بإرادته الكبيرة وموهبته التي رافقته منذ الصغر، استطاع التشكيلي "حنا غريب" أن يكوّن لنفسه خطاً فنياً رسم من خلاله بصمته الخاصة به، فأنتجت أنامله لوحات فنية مشبعة بالعاطفة واللون تحاكي الواقع.

"الفن هو التعبير الجمالي عن الواقع، لكونه لغة يستخدمها الإنسان ليعبر عن مكنوناته وأفكاره التي تراوده عبر الخطوط والألوان؛ وهو ما يجعل لها وقعاً كبيراً في نفس كل شخص يراها، ويتفاعل معها بصورة بصرية". هذا ما بدأ به حديثه لمدونة وطن "eSyria" الفنان التشكيلي "حنا عوض غريب" عندما التقته بتاريخ 21 نيسان 2018، ليحدثنا عن مسيرته الفنية، وتابع: «بدأت هوايتي بالرسم منذ الصغر، ففي المرحلة الابتدائية كنت أرسم على دفاتر الواجبات اليومية بقلم الرصاص، فمتعته الخاصة مكنتني من رؤية الواقع بنظرة تبرز الجمال في كل مشهد أقوم بتجسيده، وفي المرحلة الثانوية بدأت الرسم بالألوان الزيتية، حيث كنت أنقل أعمال ورسومات العديد من الفنانين، وكانت أول رسمة لي بالألوان الزيتية أيقونة للسيدة "مريم العذراء"، و"السيد المسيح"، كما أنني تعلمت الخط العربي على يد الخطاط "ميشيل إيليا الوز"، وطوال مراحلي الدراسية كنت مميزاً برسوماتي التي لفتت نظر أصدقائي والمعلمين وأهلي الذين شجعوني على دخول كلية الفنون الجميلة على الرغم من مصاريفها الباهظة، وخصوصاً أنني نشأت في بيئة متوسطة الحال، وكنت أعمل لتخفيف مصاريف الجامعة على أهلي، كما أنني اتخذت من مهارتي بالخط العربي مصدر رزق لي في تلك المرحلة، حيث كنت أخطط اللافتات، وبرأيي إن الفن سلاحنا لمواجهة الصعوبات».

شاهدت أعماله في المعرض الجماعي الذي شاركت به "تحية إلى تشرين"، ولفت نظري لوحة البورتريه التي رسمها للرئيس "بشار الأسد"، وكان عملاً متميزاً من حيث دقة الخطوط وتناغم الألوان، فهو فنان حقيقي يحاول أن يعكس فنه على لوحته البيضاء بطريقة مبتكرة

وأضاف: «كانت معظم أعمالي أقرب إلى الواقعية، قمت بتجسيدها من خلال اتباع الأسلوب الانطباعي الذي يعتمد تسجيل اللحظة العابرة التي تمر في أذهان الفنان لينقلها عبر ألوانه وريشته إلى اللوحة بأمانة كما يراها ويدركها، كما أن بحثي الدائم عن التنوع والاختلاف كان الدافع لتنوع موضوعاتي الفنية، فمنها ما جسد الواقع المعاش، ومنها ما قدم صورة جميلة للبيئة الدمشقية العريقة وحاراتها الأصيلة، كما رسمت لذوي الاحتياجات الخاصة لوحات جدارية لقرية "الطفولة السعيدة" في "طرطوس" بهدف رسم البسمة على وجوه الأطفال، إضافة إلى العديد من الأيقونات الدينية للكنائس، وقد تأثرت بالفن البيزنطي وألوانه الترابية، إضافة إلى الخط العربي بمدلولاته الجمالية وقيمته التعبيرية، لكنني وجدت نفسي في رسم "البورتريه" الذي فضّلته على غيره من الأنواع الفنية، لأن رسم الأشخاص يحتاج إلى الدقة في التفاصيل واستغراق عميق في المشاعر والانفعالات التي يحاول الفنان أن يجسدها عبره، فليس المهم أن نرسم وجوهاً بنسب صحيحة ودقيقة، بل على الفنان أن ينقل حالة الشخص الذي يرسمه وانفعالاته لحظة التقاط المشهد، وكان هذا الدافع للخوض في هذا المجال أكثر من غيره».

بورتريه مفعم بالحياة

ويقول "غريب": «للون دلالات واضحة في لوحاتي، وهي تدل على الحالة النفسية التي تنتابني وتجعلني دائم البحث عن ابتكار تراكيب لونية جديدة تظهر بمزيج متناغم يبتكرها الفنان لتعطي للوحة شعوراً بالعمق والشفافية، إضافة إلى أن اللوحة البيضاء تجذبني وأشعر بأنها تناديني عندما أقف أمامها لأعبث بألواني على سطحها محاولاً نقل العالم المحيط بي بريشتي وألواني من خلالها، فتصبح اللوحة نافذتي ومرآتي التي تنقل ما بداخلي من أحاسيس إلى العالم الخارجي، إضافة إلى أن الفن يتملك الإنسان بكل هواجسه ومشاعره، فهو يسيطر على عقلك وروحك، ويتحول إلى شغف وأسلوب حياة تجعل الفنان يصور العالم بطريقة جميلة ومبتكرة تظهر هوية الفنان وبصمته الخاصة، لكن لا بد من صقل الموهبة بالدراسة الأكاديمية أو الممارسة الطويلة، والاطلاع على النتاجات الفنية والفكرية التي تغني تجربة الفنان وتجعلها في مسارها الصحيح، وتكون كفيلة لتحقيق نتائج باهرة».

الناقد والفنان التشكيلي "جورج عشي" حدثنا عن معرفته بالفنان التشكيلي "حنا غريب" بالقول: «شاهدت أعماله في المعرض الجماعي الذي شاركت به "تحية إلى تشرين"، ولفت نظري لوحة البورتريه التي رسمها للرئيس "بشار الأسد"، وكان عملاً متميزاً من حيث دقة الخطوط وتناغم الألوان، فهو فنان حقيقي يحاول أن يعكس فنه على لوحته البيضاء بطريقة مبتكرة».

من أعماله "حارات دمشقية"

أمين سر الفنانين التشكيليين" أنور الرحبي" حدثنا عنه: «استطاع الفنان "حنا غريب" عبر تجربته في الفن الوصول إلى بناء لوحاته عبر اختياره للألوان بطريقة منسجمة ومتناغمة، مكنته من الوصول إلى نتاج جميل غني بالمساحات اللونية التي تأخذ المتلقي إلى أعماق اللوحة بهدف تحسين جمالياتها وقيمتها الفنية، بالإضافة إلى تميزه برسم البرورتريه، حيث رسم وجوه الأشخاص بأدق التفاصيل».

الجدير بالذكر، أن التشكيلي "حنا عوض غريب" من مواليد مدينة "القنيطرة" عام 1967، خريج كلية فنون جميلة، جامعة "دمشق" عام 1994.

أيقونة لسيدة الكنيسة "مريم العذراء"