عبق النارنج والياسمين المعرش على فسحة بيتها الدمشقي ظللها وترك أثره على مفردات كلماتها، أثبتت حضورها على الرغم من الازدحام الثقافي على الساحة الأدبية، وكان لها بصمتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعرة "هيلانة عطا الله" بتاريخ 10 أيار 2017، وعن بداياتها الأدبية قالت: «تذوقت الشعر في المناهج الدراسية، وكتبت بعض المقطوعات الشعرية وأولها لـ"فلسطين" قبل معرفتي بأصول الكتابة والأوزان الشعرية، شاركت بكتاباتي في المناسبات الوطنية والقومية التي كانت تقام في المدرسة، وما تحمله ذاكرتي، غبطتي حين رفعوني على منصة في باحة المدرسة لألقي قصيدتي بمناسبة عيد الجلاء وأنا في الصف السادس.

للتكريم وقع إيجابي كبير على الشاعر عندما يرى تقديراً لنتاجه الذي هو عصارة روحه وخلاصة فكره يقدمها بأجمل القوالب لتهطل نوراً على الناس، وقد تم تكريمي من أكثر من جهة، منها: وزارة الثقافة، ومحافظتا "دمشق" و"حماة"، وفرع "دمشق" لاتحاد الكتاب العرب، ونقابة المعلمين، وجمعية "إحياء التراث"، و"اتحاد الكتاب الفلسطينيين"، و"المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، ومجمع "حوزة هوناري" في المهرجان الدولي للشعر المقاوم في "إيران"، وبعض المنتديات الثقافية الأهلية

وبتشجيع من معلماتي ومن منظمة "اتحاد شبيبة الثورة"، كان أول ظهور لي على الشاشة الصغيرة وأنا في الصف العاشر ببرنامج الهواة، وتمت مكافأتي من أسرة البرنامج.

خلال إحدى مشاركاتها الأدبية

أمضيت سنوات طفولتي ويفاعتي في الفسحة السماوية لبيتنا الدمشقي، تظللني شجرة النارنج، وتنشر شجيرة الياسمين عبقها وأنا أخطُّ محاولاتي الشعرية، فأتعثر مرة وأصيب مرة، وعينا أمي تتابعانني بشغف، فتشدان عزيمتي وتهباني الثقة، كنت شغوفة بقراءة الشعر، وإذا بدأت بكتاب لا أنام قبل أن أنهي قراءته، اطلعت على كم كبير من دواوين الشعراء، وفي البداية شدني "جبران خليل جبران" و"ميخائيل نعيمة"، وبعدها أسرني "نزار قباني"، ثم تحولت إلى "بدوي الجبل" و"سليمان العيسى"، وفي مرحلة دراستي الجامعية رحت أغوص في روائع الشعر الجاهلي فأحببته على الرغم من صعوبته، وأكثر ما عشقت الأدب العباسي، وبعد تخرجي في الجامعة قطعت شوطاً لابأس به من التمرس على أصول الكتابة، وبدأت نشر بعض قصائدي، ومضت السنوات فوجدتني أميل إلى الحداثة، فكتبت قصيدة التفعيلة وخاصة بعد تأثري بالشاعرين "نازك الملائكة" و"بدر شاكر السياب"، وهكذا تدرجت نحو الحداثة متفاعلة مع معطيات العصر، فتوجهت إلى كتابة قصيدة النثر والومضة المكثفة، وكان ذلك يلقى قبولاً من قارئي شعري، لا يوجد شاعر معين أثّر بي، بل كل الذين درستهم وقرأت لهم ساهموا في صقل موهبتي وعلموني أصول الكتابة والأساليب التعبيرية البلاغية».

وعن تعريفها واختيارها للشعر تقول: «لم أختر الشعر بإرادة واعية، بل وجدت نفسي أستجيب لومضات شعرية تنتابني فتحفز مدادي، هطل عليَّ الشعر كغيمة ممطرة على حقول الروح، فهو نتاج مخزون فكري وثقافي، وبمجرد أن يعيش الشاعر حالة شعورية يتحول الوضع إلى ما يشبه الوميض الذي ينير خفايا ركن معتم ليظهر ما فيه من كنوز، الكتابة فعل روحي يراوح بين الصحوة والغيبوبة لتولد القصيدة من هذا المخاض، كتبتُ الأنماط الشعرية كافةً، وتناولت مضامين متنوعة: "قضايا الوطن، الأسرة، المرأة والأمومة، الغزل، وقليل من الفلسفة"، وفي السنوات المنصرمة الأخيرة تعاطيت الكتابة في القراءة الانطباعية لنتاج بعض الشعراء، كما كتبت عن نتاجات بعض الشعراء، منهم: "صالح هواري"، و"محمود علي السعيد"، و"سوزان إبراهيم"، لدي أربع مجموعات شعرية: "شذرات"، و"الصدق في الزمن الصعب"، و"بكاء الجبال"، و"رفّةُ جناح"، والخامسة قيد الطباعة، إضافة إلى عشرات الدراسات والمقالات والقراءات الانطباعية المنشورة في الدوريات المحلية والعربية».

من إصدراتها

وتضيف عن نشاطاتها الأدبية: «تعددت مشاركاتي بين الأمسيات الشعرية والمهرجانات داخل القطر وخارجه في "لبنان"، و"الأردن"، و"إيران"، والمشاركات تؤدي رسالة فكرية وثقافية تساهم في تحريك المشهد الثقافي وعملية التنوير المجتمعي، وتبث تذوق الجمال لدى الآخرين، وبرأيي فإن الشاعر ابن بارّ لبيئته "الزمكانية" يعبر عن معطيات مجتمعه وقضايا أمته ويوثقها بعينه المجهرية، ويضيف بعضاً من روحه وتأملاته إليها، ويستشرف الأحداث من إرهاصاتها، كما يؤدي رسالة تنويرية وأخلاقية في مجتمعه، ومن الطبيعي أن يتفاعل مع كل ما يدور حوله».

وعن التكريم قالت "هيلانة": «للتكريم وقع إيجابي كبير على الشاعر عندما يرى تقديراً لنتاجه الذي هو عصارة روحه وخلاصة فكره يقدمها بأجمل القوالب لتهطل نوراً على الناس، وقد تم تكريمي من أكثر من جهة، منها: وزارة الثقافة، ومحافظتا "دمشق" و"حماة"، وفرع "دمشق" لاتحاد الكتاب العرب، ونقابة المعلمين، وجمعية "إحياء التراث"، و"اتحاد الكتاب الفلسطينيين"، و"المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، ومجمع "حوزة هوناري" في المهرجان الدولي للشعر المقاوم في "إيران"، وبعض المنتديات الثقافية الأهلية».

مع مجموعة من زملائها الشعراء

عنها قال الشاعر "صالح هواري": «تتجلى أصالة شعر "هيلانة عطا لله" في الأنماط التعبيرية الثلاثة: قصيدة "الخليلية"، و"التفعيلة"، و"النثر". ما يميز أسلوبها الفني إشراقه البياني الذي يضيء فضاء النص بشموعه الذاهبة في عذوبة المعاني، لا تميل إلى استخدام الصور الفنية المركبة، بل تقدم صوراً شعرية عفوية وموظفة. مفرداتها منتقاة بعناية فائقة من قاموسها الفني الغني، ناقدة بارعة تشقق طينة النص لتدخل إلى جوهره والقبض على مكوناته، كتاباتها النقدية ترتكز على ثقافة عالية مدعومة بقدرة على الغوص في غمار النص والتعامل مع أجزائه، تميل كثيراً إلى استخدام الرموز والإيحاءات المؤثرة».

من كتاباتها:

"ونسيتُ أني

حين يلبسُني الحنين

فأناجيكِ: أحبُّكِ

تتبرعمُ أركانُ محرابي العتيق

وحين لا ينهمرُ قطرُ نداكِ

تقتلُني الغربةُ

وتزرعين سنابلَكِ في غماري

لأولدَ فيكِ من جديد"

يذكر أنّ الشاعرة "هيلانة عطالله" من مواليد "دمشق" عام 1960، تحمل إجازة في الآداب، قسم اللغة العربية.