حملت سحر الوردة الدمشقية وعبقها لتنثره عبر كلماتها، معلنة أن أشعارها محملة بعطر الأمومة وانسياب الجدول وعبق الخزامى، إنها الشاعرة "لبنى مرتضى".

مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 15 تشرين الثاني 2014، وعن بداياتها مع الأدب تحدثت بالقول: «هذا الوهم الجميل الذي أسميته حياة ثانية، وأعيش فيه منذ نعومة أظفاري، كانت بدايته في مجلة الحائط التي تسلمتها بناءً على طلب من أساتذتي، وكنا ننثر كتابات "جبران ونزار" ونرى من خلالهما الحب بأنواعه وألوانه في هذه المراهقة الأدبية، فالموهبة تشبه الماء في الأرض ستظهر ذات وقت وإن تأخر، والعمل الإبداعي هو الإرادة والعمل الدؤوب، ومن حسن حظي أن بيئتي محبة للثقافة، فكان لوالدي مكتبة أغنتني، ويساهم زوجي دائماً بتعزيز ثقتي بنفسي وموهبتي، ويقدم التسهيلات اللازمة من أجل تأمين الجو والبيئة المناسبة لإنجاز أعمالي».

هي حالة تماهٍ في جملي الشعرية، وهي جزء من الحياة التي نعيشها وإلا فسيضيق العالم بنا، فالشعر الحديث هو صور وموسيقا داخلية، وحالة الكتابة هي ما يشبه الوجد والفيض

وعن تجربتها الشعرية وأهم ما تميزت به تقول: «لقد كتبت في مجالات عدة، لكن قصيدة النثر هي التي تأخذ بعداً مهماً لما تركته أمامي من مساحات وآفاق مترافقة مع إيقاع الزمن، وقصائدي مسكونة دائماً بالحب وألوانه الدافئة، الذي يؤكد في رؤاه ديمومة الحياة، وأشواق الإنسان الذي يعمل ويحلم بتغير الواقع الرتيب، وإعادة صياغته بالكتابة على أجفان الريح، والصفصافة، والبوابات العتيقة التي تضغط على مداراتي، وخصوصاً لأنني ابنة "دمشق القديمة" التي منحتني الكثير من العطر في الحب والإنسانية، والتجذر في الوطن، وبما أن الأنثى هي الأصل، والدنيا هي الأنثى، الحياة هي الأنثى، الشام التي أحبها هي الأنثى، لذلك وببساطة يجب أن تكون أشعاري محملة بعطر الأمومة».

خلال إحدى مشاركاتها

وتتابع عن العلاقة التي تربطها بالشعر والكتابة: «الشعر والكتابة هما عطر هذا الكون الواسع، ومن خلالهما أستطيع إزاحة العالم وإعادة صياغته من جديد، فهما الأداة الراقية الشغوفة التي أصنع عبرهما لنفسي جناحين للغبطة حتى يحملاني وأطير».

وتعرف الِكتاب والإبداع بالقول: «الكتاب هو مصدر إشعاع ثقافي وحضاري، إنه النافذة التي نطل من خلالها على دائرة الفنون والعلوم والثقافات، وهو أحد الأسلحة الفعالة التي تجعل الإنسان يواكب مسيرة التقدم وإفرازاتها ومعطياتها، أما الإبداع فهو رؤية الفرد لظاهرة ما بطريقة جديدة، لذلك يمكن القول إن الإبداع يتطلب المعالجة، ومن ثم القدرة على الإحساس بوجود مشكلة تتطلب المعالجة، ومن ثم القدرة على التفكير بأسلوب مختلف ومبدع، فالمبدع كزهر الربيع المتخم بالحياة، يخلق بفعل الطبيعة، الأرض هي وسيلته لإيصاله للنور، هو من يمتلك وعياً حاداً بما يوجد من حوله في العالم الواسع، إلا أن وعيه هذا إيجابي وبنّاء، وهو لا يسمح لنفسه بالوقوع في مستنقع التذمر أو السخط، فهو يخلق من سخطه الدافع لفعل شيء بنّاء تجاه ما يدور حوله».

وعن أهم إصداراتها ومشاركاتها تقول: «صدر لي مجموعتان شعريتان؛ الأولى بعنوان "القمر الطليق"، والثانية "عرق الذهب"، وقيد الطباعة "أكون أنا"، أما مشاركاتي فتمثلت من خلال المهرجانات الشعرية والأدبية، والعديد من تجارب الحوار بين اللوحة والقصيدة، إضافة لإدارة بعض المنتديات الأدبية في بعض المراكز الثقافية».

وعمن تأثرت بهم وعن أهمية الموهبة تقول: «الأدب والشعر لا يقدر بثمن، فهو كالعطر لا يقيم بحجم القارورة، ولا من ملء تلك العبوة الفارغة، فقد كنت مثل الرحالة أتنقل بين الكتب والشعراء والأدباء في عوالم حسية لا تستهوي معرفة القائم على العمل، بل ما قدمه من ثمرات جهده الفكرية والإنسانية، وتأثري بها كان خلاصة التجارب التي اكتسبتها، إذ صنعت من نفسي هاجساً آخر ولوناً مختلفاً، الكتابة تأتي من الممارسة والمخزون الكامن من ثقافات ورؤى وصدقية مع الأنا المنتجة، والأذن المرهفة تعرف ذلك، الفيض يأتي مثل سيل الماء إنها عرق الذهب الذي يتوهج بين باقي المعادن».

أما عن تجربتها بمجال الأجناس الأدبية الأخرى فتقول: «كتبت بمجالات عدة من قصة وخاطرة، وعملت محررة في الصفحات الثقافية في جريدة "الديار" اللبنانية، وبعض الصحف المحلية كـ"سكوب العرب، السنونو، الأسبوع الأدبي، وبعض الصحف الدورية"».

وتقول عن تعاملها مع اللغة والموسيقا بكتاباتها: «هي حالة تماهٍ في جملي الشعرية، وهي جزء من الحياة التي نعيشها وإلا فسيضيق العالم بنا، فالشعر الحديث هو صور وموسيقا داخلية، وحالة الكتابة هي ما يشبه الوجد والفيض».

وقدمت رأياً بتصنيف الأدب بين ذكوري وأنثوي قالت فيه: «الكتابة الإبداعية الجميلة هي التي تنبع من الفرح، ومن معاناة ووهم الإنسان الجميل في موجوداته، ولا أعتقد ثمة فرق في هذا المجال بين الذكر والأنثى، الإرادة القوية والشخصية المتماسكة لا بد أن تظهر مثل ثمر الشجر، وصدى صوت الماء في منحنى الوادي والحياة».

وتختتم حديثها بالتعبير عن رأيها بالمنتديات الأدبية على مواقع التواصل الاجتماعي بالقول: «الموهبة الأدبية بحاجة إلى صقل مثل المعادن الثمينة، وبحاجة إلى بيئة حاضنة تتمثل بالخبرة والفكر الصحيح تجاه اللون الأدبي الذي تمارسه هذه الموهبة، فمن جهتي لا أستطيع الجزم بصراحة عن رأيي بهذه المواقع إلا بمعرفة ماهية الموقع والقائمين عليه، ولكنني أفضل أن تنشأ علاقة لطيفة بين المواهب وأصحاب الخبرات بالاحتكاك الواقعي، وليس خلف الشبكات وشاشات التواصل الاجتماعي».

عنها قال الكاتب "مفيد كمال الدين": «تسحرني مفردات أنوثتها، كصوت قادم من أعماق السماء، من خلال إبداعها لقصيدة بعنوان "اللوحة"، تسكن وتتجذر برحم الأرض، فتنبت سنابل قمح، في وقع حروفها تتكون القصيدة لتمطر خمراً للروح، فيتألق الجسد وتترنح المعزوفة لتصير أغنية، صوت تكوّن بآهات الآلهة، لتستريح الروح بمعبد العشق، هي أنثى من رحم الوجدان ولدت فسكنْت الذاكرة، وسطرت صفات لصوت امرأة غنى لها الصبح، بوركت "لبنى مرتضى" كصوت لأرض أنبتت عبر التاريخ أميرات سوريات، فتشمخ بها وبمن يشبهها».

بدوره المخرج "مظهر الحكيم" قال: «عندما نقول زهرة من زهرات اللوتس التي تضيء الغيوم المشمسة، والتي توزع قبلاتها لتتدحرج على أصابع شهدائنا، وأمهاتهم الضارعات إلى الله أن يحمي وطننا، والصباح مرآة ممنوحة، على أشجار الفصول، وأصدافها تشع، وتلمع جوانبها في زرقة الوطن، "لبنى مرتضى" من بيئة تملك الحس الأدبي بشخصية والدها، والحس الأسروي بشخصية والدتها، والحياة الأسروية المتكاملة بإحساس إخوتها، تحول هذا الصراع الأسروي إلى تدفق شعري، فتحولت "لبنى" إلى كلمة منسوخة، مقروءة، مسموعة، وأنا أقول إنها شفافة، كريمة، معطاء، لكنها بخيلة في مواعيدها، بخيلة في تدفقها، عندها الكثير، ولكن لا تعطي إلا القليل».

يذكر أن الشاعرة "لبنى مرتضى" من مواليد 5 كانون الثاني 1977، تحمل إجازة في الإعلام، حالياً متفرغة للعمل الثقافي لإدارة المنتديات، وللكتابة في بعض الصحف والمجلات المحلية.

من قصيدة "إلى هيلين":

"تفرد الطمأنينة جناحيها

يتهادى نور ناعم من وجنتي حبيبي

وتفكر فيما بين الغموض والوضوح

تتجاذبها أفكار صغيرة فيما ترف

أجنحة قلبه إلى الفراغ المنظور

ليرتشف

ما تبقى من الكأس بحيوية...".