لن تستطيع أن تزرع في شخص ما خصلة معينة ما لم تكن موجودة فيك؛ قاعدة قد لا نختلف عليھا كثيراً، لكن لا نعلم مدى صعوبة تطبيقھا ما لم نجربھا، ويظھر ذلك جلياً عند خيارات الطرائق المجدية للتربية الصحيحة للأطفال؛ فالأم التي تكذب كيف ستعلم أولادھا الصدق؟ والأب الفاسد كيف يربي أولاده على العمل الصالح؟

تلك الصفات السيئة قد لا يكتسبھا الأولاد من ذويھم لأسباب عدة، أھمھا تأثير المجتمع الإيجابي من حولھم، إلى جانب سعي الأھل إلى إبعاد أبنائھم عن الدائرة السلبية التي عاشوا فيھا، وقد تكون الظروف التي أحاطت بھم مختلفة كلياً عن ظروف من سبقوھم.

وفي المقابل يسعى الكثيرون من الأھالي إلى زرع بعض الخصال التي لا يمتلكونھا ويبذلون كل ما بوسعھم لتحقيق ما يحلمون به في أبنائھم، لكن بالعودة إلى العبارة الأولى، ھناك بعض الصفات لا يمكن اكتسابھا أو تعلمھا ما لم يكن الشخص المعلم يملك تلك الصفة. ومن تلك الصفات التضحية والعطاء، وتحدداً التضحية التي تعلمھا الأم لأبنائھا تجاه الوطن.

بوجه عام، من خلال مقارنة بسيطة نجد أن الأم التي تقبل أن تضحي بأي شيء من أجل وطنھا، لديھا ولد مؤمن بالتضحية وقادر أن يبذل روحه من أجل الدفاع عن أرضه، بينما الأم التي تتردد في التضحية بأولادھا فداءً للوطن، سيكون أولادھا أيضاً غير مستعدين للتضحية من أجل مقدسات الحياة.

وبتسليط الضوء على الحالة السورية - ليس فقط خلال السنوات السبع الماضية- وإنما على مر السنين، استطاعت الأم السورية أن تكون رمزاً للتضحية والصبر، وكانت قادرة على زرع ھذه الصفات في قلوب أبنائھا، وعلى الرغم جميع الخسارات التي تلقتھا، تمكنت من الاستمرار بالتضحية والعطاء وبذل كل ما تملك من أجل الوطن، وربّت وعلّمت أولادھا السير على ھذا النھج. ھذه ھي الأم السورية المعطاءة صاحبة التضحيات، التي لن تتغير، والتي نفتخر بھا ونحتفل بھا في عيد الأم، لتكون وقفة إجلال للأمھات اللواتي مھما قدمنا لھنّ لن نصل إلى جزء صغير من العطاء الذي بذلنه في سبيل أن يحيا الوطن.