تقول الروايات التاريخية، إن عيد رأس السنة السورية الذي يصادف اليوم (1 نيسان)، والمعروف بعيد "آكيتو" هو احتفال بالطبيعة والحياة، وإن موعده اختير في هذا الوقت من العام بالذات؛ لأنه وقت توازن الليل مع النهار، فلا شيء يعطي فكرة مختصرة عن السوريين بالقدر الذي تعطيه فكرة التوازن، وفكرة الاحتفال بالحياة في مفهومها العميق، وخاصة في المدة الحالية التي يُخرِج فيها السوري الحياة من الموت، والبسمة من الدموع، والأمل من الجراح.

ملف صوت:

مقال مهم: 11

الملخص: تقول الروايات التاريخية، إن عيد رأس السنة السورية الذي يصادف اليوم (1 نيسان)، والمعروف بعيد "آكيتو" هو احتفال بالطبيعة والحياة، وإن موعده اختير في هذا الوقت من العام بالذات؛ لأنه وقت توازن الليل مع النهار، فلا شيء يعطي فكرة مختصرة عن السوريين بالقدر الذي تعطيه فكرة التوازن، وفكرة الاحتفال بالحياة في مفهومها العميق، وخاصة في المدة الحالية التي يُخرِج فيها السوري الحياة من الموت، والبسمة من الدموع، والأمل من الجراح.

حكايات التميز السورية كثيرة عبر التاريخ، فمن أوروبا ابنة حاكم فينيقيان، التي سمّيت قارة أوروبا باسمها، إلى أبولودور الدمشقي المعماري الأعظم في التاريخ القديم، إلى زنوبيا الملكة التدمرية التي أخضعت مصر وسورية وآسيا الصغرى لحكمها، وحلّ فيها السلام والرخاء، إلى جوليا دومنا التي غيرت وجه الامبراطورية الرومانية التي كانت تحكم العالم القديم، وغيرهم الكثيرون. كل تلك القصص والشخصيات توضح أن الأثر السوري كان إيجابياً دوماً وبنّاءً، وأجبر العدو قبل الصديق على الاعتراف بفضله على البشرية جمعاء.

والدعوة للحفاظ على التميّز السوري، والاحتفال به، ليست عنصرية، أو "شيفونية"، ولا ندّعي أبداً أنّ بإمكان أحد الانعزال عن محيطه وعمقه، لكن يحقّ لمن ترك هذا الأثر في التاريخ، وكل تلك الإنجازات، أن يفخر بنفسه، ويشعر بتميّزه، ويسعى إلى ربط تقويم التاريخ باسمه.

لا يوجد تاريخ محدّد لبدء الاحتفال بأقدم تقويم في تاريخ البشرية؛ تقويم السنة السورية، الذي بدأ اعتماده من قبل الحضارات السورية قبل 6766 عاماً، وظلّ تقويماً رسمياً في كل دول العالم حتى عهد لويس الرابع، الذي غيره إلى التقويم الغربي الحالي ومنع الاحتفال به، وتقول الراوية: حينئذٍ لجأ الناس إلى الاحتفال بطريقة غير علنية متنكرين بالأقنعة لإخفاء شخصياتهم الحقيقية، ومع مرور السنوات ونسخ فكرة الاحتفال، شاءت الأقدار أن يتحول الأول من نيسان من احتفال بعيد رأس السنة إلى ما يسمّى "عيد الكذب".

واليوم بعد مرور أكثر من 300 عام على انقضاء عهد لويس الرابع، من حقنا كسوريين إعادة إحياء الاحتفال برأس السنة السورية، بدلاً من الاستمرار في ترسيخ ارتباط تاريخ الأول من نيسان بـ"عيد الكذب"، الذي لا يحمل أيّ بعد تاريخي ذي قيمة؛ فما معنى أن نحتفل بـ"كذبة الأول من نيسان" كما تدعى محلياً، حتى لو كان عبر منشور على "فيسبوك"، مقابل تغييب المناسبة الأهم لهذا اليوم، التي يجب تعزيزها شعورياً لتنتقل من جيل إلى آخر، حتى نصل إلى المرحلة التي نطالب فيها بإعادة اعتماد تقويمنا السوري بصورة رسمية.