استطاعت الشاعرة "نجاح سلوم" أن تكون واحدة من السوريات اللواتي شاركن في مجالات الثقافة والإعلان والفنّ والتحصيل المالي بحضور لافت وبصمة خاصة، وعلى الرغم من تقدّمها بالعمر، إلا أنها تناضل في سبيل التحصيل العلمي حتى الآن، إضافة إلى كل مشاغلها وأعمالها العديدة.

مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 23 كانون الثاني 2017، لتحدثنا عن طفولتها وهواياتها بالقول: «نشأت وترعرعت في ساحل "اللاذقية" الجميل وبين رائحة أشجارها، كانت طفولتي في بيئة بسيطة يغلب عليها طابع الحب والتعاون بمنطقة "كنسبا" الجبلية، ثم انتقلت للعيش في المدينة مع عائلتي لمتابعة دراستي التي أنهيتها بالمعهد المهني للفنون، وكانت لي نشاطاتي الفنية مع "منظمة الشبيبة" بمجال المسرح والفرق الموسيقية، ثم انتقلت إلى "دمشق" بعد زواجي، وصمّمت على إنهاء دراستي الجامعية التي كنت أحلم بها، وأنا الآن طالبة في كلية "الإعلام" بجامعة "دمشق"».

لا يكفي وجود الموهبة إذا لم تدّعم وتصقل بالعلم والمعرفة، ففي مجال الكتابة والشعر مثلاً لا بد من القراءة المكثفة والواسعة، والاطلاع على نتاج الآخرين، والمشاركة بالنشاطات والفعاليات، وذلك لتقوية الخبرة والكلمة واللغة، وهذا عماد التطور والنهوض بمجالات الأدب

وتتابع عن بداياتها الأدبية ومشاركاتها: «منذ صغري كنت أهتم بالقراءات الأدبية من قصص وروايات، وكان الكتاب صديقي الوحيد، كان لي بعض الكتابات النثرية والخواطر القصيرة التي ما زلت أحتفظ بها، شاركت في الندوات الأدبية وتقديم الحفلات والمشاركة ببعض الفقرات الغنائية الوطنية، ثم كانت هناك بعض الملتقيات الثقافية والأدبية التي شاركت بها، منها "ملتقى الثلاثاء" الثقافي الأدبي في "حمص" الذي أسّس عام 2013، وقد تخرّج فيه 153 قلماً واعداً وصوتاً مغموراً، وكانت لهم مشاركاتهم الثقافية المتعددة، وكان تكريمي إلى جانب عدد منهم. وأعدّ المشاركة بهذا الملتقى من أهم الدعائم التي تشجع المواهب على الكتابة، فقد منحني فرصة للتعرف إلى الكثيرين من الأدباء، إضافة إلى ذلك كنت مسؤولة إدارية في "واحة الأدب" السورية، وهي أحد النشاطات الأدبية المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي، وكان دأبنا أبداً هو عمل نقلة نوعية بالكلمة نحو تطوير الذائقة الأدبية والشعرية من خلال النقد الأدبي للنصوص، وكان لذلك أثر كبير في تطوير النصوص، وجمال اللغة، وتبادل الآراء بين الأدباء والشعراء للارتقاء نحو الأفضل».

خلال تكريمها بإحدى المشاركات الأدبية

وعن تعريفها للكتابة والشعر، تقول: «الكتابة تصوير خواطر الفكر، هي إحساس روحي وتعبير عن مشاعرنا، وتوثيق لما يجول بخواطرنا، وبالوقت نفسه هي رسالة ومسؤولية لأنها أدب يصل إلى الشعوب عامة، ويعبر عن واقعه، لذلك يجب الانتباه إلى الكلمة ومعناها، فهي نتاج ثقافي لكل الأمة، أما الشعر، فهو عاطفة وإحساس، فكرة صور إنسانية وطنية وطبيعية أو وجدانية. أحب الشعر الحر، وقد تأثرت بالشاعرين "محمود درويش"، و"نزار قباني"، وأهم المواضيع التي تطرّقت إليها في كتاباتي هي "الوطن" بالدرجة الأولى، وخاصة في زمن الأحداث المؤسفة التي تعرض لها بلدنا "سورية"، والثقافة والأدب، وتضمنت نتاجاتي الوطنية والاجتماعية والوجدانية. وحالياً طباعة ديواني الأول قيد التنفيذ».

وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي بنشر نتاجاتها الأدبية، تقول: «كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في انتشار الكلمة النظيفة والذائقة الأدبية، وتعريف الجمهور بنتاجاتي الأدبية، ومتابعتها بمحبة من قبل بعض الشعراء والكتاب والنقاد والأصدقاء، فكان لها وقع خاص لديهم؛ وهو ما شجعني على نشر بعض المواد الأدبية على صفحات التواصل الاجتماعي، وبرأيي تعدّ هذه الوسائل عاملاً ودافعاً ومشجعاً للشباب الموهوبين أدبياً وثقافياً، شرط أن يتم استخدامها بطريقة صحيحة من قبل المستخدم».

شهادة تكريم

وتتابع عن عملها بمجال الإعلان والتسويق الإعلامي: «كانت البداية في العمل الإعلاني من خلال شركة للتسويق الإعلاني في "دمشق" لأكثر من عام، ثم افتتحت مكتباً خاصاً بي استمر أربع سنوات، عملت من خلاله مع كبرى الشركات، وكان التنسيق لإقامة المعارض مع بعض المؤسسات، منها "المديرية العامة للمعارض والأسواق الدولية"، كما عملنا بمجال تصميم الإعلانات، حيث قدمنا أجمل التصاميم لبعض المؤسسات، وأهمها: "المجلة الطبية"، و"الجواب الشافي"».

أما عن عملها بمجال التحصيل المالي والعمل الدرامي، فتضيف: «كان عملي بالتحصيل المالي في مؤسسة توفير فرص العمل للمشاريع الصغيرة لمدة خمس سنوات، فهناك قسم خاص للتحصيل المالي في كل شركة عامة أو خاصة، ولكل عمل خطة مدروسة نعمل عليها ليتم العمل بنجاح، فهو عمل دقيق يحتاج إلى الصبر والجهد والتعامل مع العملاء بطريقة أخلاقية منظمة ورحابة صدر، إنه عمل رائع وخاصة بعد إنجازه التام، إلى جانب ذلك كان لي نشاطي بمجال العمل الدرامي الواسع المجالات، وذلك من خلال بعض المشاركات في أعمال مسرحية للأطفال والدوبلاج».

الروائي نبيه حسن

وعن الموهبة وأهميتها تضيف: «لا يكفي وجود الموهبة إذا لم تدّعم وتصقل بالعلم والمعرفة، ففي مجال الكتابة والشعر مثلاً لا بد من القراءة المكثفة والواسعة، والاطلاع على نتاج الآخرين، والمشاركة بالنشاطات والفعاليات، وذلك لتقوية الخبرة والكلمة واللغة، وهذا عماد التطور والنهوض بمجالات الأدب».

وعنها قال "محمود عبد الرازق" مدير مؤسسة التمويل للمشاريع الصغيرة، الذي رافقها في أكثر من مشروع: «معرفتي بها بين الصداقة والعمل، بدأت مع بداية عملي كمدير للمشروع، حيث كانت واحدة من السيدات اللواتي حصلن على قرض لمشروع تسويق إعلامي بمدينة "جرمانا"، عملت بوجه دائم على تطوير مشاريعها من خلال البحث عن مجالات عمل جديدة تستفيد منها على الصعيد الشخصي، وتفيد الآخرين أيضاً، هي امرأة مكافحة، طموحة متعددة المواهب، على الرغم من ظروفها الصعبة التي أثرت سلباً بتحصيلها العلمي، ولم تعطها فرصة للمتابعة، لكن معاركتها للحياة صقلت شخصيتها، وأعطتها القوة للاستمرار والتغلب على المشكلات».

وأضاف عضو "اتحاد الكتاب العرب" الروائي "نبيه حسن" عن معرفته ورأيه بأعمالها، فقال: «جمعتني بها صداقة افتراضية، أصبحت على أرض الواقع عندما تمت دعوتها للمشاركة بملتقى "الثلاثاء" الثقافي الأدبي في "حمص"، وأصبحت عضواً فيه، واستطاعت خلال مدة وجودها التي لا تزيد على السنة ونصف السنة أن تقطع شوطاً جيداً. كما شاركت بنشاطات تحرير "تدمر" ومنحت شهادة تقدير لإبداعها، لها مشاركاتها المتعددة في العديد من الملتقيات الثقافية، تقول القصائد النثرية والمحكية، وتكتب الخاطرة الجميلة، جملها مكثفة، ولغتها العربية جيدة، وهي إنسانة مجتهدة، شقت طريقها في زمن صعب».

يذكر أن "نجاح سلوم" من مواليد "اللاذقية"، عام 1973.