يصادف الأول من آذار اليوم العالمي للتوعية من ظاهرة "إيذاء الذات"؛ التي يكاد لا يخلو منها أي مجتمع.

ولأهمية هذه الظاهرة مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 آذار 2016، الطبيبة النفسية "لانا السعيد" التي بدأت حديثها بالقول: «يوجد داخل كل فرد حد معين مخزون من العدوانية، لكن هذا المخزون يرتفع عندما يشعر بالخطر، وهنا يلجأ بعض المراهقين والبالغين إلى سلوكيات "إيذاء الذات"، وهذه الظاهرة منتشرة بنسبة أكبر عند المراهقين، حيث يقوم الشخص بإيذاء جسده وإلحاق الضرر بذاته كالجروح والحروق وغيرها، ويشمل أي نوع من الممارسات التي يعرض فيها الشخص جسده للألم إرادياً، مثل جرح اليدين أو الفخذين بواسطة السكين أو أي أداة حادة، وبعض هذه الأفعال قد تصل بالشخص إلى إصابات خطيرة، وقد يحدث بذاته عاهات دائمة.

إن الكبت والشعور بالدونية والتوتر والقهر والتمييز في العائلة، وأحياناً سوء فهم الأهل لأبنائهم، وعدم الاستقرار العائلي والعاطفي، والشعور بالغضب والوحدة، إضافة إلى العديد من الضغوط النفسية، يدفع المراهقين إلى مواجهة غضبهم وعذابهم وقلة حيلتهم إلى عذاب وألم مختلفين؛ كأنهم يعاقبون أنفسهم على ضعفهم وعدم قدرتهم على المواجهة، فيقومون بجرح أجسادهم ويستمتعون بمشهد الدماء وهي تسيل منها، وبالتالي يتوقف الألم النفسي والمعنوي، كما أن هؤلاء الأشخاص قد يفقدون المشاعر وتتكون لديهم حالة عدم الإحساس، كحالة خدر عام لإيقاف عاصفة الأفكار والتخلص من الغضب

هي محاولة غير صحية للتأقلم مع المشاعر السلبية الساحقة كالغضب الشديد والتوتر، ويسبب إيذاء الجسم الشعور بالهدوء وتخفيف التوتر للحظات، إلا أنه أغلب الأوقات يتبع بشعور بالذنب والخجل، وسرعان ما يشعر الشخص بمشاعر مؤلمة مرة أخرى مترافقة مع الاكتئاب، ويكرر السلوك كلما تعرض للتهديد أو موقف عجز عن مواجهته».

تكمل: «لذلك يعد إيذاء الجسم مشكلة سلوكية تسيطر عليها دوافع، وقد يترافق إيذاء الجسم مع العديد من المشكلات العقلية واضطرابات بتناول الطعام واضطرابات الشخصية. و"إيذاء الذات" يعد تشخيصاً مرضياً بحد ذاته، إلا أنه قد يكون أحياناً عرضاً من أعراض اضطرابات ثنائية مثل الاضطرابات المزاجية، الوسواس القهري، أو اضطرابات ما بعد الصدمة، والاضطرابات الانفصالية كالقلق والهلع، ومن الصعب الكشف عن هذا السلوك؛ لأنه يتم بالخفاء وبمناطق من الجسم يسهل إخفاؤها، وهذا دليل على أن هذه الممارسات لا يقصد منها لفت الانتباه، وتترافق مع الشعور بالندم والخجل، وعادة يرتدي الذين يقومون بهذا السلوك ملابس لا تناسب الموسم؛ مثل الأكمام الطويلة وأربطة حول الرسغ».

وعن الأسباب التي تدفع الفرد للقيام بمثل هذه الأفعال، وبماذا يعود عليهم إيذاء أجسادهم تقول: «إن الكبت والشعور بالدونية والتوتر والقهر والتمييز في العائلة، وأحياناً سوء فهم الأهل لأبنائهم، وعدم الاستقرار العائلي والعاطفي، والشعور بالغضب والوحدة، إضافة إلى العديد من الضغوط النفسية، يدفع المراهقين إلى مواجهة غضبهم وعذابهم وقلة حيلتهم إلى عذاب وألم مختلفين؛ كأنهم يعاقبون أنفسهم على ضعفهم وعدم قدرتهم على المواجهة، فيقومون بجرح أجسادهم ويستمتعون بمشهد الدماء وهي تسيل منها، وبالتالي يتوقف الألم النفسي والمعنوي، كما أن هؤلاء الأشخاص قد يفقدون المشاعر وتتكون لديهم حالة عدم الإحساس، كحالة خدر عام لإيقاف عاصفة الأفكار والتخلص من الغضب».

وعن إمكانية إيجاد حلول وطرائق للعلاج تخبرنا المرشدة الاجتماعية "نور الشمالي": «إن فعل "جرح اليدين" وغيرها من الأفعال التي تسبب إيذاء الذات كثيراً ما تواجهنا، وخاصة في المرحلة الإعدادية، يجب الانتباه أن الحديث المباشر عن المشكلة قد يسبب الرفض، لذلك يجب ألا نطلق عليه أحكاماً تنهيه عن العمل أو الأمر قسراً، وعدم إشعاره أن سلوكه غير مفهوم، بل نحاول أن نختار وقتاً مناسباً وجواً مريحاً، فبعض الأشخاص ممن شفيوا من هذا الإدمان يقولون إنهم توقفوا من أجل ذواتهم فقاموا بتغيير مسار حياتهم، أو توقفوا عن ذلك من أجل من يحبونهم ومحاولة إرضائهم، وهو السبب الأقوى والأكثر انتشاراً، نحن نحاول توعيتهم وإيجاد الحلول والبدائل الإيجابية، وإن كانت الحالة متطورة ننصح باللجوء إلى طبيب نفسي».

من جانبها "رزان شيباني" الاختصاصية النفسية، تحدثت عن دور الأهل بالقول: «من المهم الإشارة إلى بعض المعلومات المتعلقة بالأسرة، إن المراهق في هذه المرحلة يحتاج إلى دعم عاطفي ومعنوي، لذلك على الأهل الاهتمام وتعزيز إمكانية وتنمية قدراته وجعله يشعر بمكانته وقوة شخصيته، وبأنه موجود من خلال تحسن صورته، مع أهمية عدم المقارنة بينه وبين إخوته، حيث يشعر المراهق بالقبول والنجاح، كما يجب على الأهل الانتباه إلى أولادهم ومراقبتهم، وأخذ هذه الظاهرة أو السلوك على محمل الجد، خصوصاً أن المراهق قابل لتقليد الآخرين ومحاكاتهم بحركاتهم، ولديه قابلية واستعداد للمواد المخدرة، لأنها قد تؤدي بهم إلى الانتحار أو إدمان المخدرات في حال لم تتم معالجتها في وقت مبكر».