ببراعة ريشته وتناغم ألوانه، استطاع الفنان "عبد اللطيف حلاق" إبراز مهارته في فنّ الخط العربي وإلانة الحرف وتكويناته التي جسّدها في لوحاته، من خلال المزج بين التجريد وخبراته الخطية؛ لتنتج عملاً فنياً رسم من خلالها بصمته الخاصة به على الساحة الفنية.

"الفن هو تعبير عن الحياة بكل أبعادها، وملكة التعبير في الإنسان هي الحياة، ويتخذ هذا التعبير شتى الأنواع الفنية، ويقوم الفن بترقية العقل والأحاسيس لدى البشر، ويدعم القيم المرتبطة بالذوق العام وتهذيب النفس وتعديل السلوك الإنساني، فهو مجال خصب لتفريغ الطاقات وتلبية الرغبات، فالفن عبارة عن حياة وولادة؛ فكل لوحة هي مخاض وولادة جديدة"؛ هذا ما بدأ به كلامه لمدونة وطن "eSyria" الفنان التشكيلي "عبد اللطيف أحمد حلاق" عندما تواصلنا معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 15 تموز 2017، وعن بداياته يقول: «الفن موهبة تخلق مع الإنسان بالفطرة، فمنذ الصغر كنت أرسم بكثرة وأشعر برغبة كبيرة في إخراج ما يدور في مخيلتي من أفكار عبر رسومات بسيطة، حتى أصبحت الورقة والقلم خير جليس لي في المواقف الصعبة، وشعرت بأن الفن بالنسبة لي إرضاء لنفسي وهواية تسكن بداخلي، وهذا ما دفعني إلى تطوير ملكاتي الفنية بالاطلاع على مواقع الإنترنت التي تعنى بالمجالات الفنية، كما أنني تتلمذت على يد الفنان التشكيلي "سامر عبد الغني" الذي علّمني الخط العربي، وأجازني بالخطوط السبعة، وقدم لي من خبرته الواسعة في مجال الرسم الواقعي والانطباعي، واستفدت من ملاحظاته وتوجيهاته، إضافة إلى دعم أصدقائي وأهلي، وخصوصاً والدتي التي كانت تحمل ثقافة بصرية عالية؛ فقد كانت تتابع كل عمل أقوم به، وتقدّم لي النصائح، وتمنحني دفعة من التحفيز، إضافة إلى أن دراستي للغة العربية كان لها دور مهم في صقل مفرداتي الجمالية، وخصوصاً بالنسبة للخط والحروفيات؛ فقد منحتني ذائقة فنية لما تمتلكه اللغة من قيمة جمالية وفنية استطعت تجسيدها عبر لوحاتي بطريقة فنية متميزة».

إن أعمال الفنان "عبد اللطيف حلاق" مقارنة مع الوقت الذي قام به في دراسة الفن والعمل بتقنياته جديرة بالاهتمام، وخصوصاً أنه من خلال أعماله اعتمد أسلوبين مختلفين، هما: البحث التجريدي ونقيضه في الأعمال الواقعية، أضف إلى ذلك تميزت تجربته بالتناول العفوي والصادق للمادة الفنية، حيث تظهر غير تقليدية وبعيدة عن النهج الذي يتّبعه الكثيرون من الفنانين، وقد جاءت بقالب متفرد؛ استطاع من خلال أعماله أن يخطو خطوات سريعة نحو الإبداع والتميز والبحث عن الهوية والخصوصية، فهو يمتلك روح الإبداع وصدق التجربة؛ وهذا يتطلب الكثير من العمل والمثابرة التي اتصف بها

وتابع "حلاق": «يعدّ الخط العربي روحاً سامية تحلّق في ملكوت الكون لتبدع شذرات بصرية، وتنثر عبقها لتجوب في جميع أركان اللوحة ليدلّ على موضوع معين يجسّده الفنان بطريقة فنية، ومن خلال أعمالي، أسعى للوصول إلى إنتاج تكوينات وتشكيلات فنية تحقق شروط الانسجام والبناء الصحيح للوحة، حيث مزجت بين مهارتي في فن الخط العربي بإلانة الحرف وتكويناته؛ بهدف الدمج بين اللوحة التجريدية وخبراتي الخطية لتنتج عملاً حروفياً مبتكراً يربط بين محتوى الكتابة وفحوى الشكل المرسوم، إضافة إلى أنني مجاز بالخطوط السبعة وأتقنتها كلها، لكنني أميل إلى الخط الديواني الذي احتل مكانة خاصة لدي؛ فطواعيته لمخيلة الفنان لا متناهية، وليونته تساعد على الابتكار والتعبير؛ وهذا ما دفعني إلى استخدامه سواء بالكتابة أو التصاميم أو "اللوغو". أما بالنسبة للوحاتي الواقعية، فقد اعتمدت بأسلوبي منح ثقافة بصرية للمتلقي من خلال مضمون المواضيع والتفاصيل المرسومة واختيار الألوان حتى أقدّم عملاً فنياً منسجماً يحتوي في بعض الأحيان حواراً بين الألوان والأشكال والخطوط، إن هذا التنوع ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالمراحل التي يمرّ بها الفنان، فهو ينتقل بين العديد من المدارس؛ وهو ما يمنحه خبرات واسعة لتطوير الذائقة الجمالية والتراسل الحسي البصري الذي يخدم التكوين الفني في اللوحة».

إحدى لوحاته

ويضيف: «للون رسالة فنية يستطيع الفنان من خلالها التعبير عن هواجسه وانفعالاته، وهو حالة اجتماعية يرقى بها الفنان إلى مراحل متنوعة لإرضاء ذاته والتعبير عن مكنوناته، فاختياري للألوان منوط باختيار اللوحة التي أريد رسمها، ودائماً يكون اللونان الأبيض والأسود حاضرين في لوحاتي؛ ربما لدلالة نفسية في اللا وعي نتجت عن صدمات متتالية أدت إلى اختيار هذا النمط الذي يميل إلى نظرة حزينة أو قديمة تدل على الهروب من الألوان الزاهية رغبة في الإخلاص والنقاء، فلحظات الألم والحزن والشوق هي الدافع الذي يجعلني أحمل ريشتي وألواني، كما أنني أشعر بتناقض غريب عندما أنجز عملاً فنياً؛ فاللوحة مخاض وولادة جديدة، وخصوصاً الواقعية، أشعر بالفرح لأنني أكملتها، وينتابني شعور سلبي حزين وكأنني لن أعود إليها، فكل تفصيل فيها معنى خاص من الصعب أن يجسّده عمل آخر، ولكل عمل خصوصيته بالنسبة للفنان وتأثيره في المشاهد، فالفن مرآة المجتمع يعكس من خلالها الفنان أفكاره ورؤيته المختلفة ويجسّدها بأسلوبه على سطح لوحته على شكل رسالة يحاول إيصالها إلى المشاهد من خلال أعماله الفنية، فأنا كفنان أعمل لأقول إن المجتمع السوري مهما كانت ظروفه صعبة فهو قادر على الإبداع؛ لكونه مجتمعاً واعياً ومثقفاً وقادراً على النهوض؛ هذا من جانب، ومن جانب آخر أحاول إيصال رسالة الحب والجمال والتناغم مع الحياة بكل معطياتها».

الفنان التشكيلي "سامي عبد الغني" حدّثنا عنه بالقول: «إن أعمال الفنان "عبد اللطيف حلاق" مقارنة مع الوقت الذي قام به في دراسة الفن والعمل بتقنياته جديرة بالاهتمام، وخصوصاً أنه من خلال أعماله اعتمد أسلوبين مختلفين، هما: البحث التجريدي ونقيضه في الأعمال الواقعية، أضف إلى ذلك تميزت تجربته بالتناول العفوي والصادق للمادة الفنية، حيث تظهر غير تقليدية وبعيدة عن النهج الذي يتّبعه الكثيرون من الفنانين، وقد جاءت بقالب متفرد؛ استطاع من خلال أعماله أن يخطو خطوات سريعة نحو الإبداع والتميز والبحث عن الهوية والخصوصية، فهو يمتلك روح الإبداع وصدق التجربة؛ وهذا يتطلب الكثير من العمل والمثابرة التي اتصف بها».

يذكر أن الفنان "عبد اللطيف حلاق" من مواليد "إدلب" عام1992، مقيم في "يبرود"، محاضر ومدرّس لغة عربية في جامعة "البعث" في "حمص"، والشريعة في "دمشق"، حائز على عدة شهادات بالخط العربي، وشهادات تقدير من عدد من النوادي الثقافية، كنادي "العربACCLL"، وشهادات مشاركة، أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية.

من أعماله