تأسيس مبادرة ثقافية تطوعية تتوجه إلى مستقبل "سورية" من خلال بناء براعمها لاكتشاف المبدعين والمتميزين منهم، وإعطائهم الفرصة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم ليعبروا عن مواطن إبداعهم ويطوروها؛ وهو ما يؤدي إلى بناء جيل واعٍ مثقف وقارئ ومفكر ومحلل ويسمع الآخر ويحاوره.

بتاريخ 26 آب 2017، حضرت مدونة وطن "eSyria" إحدى جلسات برنامج "نقرأ.. نفكر.. نتحاور" الدورية في المركز الثقافي في "أبو رمانة"، والتقت صاحبة هذه المبادرة الثقافية الموجهة للطفل الكاتبة والأديبة "سوسن رجب"، التي قالت: «أصبح عمر المبادرة خمس سنوات، بدأت في المركز الثقافي في "أبو رمانة" في 5 أيلول عام 2013، باسم: "ورشة الأصدقاء"، وكان شعارها: "لنحب بعضنا بعضاً أكثر من أجل سورية أجمل وأقوى"، ثم تطور الاسم إلى: "ورشة تفاعلية"، وكان التطور بالتشاور مع الأطفال لأن الحق الأول لهم، أما العنوان الثالث، فكان: "جلسة حوارية"؛ لأن الأطفال كانوا يقولون عندما نأتي إلى هنا يقول لنا الأهل إنكم ذاهبون إلى ورشة نجارة أو حدادة، وفي البحث العلمي التجربة تقود إلى مراحل جديدة وإجابات يطرحها البحث، وهذه التجربة تطورت بفضل الشركاء؛ المبادرة والمركز الثقافي لكونه الحاضنة الآمنة والأطفال مع الأهل، ولأن الأفكار تطور ذاتها عبر التجربة أصبح العنوان: "نقرأ.. نفكر.. نتحاور" نتيجة تطور المحتوى، فلا يمكن أن يتطور عقل الإنسان إلا بالقراءة؛ فهي معادلة أولها القراءة، ثم التفكير، يليه الحوار، ونعلم الطفل الاستماع إلى الرأي الآخر والتشاور والتحاور والإنصات، وهذه المبادرة تحقق أهدافها، والتقويم يتم أمام أعين الجمهور، وأنا أراهن على أن الأطفال الذين يحضرون سيكونوا فاعلين في المستقبل».

الإعلام شريك أساسي؛ فهو يستضيف الأطفال المبدعين ويشجعهم، و يوصل الصوت إلى أبعد مدى؛ فالمبادرة يستفيد منها 300 طفل على سبيل المثال، أما عبر الإعلام، فيستفيد منها المئات، بل الآلاف

وأضافت: «الإعلام شريك أساسي؛ فهو يستضيف الأطفال المبدعين ويشجعهم، و يوصل الصوت إلى أبعد مدى؛ فالمبادرة يستفيد منها 300 طفل على سبيل المثال، أما عبر الإعلام، فيستفيد منها المئات، بل الآلاف».

الطفلتان الشقيقتان أماني وسماح المليح

فيما يتعلق بالمبادرات الموجهة إلى الأطفال، قالت: «عندما كنت أعد البرامج الثقافية لمركز "ببيلا" كانت أول مبادرة "هيا بنا نقرأ"؛ وهي تدريب على القراءة التفاعلية بطلاقة وتنمية التفكير، وتطور العمل إلى دورة إعداد ممثل مسرحي بالتعاون مع مخرج متطوع، ثم طورت عملي، فكانت مبادرة "نادي أطفال ببيلا الإبداعي"، التي تتكون من عدة محاور: التدريب على تنمية السلوك، والتدريب المسرحي، والتدريب على الاستماع لتنمية مهارة الإنصات بالتعاون مع متطوع يعزف الموسيقا على آلة السكسوفون، إضافة إلى تدريبات تنمي لديهم مهارة التأمل؛ وهذا يساعد على الصفاء الذهني، إضافة إلى رحلات ثقافية إحداها كانت إلى قلعة "دمشق" و"دار الأوبرا" وصحيفة "البعث"، ولم يقم أحد بشيء مماثل إلى الآن».

وعن مراحل العمل قبل اللقاء مع الأطفال، قالت: «أبدأ بوضع مخطط بسيط، وهناك تنسيق مع رؤساء المراكز والأهل والضيوف، ولقاء الأطفال قبل موعد البرنامج للتعرف إلى الطفل وموهبته وتشجيعه وتوجيهه، وأنا بعد هذا أدركت أن هذا الطريق إنساني ووطني، وأسعى بجدية تامة إلى تطوير أدواتي وأسلوبي وزيادة المعرفة لدي، فأنا أشجع الأطفال على القراءة، ويجب أن أكون قدوة لهم وأبحث عن الجديد».

الأديبة سوسن رجب مع الأطفال المبدعين

وعن تطور هذا البرنامج، قالت: «أصبحت أدخل المقاطع التصويرية، ثم أناقشهم في الأفكار ويستنبطون النتائج من العروض، وفي المرة القادمة سأدخل فقرة باللغة الفرنسية لكونها اختصاصي، فاللغة تساعد الإنسان على زيادة معارفه وثقافته وإدراكه ورحابة صدره، وتفتح له آفاقاً جديدة، وحالياً توسع البرنامج؛ فأنا أقدمه في عدد من المراكز الثقافية، ولكل منها جمهوره، وهذا النوع من التدريب لا يحتاج إلى أعداد كبيرة كي يأخذ كل طفل فرصته، وهو نشاط مجاني تطوعي، وأتلقى الحب والثقة والعمل والصدق والالتزام وإرادة الاستمرار من الأطفال والمؤسسة الرسمية، وسأنجز كتاباً عن التجربة، فالكتاب مفتوح لتجربة مفتوحة أنجزها أنا وبقية الأطراف ليستفيد منها الآخرون، وحلمي أن أؤسس مركزاً لتنمية مواهب الطفل يكون برنامج "نقرأ ونفكر ونتحاور" من نشاطاته، وأحلم بتأسيس فضائية متخصصة للطفل».

ومن الأطفال دائمي الحضور بالبرنامج الطفلة "سماح المليح" في الصف السابع، التي قالت: «أحضر هذه المبادرة منذ خمس سنوات عندما كنت في الصف الثالث، وقد كنت أخجل كثيراً ولا أستطيع التعبير عما يجول في نفسي، وعززت الكاتبة "سوسن" ثقتي بنفسي، وأصبحت أكتب تقارير صحفية، وأوثق ماذا يحدث في الجلسة بدقة ومصداقية، وأدون توجيهاتها لي ولأصدقائي، وأصبحت أقرأ كثيراً وفي مجالات متعددة، وأحدد هدفي بدقة في المستقبل».

ضمن البرنامج

والتقينا "إصلاح مزنوق" ربة منزل والدة الطفلتين "سماح وأماني المليح"، التي قالت: «كنت أصطحب ابنتيّ إلى المركز الثقافي من أجل استعارة كتب للأطفال، وطرحت مديرة المركز موضوع الجلسة الحوارية علينا، وطلبت أن أحضر الطفلتين، وهذه كانت المرة الأولى منذ خمس سنوات، حيث روت لهم قصة وطلبت أن يقوم كل طفل بكتابتها بطريقته، وفعلاً كتبها الأطفال وقرؤوها لها، وطلبت منهم أن يقوموا بتدوين كل نشاط أو فعالية، وكانت ابنتاي في السابق لا تتقنان كتابة مواضيع التعبير، أما الآن، فقد ازدادت المفردات لديهما وقدرتهما على التعبير بعد قراءتهما العديد من الكتب والقصص؛ وهو ما ساهم بازدياد مخزونهما الثقافي والمعرفي والمفردات والتعابير التي تحتفظان بها كجمل شعرية لاستعمالها لاحقاً».

وأضافت: «أصبحت "سماح" تكتب القصة والتقرير الصحفي بمصداقية ودقة، وأختها "أماني" تطورت شخصيتها ونمت لديها موهبة الإلقاء، ومنذ سنة تخط الجمل الشعرية بالاعتماد على أذنها الموسيقية، وهذا بفضل اهتمام "سوسن" وضيوفها من كتاب وشعراء وفنانين بمختلف المجالات؛ فقد قدموا للأطفال الكثير».

يذكر أن الكاتبة "سوسن رجب" من مواليد "دمشق" عام 1965، حاصلة على الإجازة في اللغة الفرنسية من جامعة "دمشق" عام 1991، ودبلوم تأهيل تربوي عام 1998، ودرّست اللغة الفرنسية لغير المختصين في جامعة "دمشق"، وهي عضو اتحاد الكتاب العرب، ولها ثلاث مجموعات في مجال القصة: المجموعة الأولى "في مهب إخفاء" عام 2007، والثانية "قتيل على نافذتي" عام 2010، والثالثة "عطر ملاك" عام 2013.