في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي أصبحنا بأمس الحاجة لطاقة بديلة تساعد على تجاوز هذه المشكلة، فكانت الطاقة الشمسية حلاً مناسباً بالإمكان استثماره للحصول على الكهرباء.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 كانون الأول 2014، التقت "هبة الأيوبي" محاسبة في إحدى الشركات الخاصة التي تقول: «أصبحت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي مشكلة جوهرية نعاني منها باستمرار؛ فأنا أسكن في منطقة "قدسيا" في ريف "دمشق" وأحياناً يستمر القطع لأيام، وهو ما يؤثر في ساعات العمل والنشاطات اليومية التي نقوم بها في المنزل ونضطر للاعتماد على المولدات وتكاليفها وأضرارها البيئية، وأرى أن الحل يتمثل بالاعتماد على الطاقات المتجددة، وذلك من خلال توليد الكهرباء عن طريق الخلايا الشمسية، فأي مصدر للطاقة يمكن أن يخفف الضغط على الكهرباء وهو الوقت الأمثل لإقامة هكذا نوع من المشاريع في "سورية"».

لا يمكن إدخال أي جهاز جديد إلى البلد دون التوعية، نحن بحاجة لنشر الفكرة، والتوعية المستدامة، والحديث عن فوائدها، وآثارها الإيجابية والسلبية، والتركيز على الناحية الاقتصادية والناحية البيئية والتوفيرية أيضاً، ونحن نقوم بنماذج لكي يتعرف الناس الفائدة التي يمكن أن تحقق، ومن ثم التشجيع والمساعدة قدر المستطاع

كما كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية السورية للبيئة المهندس "سمير الصفدي"؛ الذي أفادنا بالقول: «لدينا الكثير من التجارب الناجحة في مجال استثمار الطاقات المتجددة، فقد صنعنا لوحات شمسية لتسخين الماء بطاقة عالية لتسخن حوالي 500 ليتر مكعب من الماء حيث تلبي حاجتنا من الماء الساخن، كما يمكن طهو الطعام عن طريق الطباخ الشمسي وهي تجربة ناجحة، حيث نقوم بطهو الطعام لمدة لا تتجاوز ساعة من الزمن وبمعدات بسيطة جداً، والآن الخطوة الجديدة التي نسعى لتحقيقها هي إنتاج الكهرباء عن طريق الخلايا الشمسية، الجميل بالنسبة لموضوع الشمس في "سورية" أنها تسطع 340 يوم على الأقل في السنة، فالخلايا الشمسية "الفولتية" التي يستخرج منها الكهرباء من الممكن أيضا أن تنتج الكهرباء من الغيوم في حال عدم وجود الشمس، والآن أحضرنا اللوحات الفولتية للقيام باستثمار الشمس في تلبية حاجتنا في الجمعية من الكهرباء، ولكن نحتاج إلى بعض الوقت لإتمام الفكرة على نطاق ضيق ومن ثم يمكن استثمار الطاقة الشمسية على نطاق أوسع».

أحد النماذج للخلايا الشمسية على سطوح الأبنية

يتابع: «الأمر يحتاج إلى استيراد للخلايا الشمسية من الخارج، ويمكن لتيسير الأمر استيرادها من مصر أو الصين أو بعض الدول المجاورة، على اعتبار أننا لا ننتجها في "سورية"، كما يحتاج الأمر لمساحات واسعة من الأراضي، وبالنسبة للأعطال فهي بسيطة جداً وتكاليف الصيانة معدومة تقريباً، والتكلفة ستكون في البداية فقط، ولكن مع مرور الأيام فإن التوفير الناتج عن هذه العملية سيغطي التكلفة من التركيب والتصنيع والشراء، وسيحقق عائداً كبيراً يحقق الفائدة للوطن».

ويضيف بالقول: «في الفترة السابقة وقبل الأوضاع الحالية في "سورية"، نشطت المؤتمرات التي تخص الطاقات النظيفة والبديلة عن المواد البترولية، كما نشطت اللقاءات مع رجال الأعمال السوريين والألمان، ودرست كافة الاحتمالات لتوليد الكهرباء في "سورية" مع إمكانية تصديرها إلى بعض الدول الأوروبية كـ"بلغاريا" مثلاً، فلدينا مساحات تؤمن كميات كبيرة من آلاف الكيلو واط الساعي، وهذا يعتمد على حجم وعدد المشاريع المقامة، كما جرى لقاءات عدة مع ممثل رجال الأعمال في أوكرانيا وممثل وزارة الكهرباء لبناء معمل ينتج سنوياً 11-15 ميغا واط من الكهرباء، وهي كمية جيدة تغطي جزءاً كبيراً من حاجة "سورية" للكهرباء، وأحد المشاريع الضخمة التي طرحت على مستوى الوطن العربي في وقتها "تكنولوجيا شمس الصحراء"، فعلى مستوى "سورية" ينتج الكهرباء عن طريق الخلايا الشمسية؛ حيث يغذي كافة المدن والفائض يباع لبلدان أخرى، وقد أجريت الدراسة الكاملة للمشروع ووضعت المخططات من قبل وزارة الكهرباء ومركز بحوث الطاقة السوري».

الطباخ الشمسي

وعن نجاح هذه التجربة يبيّن "الصفدي" بالقول: «هذه التجربة ناجحة بكل المقاييس ومطبقة في كثير من البلدان الأوروبية على الرغم من عدم حاجتهم للتقنين نجد مدناً بأكملها تعتمد في توليد الكهرباء على الطاقة الشمسية؛ وهو ما يحقق توفيراً بنسبة تتجاوز 90%، وهذا يحقق فوائد كبيرة.

كذلك هناك تجارب ناجحة ببعض البلدان العربية مثل: "مصر، وتونس، والجزائر"، ولكن هنا في "سورية" تحتاج إلى من يؤمن بالفكرة ويدخلها حيز التنفيذ، على اعتبار أنها تقام لأول مرة، فالأمر يحتاج لتوعية ونشر لها ولفوائدها الكبيرة بتطوير البلد، حتى إنها كمشروع تجاري ستعطي أرباحاً ممتازة جداً، ومن الممكن لرؤوس أموال داخلية أن تستثمر الفكرة؛ وهو ما يحقق الفائدة بيئياً وخدمياً، حتى إن وزارة الكهرباء بالتعاون مع رئاسة مجلس الوزراء شجعت الفكرة بإصدار قانون "استثمار الكهرباء" دعت من خلاله كل إنسان سواء على مستوى الفرد أو مجموعات استثمارية أو شركات، أو حتى مجموعات كبيرة لاستثمار الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء ليستثمر لنفسه ويبيع الفائض، كما منحت القروض بفوائد ضئيلة جداً أي ما يعادل واحد بالمئة، ولكن الإقبال كان قليلاً جداً».

يختم بالقول: «لا يمكن إدخال أي جهاز جديد إلى البلد دون التوعية، نحن بحاجة لنشر الفكرة، والتوعية المستدامة، والحديث عن فوائدها، وآثارها الإيجابية والسلبية، والتركيز على الناحية الاقتصادية والناحية البيئية والتوفيرية أيضاً، ونحن نقوم بنماذج لكي يتعرف الناس الفائدة التي يمكن أن تحقق، ومن ثم التشجيع والمساعدة قدر المستطاع».