوان الشعري المشترك قد تختلف من ناحية لغة الجمع بين طيتي الكتاب، فالأعمال الأدبية هنا تكون منفصلة ومستقلة بحد ذاتها، وما يجمعها مع غيرها من الأعمال الرسالة والهدف وانسجام المضمون.

اختلف النقاد في التعاطي مع هذه الأعمال المشتركة بين مؤيد ومعارض، وتضاربت آراء أهل الوسط الثقافي حول أهمية هذه الأعمال ودورها في تطور الكتابة الأدبية أو عدمه، وأنا هنا لست بموقع الناقد لهذا النوع الأدبي، وإنما لتقديم نظرة عملية عن هذه الأعمال الإبداعية التي تحمل طابعاً مختلفاً من حيث الإنتاج.

العمل المشترك لشخصين أو أكثر في أي مجال من مجالات الحياة هو اتجاه نحو العمل الجماعي الذي يقوم أساس نجاحه على التفاهم والتعاون وتقارب الآراء والمنافسة البناءة، وأغلب الأحيان تكون نتائجه أفضل من العمل الفردي؛ لأن الخيارات فيه تحمل وجهات نظر مختلفة. وفي الديوان الشعري المشترك تحديداً يعدّ العمل الجماعي اتجاهاً نحو اختيار الأفضل دائماً، فالمنافسة تكون مباشرة وقريبة جداً، حيث يسعى كل شاعر إلى وضع نصه الشعري الذي يثق به أنه الأقدر على منافسة أي نص سيدخل هذا الكتاب ضمن الديوان المشترك، والتعاون سيكون على أكمل وجه؛ لأن كل شاعر طُبع اسمه على غلاف الكتاب يعنيه كل ما جاء فيه من نصوصه ونصوص غيره من الشعراء، وعليه النتائج ستكون مميزة بالفعل، وخاصةً إن كان المنتج النهائي ليس مجرد تقديم أي عمل وضمه إلى حبر السيرة الذاتية لمنفذيه، وإنما هو عمل حقيقي مؤثر، وله وزنه في مسيرة حياة هذا الشاعر أو ذاك.

وعليه، لا يُحكم على عمل من مجرد القالب الذي جاء فيه، وإنما الأهم التدقيق بالمضمون الذي يعدّ العمود الفقري الذي يقوم عليه أي عمل إبداعي، ولا يمكن القول إن الدواوين المشتركة تجارب ناجحة أو فاشلة من دون الغوص في التفاصيل الشعرية لكل ما جاء فيها، والوصول إلى حالة انسجام المضمون المطلوبة، ليحقق العمل المشترك رسالته.