كاتب اتخذ لنفسه مداراً فكرياً متميزاً استند من خلاله على قواعد فلسفية، فقدم نصوصاً فريدة استطاعت أن تشجع القارئ على البحث في الذاكرة والقفز السريع خلف ضوء المعنى.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 تشرين الثاني 2017، تواصلت مع الكاتب "فهد خالد حلاوة"، الذي قال: «أنا ابن الريف الدمشقي، ولدت وترعرعت في أحضان أسرة فلاحية بسيطة، تعتمد على ضمان الأشجار المثمرة، غير متعلمة، وأنا الوحيد الذي صمّم على التعلم والمثابرة، كنت أدرس وأعمل مع العائلة صيفاً، حتى نلت الشهادة الإعدادية، وانتقلت إلى ثانوية التجارة في العاصمة، هنا بدأت أتمرد علناً على عادات الريف الدمشقي الشرقي، فأنهيت المرحلة الثانوية بإنجاز رائع، حيث حصلت على الثانوية التجارية مع الثانوية الأدبية في الدورة نفسها؛ نظراً لتماثل أكثر المواد والفارق الزمني في تقديم الامتحانات بين الفني والعامة، سجلت في كلية الحقوق بشهادة الفرع الأدبي، والمعهد المصرفي بشهادة التجارة، وكان حديث النشأة، تم فصلي من المعهد بسبب الازدواجية، وتابعت في الحقوق، وتوظفت في إحدى مؤسسات القطاع العام، وبعد مدة قررت السفر، وتحديداً إلى دولة "الإمارات"، وهناك خدمت خمسة وعشرين عاماً، أنجزت فيها 227 قصة قصيرة لم ترَ الضوء حتى الآن، ثم عدت إلى الوطن أواخر عام 2007، لم أجد كتاباً واحداً في مكتبتي التي كانت زاخرة، حيث تم إحراقها عمداً من قبل أخ أصغر مني، فبدأت جمع الكتب حتى وصلت الآن إلى 700 كتاب منوع».

هناك من يعدّ الأسطورة شائعة، لكنها تتميز ببعدها الفلسفي العميق وأبطالها هم آلهة أو أنصاف آلهة، أما التمييز الواضح، فظهر بين الأسطورة والحكايات الشعبية التي اهتمت بالبطل الاجتماعي وليس الخرافي الخارق، يعني الحكاية الشعبية أكثر واقعية، ويبقى البطل هنا أقرب إلى الناس العاديين

عن الكتابة قال: «الكتابة كالينبوع تتفجر بعد أن تمتلئ العروق بالوعي والثقافة والفكر، لقد تفجرت عندي في الغربة، ومازلت متفرغاً جزئياً لإتمام رسالتي الفكرية.

الكاتب أثناء توقيع كتابه

الإبداع الأدبي مرتبط تماماً بالموهبة والفكر والوعي والثقافة المتنوعة أو العامة، إلا أن الموهبة وحدها لا تكفي من دون الثقافة المثقلة والاحتكاك والنشر.

الفضل في انطلاقتي يعود إلى الأديب "يحيى أبو فارس" صديق العمر، ومازلنا في خندق واحد.

باكورة أعماله "عودة العنقاء"

بدأت كتابة القصة القصيرة جداً ونشرها في الرابطة العربية في "المغرب" إلى أن تم إنشاء الرابطة السورية للقصة القصيرة جداً، فنلت جوائز كثيرة جداً، وشاركت بالكتاب الورقي الذي صدر في مصر باسم "قصص عربية بلا حدود" برعاية "صابرين صباغ" والناقد الفذ "أحمد طنطاوي".

كما شاركت بالديوان السوري المفتوح بعدة قصص قصيرة جداً، ونشرت لي عدة قصص في "الأسبوع الأدبي"، وصحيفة "الثورة"، و"البناء" اللبنانية و"القصة" المصرية، وشاركت بعدة محاضرات وأمسيات في المراكز الثقافية.

الأستاذ "محمد الحفري"

عندما يكتب الكاتب يشعر بأن هناك من ينتظره من القراء الافتراضيين والحقيقيين، تاركاً لهم الحرية في قبول النص أو تأويله أو رفضه وفق وعيه وتفكيره وثقافته، والكاتب لا يكتب جيداً إلا إذا فكر بالقارئ».

عن الفرق بين الأسطورة والحكاية الشعبية، قال: «هناك من يعدّ الأسطورة شائعة، لكنها تتميز ببعدها الفلسفي العميق وأبطالها هم آلهة أو أنصاف آلهة، أما التمييز الواضح، فظهر بين الأسطورة والحكايات الشعبية التي اهتمت بالبطل الاجتماعي وليس الخرافي الخارق، يعني الحكاية الشعبية أكثر واقعية، ويبقى البطل هنا أقرب إلى الناس العاديين».

فيما يتعلق بمجموعته القصصية "عودة العنقاء"، قال: «صدرت مجموعة "عودة العنقاء" عام 2016، صمم الغلاف الدكتور "طلال معلا"، والرسومات الداخلية الفنان القدير "عادل خضر". قدم للمجموعة عدد من الكتاب منهم "أحمد طنطاوي" من "مصر"، و"رجاء بقالي" من "المغرب" و"محمد الحفري" من "سورية". عدد القصص القصيرة جداً 97، الحوارات القصيرة جداً، 6 قصص قصيرة، أما الإخراج الفني، فكان لـ "مها حسن"، وتم حفل توقيع المجموعة بالمركز الثقافي العربي في "أبو رمانة" بدراسات قدمها كلاً من "سهيل الذيب" و"حسين الرفاعي" و"خالدية المعيجل"، الطبعة الأولى صدرت عام 2016، الطبعة الثانية صدرت عام 2017».

عنه قال الكاتب والروائي "محمد الحفري": «القصة القصيرة جداً هي فن صعب المراس؛ لأنها تعتمد الدهشة والمفارقة والتكثيف ومقومات أخرى كثيرة، وتحتاج إلى ثقافة عالية جداً قبل كل شيء، فاستعمال الرموز والأشياء الدالة عليها والمتعلقة بها أمر صعب للغاية، والأسماء التي أصدرت أعمالاً قصصية من هذا النوع أو الجنس في "سورية" حسب معرفتي واطلاعي قليلة ومحدودة جداً، وقد لا تتجاوز أصابع اليد، وقصص الجميل "فهد" من بينها.

الكاتب "فهد خالد حلاوة" الذي تنبع الحلاوة ذاتها من نصوصه جمع في "عودة العنقاء" بين الميثولوجيا والتاريخ ليسقطه على الآني والحاضر ويستشرف معه المستقبل، وهي مجموعة تشرع نصوصها بوابة الأسئلة، حيث يشتغل ببراعة على جمالية الكلمة الوارفة ظلالها والعابقة برائحتها كما جدائل صبية في مقتبل العمر، ولو أردت التحدث عنها لتحدثت طويلاً، فكل نص منها يحتمل التأويل والتفسير والشرح، وربما عدة قراءات قد يكون من بينها ما يخالف ويوافق ويتماشى مع هذا الرأي، ولا ضير في ذلك، فتلك سمة من سمات الأدب الناجح الذي يجنح نحو الإثارة ليستدرج جدلاً قد يوافيه ويعطيه حقه في معانٍ كثيرة».

يذكر أن الكاتب "فهد حلاوة" من مواليد مدينة "عربين"، عام 1957.