شخصيتها لامعة وذات حضور قوي، استأثرت بمحبة واحترام المشاهدين على مدى ثلاثين عاما من خلال عملها كمقدمة لبرنامجٍ "ما يطلبه الجمهور" الذي كان الأشهر والأكثر متابعة لدى الجمهور السوري.

الإعلامية السورية المتألقة "ماريا ديب" أخذتنا معها من خلال لقائنا بها إلى عالم مملوء بالصدق، والاحترام، والغنى، فأعادت لنا صوتها الدافئ عبر الكلمة المكتوبة.

هذه السيدة استطاعت أن تكون بصمة راسخة في تاريخ التلفزيون العربي السوري، وأيضاً في ذهن المشاهد الذي كان يتابعها عبر برنامجها الشهير، وأكبر دليل على ذلك هو هذا التذكر القوي للسيدة "ماريا" من قبل كل الناس الذين أحبوها، والذين لم يحبوها سواء برأي إيجابي أو سلبي، فمثلاً لو سألت أي مواطن سوري عن رأيه ببرامج التلفزيون لتحدث عن برنامج السيدة "ماريا"، وحين نذكره بأنها تركت العمل كمذيعة منذ عشرة أعوام لا يصدق ذلك، وهذا يعني أنها استطاعت "بجدارة" أن تترك هذه البصمة حتى اليوم

eDamascus وبتاريخ 10/4/2012 كان في حوار ودي ومباشر مع السيدة "ماريا"، فكان تجاوبها وتواضعها الأكثر حضوراً في هذا الحوار:

مع المطرب "جورج وسوف"

  • كيف فكرت أن تكوني مذيعة، ولماذا؟
  • ** يبدو أن الأقدار هي التي تقودنا لنسير في درب لم نكن نحسب له حساباً، ولم نكن نفكر به، فحين حصلت على الشهادة الثانوية صادف أن تم الاعلان عن مسابقة لاختيار مذيعين ومذيعات، وكنت ممن تقدموا إلى هذه المسابقة وممن نجحوا فيها حيث كان التلفزيون يشدني إليه ويستهويني في كل ما يتم تقديمه فيه منذ الصغر، وكما قلت لك فإن القدر هو الذي اختارني لأكون في المجال الاعلامي.

    في مكتبها بمبنى الاذاعة والتلفزيون

  • كيف استطعت إثبات وجودك في هذا المجال؟
  • ** العمل الاعلامي يحتاج إلى رضا داخلي وهدوء، وعمل متواصل وجاد إضافة إلى الشخصية التي توهب للانسان من قبل الخالق. أيضاً هناك شيء مهم وهو كيفية التخاطب مع الآخر وإقناعه بما يتم تقديمه من أخبار ليقتنع بها.

    في لقاء مع الفنان "عادل إمام"

  • ما الأفكار الجديدة التي قدمتها كي تصلي إلى التميز؟
  • ** التميز شيء رائع وكبير، فأن يستطيع المذيع أن يصل إلى قلب المشاهد وفكره أمر صعب، وأحب أن أقول إن هناك فرقاً كبيراً بين أن تكوني مقدمة ماهرة ومتمكنة مما تقدميه ولكن لا تستطيعين إيصاله إلى الجمهور، ومثال على ذلك يجب أن يأخذ "تقطيع الجملة" أثناء التقديم اهتماماً كبيراً من المذيع، كذلك الأمر الأهم بالنسبة "للنظر" إلى عين الكاميرا، و"الكاريزما"، وأسلوب المخاطبة، والمعرفة المتعمقة في أمور كثيرة، واختيار المواضيع التي تهم المشاهد وتدخل البهجة إلى قلبه فترسم الابتسامة على شفتيه، وبين أن تبتعدي عن ذلك. كل ذلك يجعل المذيع متميزا.

  • ماذا أضاف الاعلام إلى شخصية المذيعة "ماريا ديب"؟
  • ** أضاف لي الكثير في حياتي، فقد عرفني على شخصيات لم أكن لأتعرف عليها لولا عملي الاعلامي، كذلك أضاف لي محبة الآخرين والتي هي أثمن كنز حصلت عليه والذي سيكون زادي وذكري بعد مماتي، العلم والمعرفة التي نحتاجهما دائما، السفر لأماكن متعددة في العالم، حضور المؤتمرات الهامة، والدورات التي قمنا بها كل ذلك أضاف لي الكثير.

  • برنامج "ما يطلبه الجمهور" كان محطة هامة وبارزة في تاريخك، ماذا عن هذه التجربة؟
  • ** أعددت برامج متنوعة في التلفزيون، لكن "ما يطلبه الجمهور" هو الذي كان حلقة الوصل والتواصل المهم بيني وبين الجمهور. ثلاثون عاماً ونيفاً أتذكرها الآن وكأنها لمحة مرت في حياتي. كنت ألتقي جمهوري كل يوم خميس، وأشتاق إلى محبته وتجاوبه كي يعطيني الدفع والاستمرار. كنت عندما أنظر إلى الكاميرا أحس بأني أرى كل من يشاهدني ويتابعني، وعندما أضطر أحياناً للغياب عن تقديم البرنامج كنت أحس كأني أغيب عن أسرتي، وأشتاق لجمهوري كما أشتاق لأغلى أحبتي. كنت أحس عندما تبدأ شارة البرنامج بأنني سألتقي بعد لحظات أشخاصاً مهمين في حياتي، فترتسم الابسامة على وجهي حتى لو كنت قبل لحظات من ذلك غير سعيدة. بالتأكيد الجمهور كان يحس بشعوري ويبادلني هذا الاحساس، كان يحس بصدق مشاعري وحرصي على تقديم ما يرغب بكل حب. لقد انطلقت بالبرنامج وطورت به، فقد كنت ألتقي مع بداية كل شهر مع مطرب سوري أو عربي حتى إن أغلب المطربين السوريين والعرب تعرف بهم الجمهور السوري من خلال البرنامج. أيضاً انطلقت إلى كافة محافظات القطر وتعرفنا على الأماكن الأثرية فيها، وزرنا المستشفيات في الأعياد لمعايدة المرضى. في عيد الأم دخلنا إلى غرفة الولادة واستقبلنا الطفل الوليد مع أمه. تلقينا آلاف الطلبات عبر الهاتف إضافة للرسائل. ثلاثون عاما من عمري كان التواصل فيها مع الجمهور شيئا رائعا. لقد كان ذلك كالكنز الذي مازال يطوق عنقي، ولولا هذا الحب لما استمر البرنامج طوال تلك السنوات.

  • تقلدت مناصب إعلامية عديدة في التلفزيون وصولاً إلى عملك الحالي في إدارة برامج الأطفال، ماذا عن هذه التحولات؟
  • ** كل منصب نتقلده يضيف لنا أشياء كثيرة ومهمة، منها معرفة الأشخاص الذين نستفيد منهم ومن تجاربهم معلومات جديدة تضاف إلى معلوماتنا كلما تقدمنا في العمل أو في السن. خلال عملي كرئيسة دائرة للمذيعات والمخرجين اكتسبت منهم الكثير. أجمل شيء في العمل أن تكوّني أسرة محبة تشعرين معها وكأنها الأسرة التي تربيت بينها كل العمر.

    انتقلت للعمل في دائرة الأطفال وكان في ذلك سعادتي فمن منا لا يحبهم وهم الحياة والاستمرارية، والمستقبل، وهم من يرسم البسمة على شفاهنا؟ ومن يعطينا الحافز للحياة؟ تجربتي مع الأطفال تجربة رائعة، وهي مستمرة منذ سبع سنوات قدمت لهم خلالها الكثير من الأعمال التلفزيونية.

  • هل كنت سبباً في توريث أبنائك العمل الاعلامي؟
  • ** قد أكون من زرع في نفوسهم هذا الحب لأني أحببت عملي بشغف وأعطيته الكثير، وأعطاني الكثير. لقد أحب أولادي هذا العمل بالتأكيد كما أحببته.

  • ماذا عن "الأم" ماريا ديب: في البيئة، في التربية، في المجتمع؟
  • ** الأم أروع ما ملكت وما سميت به: "أم عمار". كنت مع أولادي في كل خطواتهم، في أحاسيسهم، في دراستهم، وكنت متابعة لكل ما يقومون به. أحببت أن يكونوا سوريين قبل كل شيء وأرضعتهم محبتهم لمجتمعهم ووطنهم كي يكونوا ناجحين، ويساهموا في بناء الوطن كي يبقى معافى وقوياً. أدخلتهم إلى الحياة وهم محصنون بالمعرفة والأخلاق. ابني الكبير "عمار" مهندس مدني. ابنتي الوسطى "دينا" طبيبة أسنان لكنها تركت الطب لتلتحق بالعمل الاعلامي، ابني الأصغر "مهند" يعمل محاميا.

    * كيف تقضين أوقات فراغك؟

    ** في الأوقات المتاحة لي أمارس الرياضة يوميا، وأتواصل مع أصدقائي وأحبتي، كذلك أهتم بالقراءة بشكل دائم. أما الطبخ فهو هوايتي حيث من الممكن أن أبقى في المطبخ لساعات.

    في لقاء مع الكاتبة والاعلامية "ديانا جبور" رئيسة تحرير جريدة "بلدنا" قالت: «هذه السيدة استطاعت أن تكون بصمة راسخة في تاريخ التلفزيون العربي السوري، وأيضاً في ذهن المشاهد الذي كان يتابعها عبر برنامجها الشهير، وأكبر دليل على ذلك هو هذا التذكر القوي للسيدة "ماريا" من قبل كل الناس الذين أحبوها، والذين لم يحبوها سواء برأي إيجابي أو سلبي، فمثلاً لو سألت أي مواطن سوري عن رأيه ببرامج التلفزيون لتحدث عن برنامج السيدة "ماريا"، وحين نذكره بأنها تركت العمل كمذيعة منذ عشرة أعوام لا يصدق ذلك، وهذا يعني أنها استطاعت "بجدارة" أن تترك هذه البصمة حتى اليوم».