بأفكاره الشعرية المتنوعة، وقدرته على تطويع القلم في معظم ميادين الشعر، تمكّن الشاعر "شفيق ديب" من رسم مساره في عالم الكتابة وترجمة كلماته فوق الورق بعفوية محببة.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 آب 2017، تواصلت مع الشاعر "شفيق ديب"، ليحدثنا عن بداياته بالقول: «عن بداية هذا الطريق الذي تتغيّر تعرّجاته عند كلّ محطّة، أستطيع أن أقسّم مسيري المتواضع إلى ثلاث مراحل حتى هذه اللحظة: المرحلة الأولى، وكنت أذكر نفسي متعلّقاً أتبع شعر الزجل وشعراءه وأخباره، وألاحق كلّ تسجيل لحفلات التباري القديمة بين الشعراء اللبنانيين إلى أن بدأتُ نظْم الردّات الموزونة ليس حبّاً بالشعر صراحةً، بل حبّاً بالتحدّي، وكنت أتخيّل نفسي متحدّياً لشعراء آخرين، وفعلاً جعلتني الأقدار أعتلي المنبر الزجلي وأنا ابن 16 عاماً، وأعدّ هذه الحفلات ميدان اكتساب خبرة وتدريب واكتشاف لهويّتي ومكاني وزماني. أمّا المرحلة الثانية، فربّما كانت في منتصف عام 2010، أثناء وبعد مشاركتي في برنامج زجلي على فضائيّة لبنانيّة، وكان عمري 20 عاماً، وقد شعرت بتحقيق حلمٍ طالما راودني، بدأ جمهور الزجل الانتعاش، وعادت حفلات الزجل كما السبعينات بحضور كثيف ونشاط مستمرّ، ويسعدني أنني كنت جزءاً أساسياً في هذه الحقبة، وكثرت الدعوات والنشاطات، وصولاً إلى المرحلة الثالثة، وهنا تبدّلت كلّ الملامح، بدأت الحرب إلقاء ظلامها حتّى على الازدهار الزجلي الصغير في "سورية"، وتشتّت فريقي من الشعراء السوريين واللبنانيين، وأصبح النشاط الزجلي صعباً، وهنا بدأت أكتشف قيمة القصيدة الملقاة (وليست المغنّاة) في المناسبات المباشرة مع أكبر عدد ممكن من الحضور الموجود في المناسبات الوطنيّة التي دعيت إليها، وشعرت بأنّ القصيدة الزجلية الملقاة تصل بسهولة أكبر؛ ومن هنا كانت فكرة برنامجي "بين الشطرين"، الذي أعددته وقدّمته على إحدى الفضائيات السوريّة، وبسبب النضج الفكري المتصاعد بدأت أتعمق أكثر في تقنيّات الكتابة والفنون العالميّة والمواضيع الأخرى مثل الغزل، وما زلت أحب الزجل، لكن أودّ نقل القصيدة العامّية إلى فضاء أوسع».

هو صورة نقية وناصعة للشعر والفكر، تنقاد له الفكرة بسلاسة، وحالة فريدة من الحضور الذهني للأفكار والحسي للمشاعر، كل موقف تصوره مخيلته قصيدة بأجمل العبارات وأعذب موسيقا؛ وهو ما يبعث الدهشة أمام هذه القامة الحية والمتفاعلة مع كل التفاصيل، التي تخلق في ذهن المتلقي العنفوان والأمل، هو في الزجل برتبة فارس

ويكمل: «لم يتغير عشقي للمنبر الزجلي، لكنّني أشعر بأن الزمن يمضي، وهذا المنبر لن يستطيع مواكبة جيل السرعة، ولن يستطيع منافسة أي من الفنون الغنائية الأخرى.

من برنامجه بين الشطرين

أصدرت خلال مشواري الأدبي كتابين، والثالث قيد الطباعة، وكنت من الفائزين بالبرنامج الزجلي "أوف" على إحدى المحطات اللبنانية، وقدمت وأعددت برنامجاً إذاعياً اسمه "زجلنا"، وبرنامجاً تلفزيونياً اسمه "بين الشطرين"، كما أن لي مباريات مع أغلب شعراء الزجل، ومنهم الشاعر اللبناني الشهير "زغلول الدامور"، وأقمت أمسيات فردية في مناطق سورية مختلفة. أمّا سبب ابتعادي، فأنا لم أبتعد بالمعنى الحرفيّ، لكنّني أبحث عن التطوير والبصمة والتميّز، لأن جمهور الزجل الحالي هو جمهور لجيل عمالقة الزجل القدامى وليس لجيلنا».

وأضاف "ديب": «أكتب لأشعر بالسعادة، تتملكني حالة نفسيّة أكتب لها وأبذل كل ما في وسعي لإرضائها، مثل حالة الغزل، فلا أكتب إلّا الغزل لشهور، وأتخيّل أنثاي الوهميّة وأهديها كل نهار فستاناً جديداً، وأحياناً تتملكني حالات أخرى، وبعضها وهمية مثل التفاؤل أو التشاؤم، والضعف أو القوة، وفي عصر مواقع التواصل الاجتماعي نستطيع تلقّي تفاعل الآخرين بسرعة، وهذه حسنة كبيرة تشعرني بالسعادة عندما يُعجَب أصدقائي بما أكتب، ومن الجميل أن يخاطب الشاعر خاصّته من الجمهور النخبوي، ورائعٌ أن يخاطب الشاعر عامّة النّاس، لكن الأجمل أن يخاطب الإنسانية جمعاء من دون قيود، وإن الشاعر يرتبط بكلّ مكان يقابَل فيه بالسمع والمحبّة، لكن لأمسيتي الأخيرة في "دمشق"، وأمسيتي الأخيرة في قريتي "عين العروس" في "اللاذقيّة" نكهتين جديدتين؛ لأنني حاولت طرح رؤيتي الجديدة للشعر، وشعرت بتفاعل جديد، والجدير بالذكر، أن على الشاعر العامي أن يكون مثقّفاً في الظلّ، وشعبيّاً في العلن؛ فما الفائدة من تعقيد الصور وإرهاق الصياغة؟ لكنني لا ألوم النّاس على قلّة انتشار الشعر، فأمام الشاعر طريق ملأى بالصعاب لاقتناص مكانه الذي يستحقّه في زحمة الفنون».

الشاعر وسام تفاحة

من كتباته اختار لنا قصيدة بعنوان "عين شبعانة" جاء فيها:

"كل ما مشيتي عا طريق البيت

الشاعر قصي ميهوب

بركض وراكي..... وشو بعد اكتر؟

بلبس بقايا دربك الاسمر ؟

بشرب قناني العطر تا اسكر ؟

بسرق صور وجهك على السكّيت؟

بنحت تفاصيلك بلا مجهر ؟

اي صدقيني ... في بعد اكتر

من كتر ما عطشانك .. تمنّيت

ظلّك بعيني ينزَل مْقطّر"

الشاعر "قصي ميهوب"، قال عنه: «ثقة النفس عنوان شخصيته، متفرد بحروفه الملونة بألوان حجارة جبل صافون، وبحصاته الملساء كخدي امرأة أوغاريتية، يستحضر العاصفة الشعرية ببارقه المرعد، يلملم غيمات الإله "بعل"، يغربلها إيذاناً بانسكاب المعنى، هو شاعر أوغاريتي المبنى، آرامي الهوى، سوري الهوية، نقطة علام زجلية في هذا العصر، وخيط ضوء يدل على شمس القصيدة».

بدوره الشاعر "وسام تفاحة"، يقول: «هو صورة نقية وناصعة للشعر والفكر، تنقاد له الفكرة بسلاسة، وحالة فريدة من الحضور الذهني للأفكار والحسي للمشاعر، كل موقف تصوره مخيلته قصيدة بأجمل العبارات وأعذب موسيقا؛ وهو ما يبعث الدهشة أمام هذه القامة الحية والمتفاعلة مع كل التفاصيل، التي تخلق في ذهن المتلقي العنفوان والأمل، هو في الزجل برتبة فارس».

يذكر أن الشاعر "شفيق ديب" من مواليد "دمشق"، عام 1989.