بصمات فنية جلية وضعها الفنان التشكيلي "أيمن الدقر" في عدة مجالات عبر تجربة ثرية جالت بين عوالم الشعر والموسيقا والتشكيل والكتابة، حيث جمع بينها من خلال تشكيلاته البانورامية التي جسدت الأصالة متنقلاً عبر التاريخ بمؤشرات الحداثة الثرّة.

الناقد التشكيلي "أديب مخزوم" وفي حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 آب 2017، تحدث عن الفنان التشكيلي "أيمن الدقر" بالقول: «المنطلق التحليلي لتطور لوحاته يعيدنا إلى تنويعات مراحله الفنية المتواصلة، حيث نجد الحضور القوي للصياغة الهادئة والمركزة والمستمدة من انطباعات الذاكرة ورؤى المخيلة، فقد كان ولا يزال يبحث عن أناقة الشكل ورمزية التكوين وشاعرية التشكيل وإيماءات الحكاية الأسطورية، ويظهر في فضاءات بعض لوحاته وجه المرأة والتشكيل الزخرفي الشعبي المتعدد المصادر والإيقاعات، والمنقوش أو المجسد على النحاسيات والزجاجيات والفخاريات وسواها، ففي لوحات مرحلته الأخيرة التي أنجزها بلونين أساسيين هما: الأسود والأبيض، تفاعل فيها مع قصائد الشاعر الكبير "نزار قباني" مؤكداً فيها من جديد رغبته الدائمة في اختبار المواد والتقنيات بدلاً من متابعة تقنياته التلوينية السابقة».

هي مجلة وطنية سياسية أسبوعية صدرت عام 2002؛ وهي الوحيدة التي سمح لها أن تكون مستقلة وتصدر في مدينة "دمشق"، وهي تعنى بالخلل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، فقد سميت "أبيض وأسود" لكونها تسلط الضوء على إيجابيات وسلبيات المجتمع بآن واحد

وفي حديث مع الفنان التشكيلي "أيمن الدقر" عن مسيرته الفنية ومراحلها، قال: «نشأت ضمن أسرة متعلمة ومثقفة، فوالدي كان محامياً، ووالدتي خريجة تاريخ شرق قديم، وكان لهما دور كبير في رعاية فضولي العلمي والثقافي، فبحكم وجود المكتبة في منزلنا أحببت القراءة وتعلقت بها، وكان لها دور كبير في صقل مواهبي المتنوعة، فعندما كنت بعمر التاسعة حفظت الكثير من الأشعار، وفي المرحلة الإعدادية بدأت كتابة الشعر وما زلت حتى الآن، كما أنني تعلمت العزف على آلة الكمان والعود وأتقنتهما، ولدي لحن مسجل في الإذاعة بمهرجان "الأغنية السادس" من كلمات الشاعر "حسين حمزة"، وهو الآن لحن شارة مسلسل "حارة المشرقة"، الذي كتبت السيناريو الخاص به، وبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية عام 1974، دخلت كلية الفنون الجميلة لكونها الأقرب إلي. أما بالنسبة للكتابة، ففي عام 1975، عندما كنت في السنة الأولى من كلية الفنون الجميلة كتبت عملاً مسرحياً بعنوان: "سلطان بالزور" وأخرجتها ولحنتها، وعزف اللحن الفنان "هادي بقدونس"، وشارك بها الفنان "سلوم حداد"، وحصلت على جائزة المسرح الجامعي، هذه التجربة لم تكن الوحيدة، لكنها أتت متأخرة، فأنا أؤمن بأن الكتابة لا تمنحنا وهجها إلا بقراءات متعددة تسبقها، فأنا من القراء النهمين، وما زال الكتاب رفيقي حتى الآن، فالثقافة المتراكمة عبر سنوات حياتي والاختلاط اليومي مع الناس كانا الدافع الأكبر بعودتي إلى الكتابة، فكتبت المسلسل التلفزيوني "حارة المشرقة" الذي تم تنفيذه في المؤسسة السورية للدراما التلفزيونية عام 2014؛ وهو عبارة عن مسلسل اجتماعي يتحدث عن مكونات الناس ضمن حارة تضم نسيجاً اجتماعياً موجوداً في الواقع، يضم العديد من المتناقضات الاجتماعية التي تمثل المجتمع السوري بكل أطيافه، وكتبت أيضاً مسلسلاً إذاعياً من 15 حلقة بعنوان: "شلة العمر"، تم تنفيذه في إذاعة "دمشق" عام 2014».

من مجموعة ذاكرة وطن

الفن بكل أنواعه من وجهة نظره يعد حالة شخصية جميلة، على الرغم من اختلاف أساليب التعبير عنه، فهو لغة يستخدمها الفنان لترجمة التعابير التي ترد في ذهنه، ولا بد أن يكون من السهل الممتنع الذي يصل إلى الناس بسهولة، وأضاف: «العمل الفني التشكيلي هو امتلاك حيوية وسحر الريشة وشاعرية النور وغنائية الألوان وعفوية الخطوط المنسابة طلاقة وحيوية مع المحافظة على خصوصيات التراث الحضاري الذي يربط الماضي بالإيقاعات الفنية الحديثة، هذه العلاقة المتداخلة والمتبادلة بين الأنواع الفنية هي التي تحقق التوازن البصري والإيقاعي للعمل الفني وتحمل نبض الأصالة وروح العصر، فمعظم أعمالي عبارة عن مزج بين الشعر والموسيقا والفن التشكيلي؛ فالرسم نوع من الشعر يستهوي الناظر ويؤثر به، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالموسيقا؛ فالرسام يعمل باللون والخطوط، والشاعر بالكلمات، والموسيقي بالألحان، وهكذا تتنوع أدوات التعبير وأساليبه، فهناك علاقة تكاملية ترابطية بين مختلف الفنون لا بد للفنان من امتلاك الخطوط التي تربط بينها، إضافة إلى اكتشاف الصلات التي تربط بين الماضي والحاضر، فالفنان لا بد أن يعبر عن محيطه، ويكون قادراً على تحقيق التوازن بين إرثه الجمالي ومعاصرته، ومن خلال أعمالي التي حملت في طياتها الحنين إلى حكايات التاريخ حاولت إيصال رسالة إلى العالم أجمع أن "سورية" هي أعرق دولة بالعالم بحضارتها وفنها وثقافتها، وأن السوريين هم أصل الحضارات وسيبقون حاملين رسالة الفن مهما كانت الظروف».

وعن مجلة "أبيض وأسود" التي كان رئيس تحريرها، أضاف: «هي مجلة وطنية سياسية أسبوعية صدرت عام 2002؛ وهي الوحيدة التي سمح لها أن تكون مستقلة وتصدر في مدينة "دمشق"، وهي تعنى بالخلل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، فقد سميت "أبيض وأسود" لكونها تسلط الضوء على إيجابيات وسلبيات المجتمع بآن واحد».

راحلة وفي قلبي دمشق

الجدير بالذكر، أن الفنان التشكيلي "أيمن الدقر" من مواليد "دمشق" عام 1954، خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة "دمشق"، حاز جائزة الملصق السياسي في مهرجان الشباب العالمي في "موسكو" عام 1985، والجائزة الأولى في تصميم وسام البطولة الذي منحته قيادة اتحاد شبيبة الثورة لأسر الشهداء. صمّم لوحات التوضع الأرضي لدورة البحر الأبيض المتوسط، والعديد من الأوسمة العسكرية للجيش. أقام معرضين توثيقيين في دار الأسد للثقافة والفنون بعنوان: "فلسطين أمسى اليوم وغداً"، و"آثار الحرب على سورية"، كان رئيساً للمكتب الفني لدورة حوض البحر الأبيض المتوسط عام 1987، التي أقيمت في "اللاذقية"، ورئيس فرع "دمشق" لنقابة الفنون الجميلة عام 1992، وعضو مجلس محافظة "دمشق"، وأسس المهرجان الثقافي الأول في "دمشق" عام 1995، رسم الكاريكاتور في مجلة "حياة الناس" الصادرة في "دبي"، ثم عين رئيساً لقسم التحقيقات فيها، كان نقيباً للفنون الجميلة في "سورية" عام 1998.

أحد أعماله الكاريكاتورية