اجتهد الموسيقي "أمين الخياط" في موسيقاه لتكون الانعكاس الجميل للفن والموسيقا في "سورية"، فكان عازف القانون الفذ والراعي لفنانيها مع بداية خطاهم الفنية.

التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 كانون الأول 2017، الموسقار "أمين الخياط" الذي استرجع الماضي، وقال: «في واحد من بيوت "العمارة" بـ"دمشق" نشأت وتربيت في كنف والدي الهاوي للموسيقا والصديق لأهلها، أمثال: "صابر الصفح"، و"رفيق شكري"، و"نجيب السراج"، وغيرهم، حيث اعتاد وإياهم اجتماعات السمر يوم الخميس من كل أسبوع، فتشربت الفن الأصيل، وتذوقت اللحن الجميل، كيف لا وقد عشت مع سهرات والدي وسمعت القصيدة والموشح والقد، وكل أصناف الموسيقا، وحلمت باليوم الذي أصبح فيه العازف والملحن، فتقدمت للالتحاق بالمعهد الموسيقي الشرقي لأكون من أوائل المسجلين فيه وأصغرهم، واجتهدت وتعلمت العزف والأوزان والضّروب والنوتة الموسيقية، وتدربت طويلاً في العزف على آلة القانون على يد العازف الشهير "محمد العقاد" وكذلك الاستاذ "ميشيل عوض"، وتخرجت في المعهد عام 1954، وعملت في تدريس الموسيقا، إلا أنني لم أجد نفسي بهذا المجال فتركت التدريس، فكانت أول محطات العمل لدي في "بيروت"، حيث شاركت المطربة "سعاد محمد" حفلاتها كعازف لمدة عام كامل، وفيما بعد عينت في إذاعة "حلب" لتكون لي الخبرة من موطن الطرب وأهله، ولتكون لي كذلك فرقتي الموسيقية الأولى "الأوتار الذهبيّة"، ولحني الأول لأغنية "كل ما تخطر على بالي"؛ كلمات "شاكر بريخان"، وغناء الثنائي "مها الجابري" و"سمير حلمي"».

الفنان "أمين" حالة لن تكرر؛ فقد قدم بفنه الأصيل الكثير للفن والفنانين، وقدم بعلمه وخلقه الأكثر، فكما علوم الفن التي تلقيتها منه كانت له بصمته في حياتي على المستوى الشخصي، فكانت ثقتي بنفسي كما هي ثقته بنفسه، وتعلمت من أناقته في علاقاته وحديثه، وكذلك في التصرف واللباس، تعلمت منه الكرم والسخاء مع الصغير قبل الكبير، وهو الذي حقق لنفسه الحضور على طول الساحة الواسعة التي تجاوزت "سورية"؛ وهذا ما كنت ألمسه أنا والفرقة في البلد وعلى حدوده وفي كل المناطق المجاورة، فقد كنا معه في الكثير من البلاد والدول

ويتابع الفنان "أمين" متحدثاً عن عمله بعد عودته من "حلب"، فيقول: «عدت إلى "دمشق"، وعينت في مديرية المسارح التابعة لوزارة الثقافة عازفاً لآلة القانون، كما كان اسمي ضمن المجموعة التي كُلفت بتأسيس المعهد العربي للموسيقا، إلا أن عقد العمل في "أوروبا" أخذني لمدة ثلاثة أعوام تقريباً جبت بها مجموعة من الدول الأوروبية، لأتركها وأعود عام 1963، والتقيت رفاقي في الإذاعة التلفزيون وعرفت بمعاناتهم في البحث عن فرقة موسيقية تلبي حاجة برامج المنوعات لديهم، فكان سعيي لإنشاء فرقة "الفجر"، فتوجهت إلى زملائي العازفين في المعهد، وانتقيت عدداً من العازفين الناشئين، وبدأنا التدريب والعمل وانطلقنا بفرقتنا وأثبتنا حضورنا، ومع مرور الوقت كان لنا مكاننا في كل الحفلات التي تقام في "سورية"، لنتجاوزها إلى مجمل دول الوطن العربي، لتكون هذه الفرقة حاضرة وفي متناول كل مطرب وفنان قادم إلى "سورية"».

الفنان أمين الخياط وفرقته

يتابع الفنان "أمين" حديثه، ويقول: «من أهم محطات عملي تلك التي عملت فيها مع الفنانة "ميادة الحناوي"، حيث بدأت معها من أول انطلاقتها لنستمر بالعمل معاً لمدة خمسة عشر عاماً. وبعيداً عن الموسيقا وشجونها توليت مجموعة من الأعمال الإدارية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، كرئيس لفرقة الإذاعة والتلفزيون، ومراقب لبرامج التلفزيون الموسيقية، ورئيس الدائرة الموسيقية، ومستشار لشؤون الموسيقا في الهيئة، كما كان لي المشروع الذي عملت فيه مع الفنانين "عمر حجو" و"جميل ولايا"؛ وهو إنشاء نقابة الفنانين، وقمنا بإعداد القوانين وتنظيمها عام 1967، وكنت فيها نائب نقيب مرة، ونقيباً لثلاث مرات».

يحدثنا الفنان وعازف الكمان "هادي بقدونس" عن الفنان "أمين الخياط"، وهو له بمنزلة الأب الروحي، فيقول: «الصداقة التي جمعت والدي الفنان "عبد الحليم بقدونس" بفناني تلك المرحلة من "عبد الفتاح سكر" و"ميشل عوض" و"راشد الشيخ" و"أمين الخياط"، جعلتني أعيش جو الفن والموسيقا وأتنفسه، ودخلت الإذاعة وأنا في الثالثة عشرة تقريباً، وحازت موهبتي المتميزة بالعزف انتباه الفنان "أمين" واهتمامه، فكانت رعايته لي ومنحني مقعدي بين أعضاء فرقته "الفجر"، وكنت من المشاركين في حفلاته لأستطيع بعد مدة وجيزة أن آخذ مكاني في الصفوف الأولى للفرقة مع الموسيقيين الكبار، واستمر دعمه لي ورعايته وتشجيعه لأكثف التدريب والتعلم والمثابرة على العمل، فجعل مني "سو ليست" فرقته؛ أي العازف الأول فيها، وكانت ثقته بي وبما قدمه لي كبيرة لدرجة أنه لم يتوانَ عن تسليمي قيادة فرقته في الوقت الذي كان فيه يعمل خارج البلاد، وكان لي أن أقود الفرقة وراء الفنانة الكبيرة "ميادة الحناوي"، وبعد عودته شاركني وإياه قيادة الفرقة في مجمل حفلاته».

الفنان هادي بقدونس

يتابع "هادي بقدونس" عما أخذه من الفنان "أمين"، ويقول: «الفنان "أمين" حالة لن تكرر؛ فقد قدم بفنه الأصيل الكثير للفن والفنانين، وقدم بعلمه وخلقه الأكثر، فكما علوم الفن التي تلقيتها منه كانت له بصمته في حياتي على المستوى الشخصي، فكانت ثقتي بنفسي كما هي ثقته بنفسه، وتعلمت من أناقته في علاقاته وحديثه، وكذلك في التصرف واللباس، تعلمت منه الكرم والسخاء مع الصغير قبل الكبير، وهو الذي حقق لنفسه الحضور على طول الساحة الواسعة التي تجاوزت "سورية"؛ وهذا ما كنت ألمسه أنا والفرقة في البلد وعلى حدوده وفي كل المناطق المجاورة، فقد كنا معه في الكثير من البلاد والدول».

الفنان "أمين الخياط" عازف قانون من أمهر العازفين، وملحن من أمهر الملحنين، ومايسترو علّم أجيالاً كثيرة ودربها ووضعها على درب النجاح، وهو من مواليد "دمشق" عام 1936.