يتميز بطراز معماري فريد، ليس عن نمط البناء المملوكي فحسب بل عن كل المساجد الشامية خلال الفترات المتعاقبة، ويمتلك واحدة من أجمل مآذن العالم الإسلامي، ورغم اختلافه يعده الدارسون مسطرة معمارية مملوكية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 30 آب 2014، مع الباحث التاريخي "عماد الأرمشي" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فتحدث عن جامع "القلعي" ويقول: «تم بناء هذا الجامع المملوكي الطراز سنة 870 للهجرة، والمئذنة أيضاً، وذلك حسب اللوحة الجدارية المثبتة على قاعدة المئذنة في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الموافق بالقرن السادس عشر الميلادي، ونجد اسم جامع "القلعي" مذكوراً بكثرة في كتاب "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" دون التطرق إلى بانيه أو أوقافه».

تتمتع المئذنة بمقرنصات وشرفة دائرية تقوم على أرضية خشبية، والمئذنة مربعة الجذع متعددة الطبقات، ففي الطبقة الأولى مداميك حجرية عادية واسعة السطوح، وفي الطبقة الثانية الغنية بالعناصر الزخرفية يوجد ثلاث نوافذ صماء في كل ضلع، ويحيط بالنوافذ مقرنصات جميلة جداً

ويضيف: «يبدو لي أنه كان في ذلك العصر من أعظم مساجد مدينة "دمشق"، إلا أن أحواله تغيرت، واليوم أصبح الدخول إليه يتم من بابه الشرقي المجدد والحديث، حيث تم تجديده بطابع إسلامي أثري في نهايات القرن العشرين، ويوجد على مدخل الباب لوحة تعريفية نصها الآية الكريمة: (إنّما يَعُمُر مَسَاجد اللهِ مَنْ آمنَ باللهِ واليومِ الآخر)، ونوهت المصادر التاريخية إلى أنه لم يتبق من جامع "القلعي" أو كما يسمى بـ"جامع الشامية" إلا المئذنة الجميلة التي تعد من أجمل المآذن المملوكية التي بنيت في ذلك العصر في "دمشق" و"القاهرة"، ولقد أضيف إلى الجامع فيما بعد بناء مسجد حديث، وجدد عام 1997 للميلاد».

من إحدى الحارات المطلة على الجامع

ويتابع: «حرم بيت الصلاة مستطيل الشكل، ويشغل جدار القبلية الضلع الأكبر من بناء الحرم، وقد تم تجديده في العصر العثماني ومن ثم في العصر الحديث، والغريب في شكل السقف هو السنم الخشبي المقوس لسقف حرم بيت الصلاة؛ ما يعطيه ميزة خاصة أنه الجامع الوحيد من بين مساجد "دمشق" المبني على شكل قوس كبير الحجم له شكل نصف دائرة ومن دون دعائم حديدية، أو عضائد حجرية أرضية تحمل السقف من أرض الحرم».

ويبين: «جدران حرم الصلاة الأربعة مزودة بنوافذ علوية تزيينية مقوسة ومفتوحة، ويأخذ طرازها شكل القوس المدبب للاستفادة منها بدخول الإنارة إلى حرم المسجد، وتم تزيينها بالزجاج المعشق البديع المنظر، ليضفي على المسجد جمال البناء، في حين أن جميع النوافذ السفلية مسدودة، وأخذت شكل القوس ولكنها صماء، وتم بناء جدار شمالي جديد للمسجد، مع إعادة تمديد الشبكات الكهربائية والتمديدات المائية، علاوة على إكساء الجدران بالحجر داخلياً وخارجياً، للجامع محراب حجري منيف، تحيط به أربعة أعمدة متوجة بتيجان حفيفه القرنصة، ومتوج بثلاثة أقواس أبلقية التركيب من الحجر الأبيض والحجر المزي، وقد نقش في أعلاها الآية الكريمة: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً).

الباحث عماد الأرمشي

أما الآثاري "عمار مهيدي" فيقول: «تقوم مئذنة الجامع الحجرية المربعة الرائعة، ذات الزخارف البديعة والمقرنصات والنقوش بالجهة الجنوبية الغربية للمسجد، وهي بحق من أروع مآذن العالم الإسلامي، إن هذه المئذنة المربعة تتخطى حدود الزخارف المعهودة، فكل عناصرها الزخرفية والتفصيلية تقودنا إلى طراز مآذن "القاهرة"، مثل التقسيم الواضح للطوابق، والمقرنصات أسفل شرفة المؤذن، والزخارف الصماء، والأشرطة التزيينية الكثيفة، إضافة إلى البلكونات التزيينية في الطابق السفلي».

وذكر الباحث "كارل ولتسينجر" في كتابه "الآثار الإسلامية في مدينة دمشق" ضمن البعثة الألمانية - العثمانية التي أجرت مسحاً ميدانياً شاملاً للأبنية الأثرية والإسلامية "بدمشق"، ويقول: «تتمتع المئذنة بمقرنصات وشرفة دائرية تقوم على أرضية خشبية، والمئذنة مربعة الجذع متعددة الطبقات، ففي الطبقة الأولى مداميك حجرية عادية واسعة السطوح، وفي الطبقة الثانية الغنية بالعناصر الزخرفية يوجد ثلاث نوافذ صماء في كل ضلع، ويحيط بالنوافذ مقرنصات جميلة جداً».

مئذنة الجامع الحجرية المربعة

يذكر أن جامع "القلعي" أو جامع "الشامية" يقع في بداية سوق "مدحت باشا" بين سوق "القطن" وسوق "الصوف"، بمحلة "الخضيرية" في حي "الشاغور"، داخل أسوار مدينة "دمشق القديمة".