تحتل الرواية الحصة الأكبر ضمن كتاباته، مع إتقانه لكافة الفنون الأدبية الأخرى، فهو متعدد الهوايات، ويتقن فنون الكتابة الشعرية والنثرية. يعشق الرسم، والخط العربي، ليصمم بنفسه أغلفة كتبه كما لم يفعله المحترفون.

تعلم أن الكتاب والحياة هما المعلمان العظيمان حتى نهاية العمر، فالأديب "محمود خيتي" المقيم حالياً في "تركيا"، تحدث لمدونة وطن "eSyria" التي تواصلت معه بتاريخ 30 تشرين الثاني 2017، عن بداياته بمجال الأدب بالقول: «ولدت لدى أسرة كرست حياتها لطلب العلم وحب الوطن، وتعلمت منها أن الكتاب أثمن كنز في الحياة، فجدي "أبو عمر خيتي" الشاعر المجاهد الذي شارك في معركة "ميسلون"، إلى جانب كونه صديقاً لكبار الأدباء والشعراء آنذاك. في هذه الأجواء المفعمة بالحياة الأدبية كنت أمد قامتي الصغيرة للوصول إلى الكتب في مكتبة جدي، فأختلس النظر إلى عشرات الكتب، ولم أكن قد تعلمت القراءة والكتابة بعد، وفي مرحلة التعليم الأساسي أطلتُ التحديق في كتاب القراءة، حيث جذبتني الدروس التي تحوي القصة والنشيد، فكانت عشقي الأول الذي حملته في ذاكرتي. ولطالما وقفت أمام ضيوف جدي الكبار لأنشد ما أحفظه من أشعار المدرسة؛ لم أكن أدرك حينئذٍ أن الحب الكبير للشعر والقصة قد بدأ يتكون لدي، ولم أكن قد غادرت المرحلة الابتدائية بعد. في المرحلتين الإعدادية والثانوية عرضت محاولاتي الأولى على أساتذتي، ولم أتهيب الوقوف أمام مئات الطلاب لألقي قصائدي في بعض المناسبات. وفي عام 1968 نشرت أولى قصائدي في مجلة "صوت فلسطين".

منذ البداية أحببت السرد بأنواعه، كما عشقت الشعر قديمه وحديثه، لهذا أجدني عن غير قصد أكتب قصة قصيرة، وتأخذني الفكرة إلى التعبير الشفوي، فأكتب مسرحية شعرية للأطفال، أو تلح عليَّ الأفكار لأجد نفسي أخطط لرواية، ومن يوم إلى آخر أدع ما أنا فيه، حيث يتغلغل إلى ذهني قصيدة، وينسل المقطع، وبعده مقطع لأكتب بضعة أبيات، أو ربما قصيدة مطولة. لكن الرواية هي النوع الأدبي الرحب الذي وجدت به ضالتي، ففي الرواية أكتب شعراً، وقصصاً، وشعوري بقصور الأنواع الأدبية ما عدا الرواية لنقل ما يعتلي بداخلي يبدو لي مسوغاً تحت وطأة الهموم التي نعيشها، وفي جعبتي العديد من الكتب للأطفال، وأخرى للكبار في النظرة إلى الحياة واللغة والأدب والنقد الأدبي

كان دخولي إلى الجامعة عام 1971، وكنت حينئذٍ ضمن مجموعة من الطلاب، نلقي القصائد في مقصف "الأزروني" بجامعة "دمشق"، وفي تلك المرحلة عملت معلماً في إحدى القرى لأجمع بين العلم والتعليم؛ وهو ما أكسبني خبرة انعكست في كتاباتي متأثراً ببيئة الأطفال؛ علمتهم تذوق العلم، والمعرفة، وبدورهم علموني معاني البراءة، واستمريت بالكتابة في مراحل دراساتي العليا، حيث فازت قصائدي في مسابقة نقابة المعلمين، ونشرت آنذاك في مجلة "بناة الأجيال"».

روايته الأخيرة "حبتان من القمح"

وعن الأنواع الأدبية التي يكتبها، يضيف: «منذ البداية أحببت السرد بأنواعه، كما عشقت الشعر قديمه وحديثه، لهذا أجدني عن غير قصد أكتب قصة قصيرة، وتأخذني الفكرة إلى التعبير الشفوي، فأكتب مسرحية شعرية للأطفال، أو تلح عليَّ الأفكار لأجد نفسي أخطط لرواية، ومن يوم إلى آخر أدع ما أنا فيه، حيث يتغلغل إلى ذهني قصيدة، وينسل المقطع، وبعده مقطع لأكتب بضعة أبيات، أو ربما قصيدة مطولة. لكن الرواية هي النوع الأدبي الرحب الذي وجدت به ضالتي، ففي الرواية أكتب شعراً، وقصصاً، وشعوري بقصور الأنواع الأدبية ما عدا الرواية لنقل ما يعتلي بداخلي يبدو لي مسوغاً تحت وطأة الهموم التي نعيشها، وفي جعبتي العديد من الكتب للأطفال، وأخرى للكبار في النظرة إلى الحياة واللغة والأدب والنقد الأدبي».

وعن أهم اصداراته، يتابع: «استمريت بالكتابة إلى جانب رحلتي في التدريس، ونشرت القليل مما أكتب في الصحف والمجلات العربية في التسعينات، كما أصدرت في "دمشق" ثلاث مجموعات شعرية، ومجموعة قصصية، عكفت بعدها لكتابة مجموعة قصص للأطفال. وفي عام 1988، كتبت قصيدة "مذكرات شهيد" التي حازت المركز الأول في مسابقة على مستوى الوطن العربي. واليوم وبعد التقاعد منحت نفسي ما كنت أتوق إليه، وهو التفرغ للكتابة؛ فهي المجال الذي أجد به نفسي وراحتي، ففي عام 2015 صدر لي ديوان "الشام في عيني" في "الشارقة"، ثم ديوان "تسبيح قلب" في "بيروت"، وفي العام نفسه رواية "حبتان من القمح"، لأنشر بعد ذلك في صيف 2017 مجموعة قصصية للشباب بعنوان: "هاتف منتصف الليل"، ومجموعة بعنوان: "اغتيال القمر الطالع"، وقد نُشرتا عبر منصة إلكترونية عالمية في تجربة جديدة. وما زال في رصيدي نصوص كثيرة لم تنشر بعد».

قصائد تعبر عن حنينه إلى الوطن

ومن قصيدته بعنوان: "سحر عينيك يا دمشق" بعض الأبيات:

أُلامسُ سِحرَ عينيكِ افتتانا

"هاتف منتصف الليل" مجموعة قصص للشباب

فأبقى تحتَ أسرِهما زمانا

كأني حين أغفو مُستهاماً

بذكر دمشقَ ألمحها عِيانا

تَفرَّد حبنا معنى عجيباً

وِسرّاً ليس يعرفُهُ سوانا

كلانا يا دمشقُ لهُ حنينٌ

إلى بيت سَقيناهُ الحنانا

لَعَمرُكَ ما نسيتُ دمشقَ دَهري

فتلكَ دمشقُ أنجَبَت الزمانا.

"علي الكردي" أديب ومدرّس مادة اللغة العربية في جامعة "دمشق"، وهو مطلع على مسيرة "محمود خيتي" الأدبية، يقول: «تعود صداقتي مع الأديب "محمود" إلى بداية الثمانينات عندما كنا نُحضِّر لرسالة الماجستير، كان حينئذٍ مدرّساً في إحدى مدارس "دمشق"، عرفت فيه الإنسان الخلوق، كما وجدت به الشاعر الملتزم بقضايا وطنه، كان لي نصيب بحضور بعض الأمسيات الشعرية التي كان يحييها على مدرج كلية الجامعة، حيث كان شعره يلقى استحسان النقاد والحضور. برع في كتابة الشعر بأنواعه (التقليدي، والتفعيلة، والمنثور) بلغة سليمة وصور جميلة، فضلاً عن موهبته بالسرد والرواية، كما أبدع في روايته الأخيرة "حبتان من القمح" التي تعد علامة فارقة في إنتاجه الأدبي، حيث تؤرخ لمرحلة مهمة من بلاد الشام في القرن التاسع عشر، وتوضح العلاقة العضوية بين "دمشق" و"القدس"، يستمد أحداثها من التاريخ ممزوجة بالخيال الروائي عند كاتب مُتمرِّس جعلنا نتشوق لروايته الثانية التي يعكف على كتابتها اليوم».

يذكر أن الأديب "محمود خيتي" من مواليد "دمشق" عام 1952، حاصل على إجازة ماجستير باللغة العربية، ودبلوم تأهيل تربوي من كلية "التربية"، عضو النادي الأدبي الثقافي في "جدة"، عضو رابطة الشعراء العرب، ومن كبار المدققين اللغويين على الشابكة، حاصل على العديد من الجوائز الأدبية والشعرية في مهرجانات داخل وخارج "سورية".