ينتمي إلى الجيل المؤسس لنهضة "سورية" في مختلف مجالات الحياة، أكثر من ستين عاماً قضاها لاعباً ومدرباً وحكماً في رياضة الملاكمة التي أسس لها أول نادٍ في "سورية" الحديثة.

حديث طويل، وإنجازات مميزة رصعت مسيرته العابرة لعقود من العمل، في حديث مع مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 18 كانون الأول 2015، تحدث الحكم واللاعب الدولي "بهاء الدين تقي الدين" ابن مدينة "دمشق" مواليد 1942 عن رحلته، ويقول: «درست الإعدادية في مدرسة "المعهد العربي الإسلامي" وبعدها ثانوية "دمشق الوطنية"، ثم دخلت الجامعة السورية (جامعة دمشق حالياً)، كان أول إنجاز في سن السادسة عشرة عام 1958 حين أحرزت بطولة "دمشق"، والثاني ببطولة "سورية" حين لعبت مع الملاكم القدير ذي الخبرة "بكري ياسرجي"، وفي السنة التالية ربحت عليه بالضربة القاضية؛ مع العلم أنه أكثر مني خبرة بسبب فارق العمر».

لعبت النهائي مع بطل الإقليم الجنوبي وبطل العالم العسكري الملاكم المصري "سيد عبد الله"، وأحرزت المركز الثاني، وشاركت ببطولة الجامعة السورية (جامعة دمشق)، وحصلت على المركز الأول، ومن المشاركين في البطولة حينها كان الفنان الموسيقار "فؤاد بركات"

بدأت القصة مع الملاكمة منذ عام 1958، يقول: «بدأت لعب الملاكمة بنادي الشعلة بإشراف المدرب "فتحي زين العابدين"، كان نادي "الشعلة" عبارة عن بستان وحلقة ملاكمة، وكنا نتمرن فقط في فصل الصيف لصعوبة التدريب شتاءً، فاقترح بعض أصدقائي الذين كانوا يتمرنون معي أن أفتح نادياً رياضياً للملاكمة، وسنة 1962 تم الافتتاح باسم "بيت الملاكمة" (نادي النجوم حالياً)، وأصبحنا نتمرن بالنادي الخاص بي تحت إشراف المدرب واللاعب المرحوم "غالب زبداني"، وأغلب الأندية الحكومية تأتي إلى النادي الخاص بي في فصل الشتاء للتمرين، وتم الاشتراك ببطولات "دمشق" و"سورية" والمباريات بين المحافظات».

من صحافة تلك الأيام

عام 1960 لعب أبطال الإقليم الشمالي "سورية" مع أبطال الإقليم الجنوبي "مصر" للمنافسة على لقب بطل الجمهورية العربية المتحدة، يتابع حديثه فيقول: «لعبت النهائي مع بطل الإقليم الجنوبي وبطل العالم العسكري الملاكم المصري "سيد عبد الله"، وأحرزت المركز الثاني، وشاركت ببطولة الجامعة السورية (جامعة دمشق)، وحصلت على المركز الأول، ومن المشاركين في البطولة حينها كان الفنان الموسيقار "فؤاد بركات"».

كانت المشاركة الخارجية الأولى الفعالة هي لعبة مع بطل "ألمانيا" وقتها بطل "أوروبا"، يقول: «عام 1963 شاركت بدورة المتوسط في مدينة "نابولي" الإيطالية، وأحرزت المركز الثالث، ومن "نابولي" ذهبت إلى "ألمانيا" للعب مباراة ودية مع بطل "ألمانيا" و"أوروبا" في مدينة "شفيرين" وفزت عليه بمباراة لا تنسى، حتى جميع الصحف الأوروبية والألمانية تحدثت عني وعن فوزي على بطل أوروبا، في العام التالي انتقلت كمدرب ولاعب إلى تدريب نادي الغافقي وكان يرأسه الأستاذ المرحوم "رشدي القوادري"، بعدها أصبحت ضمن لجنة "دمشق" للملاكمة كإداري».

مع محمد علي كلاي في دمشق

في الأعوام 1967 حتى 1970 عمل "بهاء الدين" مدرباً في الجيش والقوى الجوية السورية وفريق المركبات، وأحرز على مدارها دوماً المراكز الأولى وخاصة في البطولات العسكرية التي كانت وقتها من أقوى بطولات الرياضات في الجمهورية.

ويضيف: «أوفدت إلى ألمانيا عام 1980 من قبل الاتحاد الرياضي العسكري لاتباع دورة دولية في مدينة "لايبزغ" الألمانية الشرقية لمدة 8 أشهر، كانت "ألمانيا" حينها من الأوائل على مستوى العالم بالملاكمة، وقد حصلت حينها على شهادة دبلوم بالرياضة من جامعتها بدرجة ممتاز، بعد عودته إلى "سورية" درب أغلب الأبطال الدوليين الذين حازوا جميعهم مراكز دولية متقدمة ومحلية وعسكرية، وأصبحت عضواً في اتحاد الملاكمة السوري برئاسة المرحوم "حبيب مشهدية"، كما درب فريق "الحرس الجمهوري"».

الاستراحة مع بطل ألمانيا

كانت الشهادة الأبرز لعمل "بهاء الدين" زيارة البطل العالمي "محمد علي كلاي" إلى ناديه وقت زيارته إلى "دمشق" عام 1993، يقول: «كانت هذه شهادة عالمية للنادي من بطل أسطوري وعالمي».

بقي "بهاء الدين" في عمله حتى قرر الاعتزال عام 2000، وكانت آخر بطولة شارك فيها هي البطولة العربية للشباب بصفة حكم دولي ممثل عن الفريق السوري بجمهورية "مصر العربية"، وعبر هذه الرحلة كان قد درب عشرات الأبطال السوريين العالميين، نذكر منهم على مستوى بناء الأجسام: بطل العالم "حسان السقا"، بطل العرب "عمر أبو زرد"، بطل العرب "باسل البي"، أبطال العرب "أنس، ورائد، وبسام الأدلبي"، أيضاً "فايز حداد"، "فايق أبو كلام"، "أنور تيناوي"، "عمر خليفة"، "نذير حبوباتي"، "بلال بيرم"، "بشير قاووق"، و"عمر الظاظا".

ويذكر "بهاء" بكثير من السرور أن من بين من دربهم ولم يتابعوا مجال الملاكمة السفير السوري حالياً في الأمم المتحدة "بشار الجعفري"، ومدرب فريق الجيش حالياً "ياسر شيخاني"، وآخرون.

في حقبة السبعينيات والثمانينيات تحولت الملاكمة إلى رياضة شعبية سورية، شعبيتها توازي كرة القدم وتتفوق عليها أحياناً، كانت المباريات تقام جانب مديرية آثار "دمشق" (تحت جسر الرئيس حالياً)، يتذكر: «اتحاد كرة القدم قال لنا مخاطباً: (أرجوكم أن تعلمونا بجداول بطولاتكم ومبارياتكم) حتى لا تكون مدرجات كرة القدم فارغة؛ لأن الملاكمة كانت تجلب الكثيرين من الجماهير الرياضية لقوة وإثارة المنافسة في مبارياتها؛ وهذا ما يترجم أن لعبة الملاكمة كانت أقوى شعبياً من وقتنا هذا. أما واقع الملاكمة حالياً كما يراه فهو في حالة وسط بسبب قلة الدعم المادي لأن اللعبة تطورت كثيراً وأصبحت بحاجة إلى ميزانية ضخمة؛ لدعم اللاعب من حيث الرواتب والغذاء والمكافآت والمباريات الودية والدورات الخارجية».

الملاكم واللاعب والحكم الدولي ما يزال على حنينه وحبه لتك الرياضة الصعبة؛ فيزور يومياً ناديه الذي أسسه قبل نصف قرن تحت اسم نادي الملاكمة (النجوم حالياً) ليقضي فيه ساعات يتأمل ويتابع توجيه لاعبيه إلى الأفضل.