دخلت عالم الأدب بعمر متأخر، لكن ما عاشته من أوجاع ومآسٍ ألمت بالوطن وأفراده، كان المحرض لكتابة حروف كلماتها التي تعبر عما تراه وتعيشه.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأديبة "ناديا إبراهيم" بتاريخ 9 تشرين الأول 2017، فقالت: «نشأت في بيئة لا يقرأ فيها الأب والأم، لكنهما يؤمنان إيماناً عميقاً بأن التحصيل العلمي والدراسة، هما الركيزة الأساسية للنجاح في الحياة، وهما المستقبل الزاهر للخلاص من منغصات الحياة وعثراتها، حين بلغت سنّ النضج أحببت المطالعة وشغفت بها، لكنني لم أجد في بيتنا أي معلم ثقافي، أو كتاب يرضي شغفي بالقراءة والمطالعة، والكتاب الذي كنت دائماً أقلّب صفحاته هو القرآن الكريم؛ وهذا دفعني في سنوات الدراسة إلى استعارة بعض الكتب، مثل "ألف ليلة وليلة" من المكتبة الظاهرية، إضافة إلى شراء بعض الكتب والمجلات المتناثرة على الرصيف من مصروفي اليومي الذي لا يتجاوز بضع ليرات أجرة للحافلة، واستهوتني روايات كبار الكتاب، مثل: "نجيب محفوظ، إحسان عبد القدوس، يوسف إدريس"، وغيرهم، فتعلقت نفسي المشاغبة بالمطالعة والقراءة، فعملت على الاستمرار بها بعد سنوات التخرج، بداياتي مع الأدب كانت بعمر الثلاثين. أذكر أنني كتبت في المرحلة الثانوية قصيدة عمودية مؤلفة من ستة أبيات، لكنني لم أجد صوتاً يستمع إلى صهيل كلماتي، أو يداً تمتد إليَّ لتأخذ بيدي، لأواصل مسيرة الكتابة، فمزقتها في لحظة صدق غمرني بها شعور بأن الكتابة لا جدوى منها في بيئة لا تعترف بالهوايات، وبعد الزواج حباني الله بزوج مثقف، فكان بمنزلة قنديل النور الذي أضاء الدروب أمام موهبتي وحثّني على القراءة والمطالعة، قرأت لـ"غادة السمان، وكوليت خوري، وقمر كيلاني، واعتدال رافع، وتشيخوف، ودوستويفسكي"، وغيرهم ممن أبدعوا في مجال القصة القصيرة والرواية. بداياتي كانت مع القصة القصيرة الفن المستقل القائم بذاته، حين أكتبها أشعر بالراحة، فأفكاري تختار الفكرة المناسبة لأجسّدها بشخصيات ربما أتقمص دورها في السرد الحكائي، فأنا فيها أكتب عن جرحي، ومأساتي في اللجوء التشرد عن الوطن الأم "فلسطين"، وتكاد تكون شخصيات قصصي ممن يتلبسهم الهمّ والحزن والفقر، وأتعذّب أحياناً حين لا أجد الكلمات التي أحمّلها زخم مشاعري وجموع رؤيتي. في مجموعتي "لوحات من أرض الوطن" سلطت الضوء بأسلوب مباشر وواضح على مجريات الحرب التي اجتاحت الأرض السورية الحبيبة، وعلى الأعمال الوحشية التي فتكت بكثير من القرى والمدن السورية والمخيمات التي تقع في كثير من المحافظات السورية، وقد لا تخلو قصة من قصصي من الأسى والحزن والمواجع التي أصابت البشر والحجر والشجر، وأخذت كثيرين من الأحباب، كما كانت لي تجربتي في كتابة الرواية قبل تأجج الحرب في "سورية" بموضوعها الاجتماعي الذي غاص بعالم المرأة ومعاناتها في الحياة اليومية. حالياً لدي رواية في طريقها للطبع، وقد ركزت فيها على الحرب السوداء التي اجتاحت الوطن الحبيب "سورية"، ودور المرأة الصلبة التي تدافع عن أسرتها وعملها في آن واحد، تكمن أهمية الرواية في كونها الامتداد الفني للقصة، والأوسع في التعبير عما أرغب بالتعبير عنه، هي كالحب تكون أو لا تكون حين تولد متأججة في نفس الكاتب، معظم أبطال روايتي التي كتبتها أحياء في خاطري؛ لأنهم من لحم ودم حقيقيين، ولأنني أجزم أن مهمة الكاتب تكمن في إرسال الضوء لكشف مجرات النفس البشرية بكل صدق وجرأة وشجاعة».

الشعور بالفرح، والاعتزاز بالنفس، والتقدير لما أنجزه الكاتب من إبداعات في جميع المجالات، هو المحفز والدافع للسير إلى الأمام والاستمرارية في عملية الكتابة والإبداع. وقد نلت عدة جوائز أدبية على مستوى "سورية"، منها: جوائز: "البتاني، الجولان للإبداع الأدبي، ميسلون، الخميني، مجلة المرأة العربية"

وتابعت عن مشاركاتها: «نشر لي عدد من القصص القصيرة في صحف "البعث، والأسبوع الأدبي، والموقف الأدبي"، إلى جانب المقالات التي تأخذ منحى السيرة الذاتية المختصرة لبعض الأدباء الكبار تم نشرها في مجلة "صوت فلسطين" الصادرة في "دمشق"، وشاركت ببعض الندوات التي يقيمها اتحاد الكتاب الفلسطينيين وغيره، المشاركات قدمت لي اطلاعاً على ما يقدمه الأدباء من نصوص جديدة، والمشاركة في عملية النقد التي تقام نهاية كل جلسة، وما يثار حولها من أجل الفائدة».

من إصداراتها

وقالت عن رأيها بالمنتديات الإلكترونية: «لست مع هذه الظاهرة فيما إذا كانت أقرب الطرائق إلى الشهرة، لكونها ظاهرة ساهمت في تفشي كثير من النصوص الأدبية الغثة التي أدت إلى انحطاط مستوى الأدب في مجالاته المتعددة، والتركيز على الكثير من الأسماء ومجاراتها في كتاباتها، خاصة النصوص التي كتبت بالعامية التي لا تضيف إلى الأدب والفكر إلا الإفلاس والإخلال من قيمة النص الأدبي وحرفيته، لكنها وسيلة تواصل للتعريف بنتاج الآخرين من الأدباء، وإبراز بعض المواهب الشبابية التي لا تستطيع الوصول إلى نشر نتاجها في كثير من الصحف المحلية التي تعنى بالمواهب الأدبية الناشئة لأسباب عديدة، هذه المواقع لا تغني عن الكتاب الأصلي المطبوع، فهو جوهر المتعة للقارئ».

وتضيف عن الهواية الأدبية: «لا بدّ من تنمية الهواية الأدبية عند أهل الهواية، وصقلها بالقراءة والمعرفة والاطلاع على كل ما يصدر حديثاً من نتاجات أدبية، وأنصح الكتّاب الناشئين بالتريث في طباعة نتاجهم الأدبي لتكتمل موهبتهم الأدبية وتصل حدّ النضج الفكري والإبداعي، حيث الإبداع وسيلة للتعبير عن الذات البشرية، وحالة توثيقية للمجريات التي تحدث على الأرض في جميع البيئات الحياتية والمجالات التاريخية والسياسية والثقافية».

خلال إحدى مشاركاتها الأدبية

والتكريم بالنسبة إليها هو: «الشعور بالفرح، والاعتزاز بالنفس، والتقدير لما أنجزه الكاتب من إبداعات في جميع المجالات، هو المحفز والدافع للسير إلى الأمام والاستمرارية في عملية الكتابة والإبداع. وقد نلت عدة جوائز أدبية على مستوى "سورية"، منها: جوائز: "البتاني، الجولان للإبداع الأدبي، ميسلون، الخميني، مجلة المرأة العربية"».

عنها قال القاصّ والروائي "حسن حميد": «كاتبة لديها مقدرة كبيرة على تمثل الواقع، وروح تعيش ما يكابده الآخرون من أحزان وأحلام في آن، إنها إضافة حقيقية ومهمة إلى الأسماء النسوية التي تكتب أدباً رصيناً يدل على عمق ثقافتها ووعيها بما وصلت إليه تقنيات السرد الحديث، وما يتطلبه النص الإبداعي من صدق وإقناع وجمال ومتعة وأهداف، قاصة تشق دربها الإبداعي بالثقة والمحبة الكاملتين».

الأديب حسن حميد

وأضاف الأديب "محمد عادل": «"ناديا" تجسّد أسلوبها بنقل صورة أمينة تسجيلية عما حدث من وقائع، صورها مفعمة بالوطنية للمكان والزمان الذي هو فيه حبها للأرض والأصدقاء والآخرين، أشعر بأنها خطت طريقها بعملها، وهو يستحق القراءة والدراسة، فهو أدب تسجيلي، سجلت وقائع عالية المستوى، نقلت صوراً كأنها تحدث أمامنا، أدبها حقيقي، وهو الأدب الذي يكتب في اللحظة المناسبة».

يذكر أن "ناديا إبراهيم" من مواليد "الجولان" عام 1961، تحمل دبلوم تربية.