منذ أن أعلن العالم الأمريكي "جورج دمينغ" والذي يطلق عليه لقب "أبو الجودة" أربع عشرة نقطة شهيرة تمكّن الشركات من الحصول على أفضل جودة بأقل تكلفة ممكنة وقطاع الأعمال في العالم يسعى لإيجاد مجموعة مقاييس عالمية موحدة تعطي الشركات ميزة تنافسية وشهادة للشركات الرائدة التي تطبّق المعايير العالمية في مجال قطاع عمل الشركة، ومن أمثال هذه الشهادات ISO في مجال الإدارة، HACCP في مجال سلامة وجودة الغذاء، ومؤخراً شهادة الاعتمادية CMMI في مجال صناعة البرمجيات.

في إطار متصل خطت ثماني شركات برمجية سورية خطوتها الأولى في مشروع تطوير صناعة البرمجيات السورية، حيث تمّ في قاعة المؤسسة العامة للاتصالات في المزّة يوم الثامن من شهر أيار 2010 الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من أصل خمس مراحل تؤهل عدداً من الشركات البرمجية السورية الحصول على شهادة الاعتمادية في صناعة البرمجيات CMMI.

لتحقيق بُعد وطني يهدف إلى دفع عملية تطور عمل الشركات البرمجية السورية من خلال تطويرها من الداخل

واستطاعت جميع الشركات البرمجية السورية التي شاركت في المرحلة الأولى من مشروع تطوير صناعة البرمجيات الانتقال إلى المرحلة الثانية بعد نجاحها في تطبيق المعايير وإجراءات العمل التي تتطلبها شروط المرحلة الأولى، ذلك بإخضاع كوادرها البشرية إلى دورات تدريبية لرفع مستوى الكفاءة والقدرة والفعالية.

الدكتور "راكان رزوق"، الدكتور "عماد صابوني"

موقع eSyria حضر حفل اختتام المرحلة الأولى من مشروع تطوير صناعة البرمجيات في سورية والتقى عدداً من الشركات المشاركة في المشروع:

المهندس "أحمد راشد الحافظ" مدير البحث والتطوير في شركة "أوتوماتا 4" قال عن تقييمه للمرحلة الاولى من المشروع: «لم تخرج النتائج عن التوقعات، فالمرحلة الأولى ليست مرحلة تطوير الشركات بقدر ما هي تغيير في ثقافة المنظمة عن طريق دراسة وتطبيق النموذج CMMI، فطريقة العمل أصبحت تختلف الآن، أصبحنا منظمين بشكل أفضل أكثر، لأن صناعة البرمجيات لم تعد حرفة، بل هي صناعة تحتاج إلى إدارة واضحة ومعرّفة وتخطيط واضح، كذلك إلى إجرائيات عمل معرفة وواضحة».

الدكتور مهيب النقري

وعن الميزات التي من الممكن أن تكتسبها الشركات البرمجية السورية بحصولها على شهادة اعتمادية من هذا النوع أضاف "الحافظ": «الميزة الأهم هي أننا بدأنا نعمل بشكل صحيح، فموديل CMMI ركز على مشكلات الشركات وشكّل حلاً لكيفية تخطيط ومراقبة عمل المشاريع، وتلافي الأخطاء قبل ظهورها، والمشروع الذي طبقنا عليه الموديل أعطى نتائج مبهرة».

أمّا "رويدة منصور" مديرة قسم البرمجة في شركة "سكر" للصناعات البرمجية فقالت: «مرحلة التهيئة قدّمت لنا طريقة احترافية في المعالجة منذ بداية المشروع، فبمجرد أن تعمل بطريقة واضحة وصحيحة فإن مخرجات الشركة ومنتجاتها تكون جيدة وذات جودة أعلى، تفتح هذه الشهادة المجال أمام الشركات السورية للحصول على فرص عمل في السوق الدولية».

د."باسل خشي" معاون وزير الاتصالات

الدكتور "مهيب النقري" عضو مجلس إدارة في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية- مدير المشروع قال: «فكرة المشروع الرئيسية تعتمد على تأهيل الموارد البشرية والتي هي المورد الأهم في الشركات، لذلك يتم تدريبها لتطوير طرائق وإجراءات العمل لديها بالشكل الذي يحقق أفضل كفاءة بأقل تكلفة ممكنة».

وأضاف "النقّري": «انهى المشروع مرحلته الأولى في السادس من شهر أيار 2010، أما المرحلة الثانية فستبدأ في العاشر من شهر ايار 2010 وتنتهي في نهاية شهر تشرين الأول 2011».

وأشار "النقري" إلى أن «الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية تدير هذا المشروع وتساهم بما قيمته 43 بالمئة من قيمته التي تتجاوز خمسمئة ألف دولار أمريكي، بينما تمول وزارة الاتصالات والتقانة المشروع بنسبة 21 بالمئة، وتدفع الشركات البرمجية المحلية المستفيدة ما قيمته 36 بالمئة وهو ما يعرف عادة بهامش الجدّية.

ووصف الدكتور "عماد صابوني" وزير الاتصالات والتقانة المشروع بأنّه «أوّل مشروع من هذا النمط يقوم على المشاركة بين ثلاث جهات، جهة حكومية هي وزارة الاتصالات والتقانة، وجهة أهلية هي الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وجهة خاصة هي الشركات المشاركة والمستفيدة».

موضحاً أنَّ المشاركة بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي والقطاع الخاص صبّت في هذا المشروع «لتحقيق بُعد وطني يهدف إلى دفع عملية تطور عمل الشركات البرمجية السورية من خلال تطويرها من الداخل».

وأشار "الصابوني" في كلمته الافتتاحية إلى أنه «بالتوازي مع إنجاز المرحلة الأولى المؤهلة للحصول على شهادة الاعتمادية CMMI تمّ تأهيل عدد من الخبراء المحليين في مجال إجراءات الشهادة ذاتها، كما أنّ التكلفة كانت متوسطة مقارنة بالنتائج التي تم الحصول عليها».

وقال الدكتور "راكان رزوق" رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في الكلمة التي ألقاها في حفل الافتتاح: «يساهم هذا المشروع في بناء القدرات التنافسية للشركات المعلوماتية في سورية من خلال تحسين آليات عملها وجعلها أقدر على تلبية الطلب المحلي على المنتجات البرمجية وزيادة قدراته التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية».

مبيّناً أن هذا المشروع «يتكامل مع مشروعين آخرين هما أيضا على درجة عالية من الأهمية ويهدفان إلى تطوير الطلب على المنتجات المعلوماتية، الأول هو "دراسة واقع البرمجيات في سورية"، والثاني هو "التدريب على معايير تقانة المعلومات والاتصالات"، وهما مشروعان تتعاون أيضا الجمعية في تنفيذهما مع وزارة الاتصالات والتقانة، ونتوقع لجملة هذه المشاريع أن تسهم في تحقيق التوافق بين العرض والطلب في سوق المعلوماتية في سورية».

في سؤال وجهه موقع eSyria للدكتور "راكان رزوق" رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية عن الغاية التي تنشدها الجمعية من تمويل شركات ربحية أجاب: «ليس الهدف من مساهمتنا في هذا المشروع هو دعم مؤسسات ربحية، بل الارتقاء بسوق المعلوماتية في سورية وقدرة الشركات على تنفيذ المشروعات البرمجية السورية، كذلك رفع قدرة هذه الشركات على العمل خارج سورية، كذلك فإن أحد المنتجات الهامّة جداً هو أن يصبح لدينا عدد من الخبراء المحللين الذين تم تدريبهم على معايير الاعتمادية، وهم قادرون على تدريب غيرهم مستقبلاً».

وفيما إذا كانت الجمعية المعلوماتية تنوي مستقبلاً اعتماد هؤلاء الخبراء في إطار متصل بالجمعية قال الدكتور "رزوق": «هؤلاء الخبراء هم أساساً أعضاء في الجمعية، وتقدّر الجمعية وجودهم والخدمات التي يقدمونها على مستوى الاعتمادية وعلى مستوى الشركات».

وعن إمكانية تدريس معايير شهادة الاعتمادية CMMI في جامعات سورية متخصصة قال الدكتور "راكان رزوق": «عادة هذه المعايير لا تعتمد على مستوى جامعات خاصّة، بل تأتي من خلال التدريب التخصصي على مستوى الشركات، ومن خلال علاقة هذه الشركات بمراكز الاعتمادية، ولا تدرّس على مستوى إجازة جامعية أو حتى شهادة ماجستير».

وقال الدكتور "باسل خشّي" معاون وزير الاتصالات والتقانة: «قانون فض النزاعات هو إلى الآن مشروع جديد ينظر في أمره في وزارة الاتصالات والتقانة، والحقيقة أن هناك العديد من المشاريع في صناعة البرمجيات توقفت بسبب الاستلام الأولي، الذي كان من المفترض أن تتبعه عدّة مشاريع، وهو أمر خطير وخطير جداً، لذلك نفكّر في وزارة الاتصلات والتقانة بطريقة لحل هذه المشكلات، لنستطيع انجاز مشاريع بشكل أسرع وفعال أكثر، ونستطيع دفع عملية صناعة البرمجيات في سورية ودفع الشركات التي تعمل في هذا المجال».

وأضاف الدكتور "باسل خشّي": «الفكرة تقوم على أن يكون هناك جهة معتمدة من الدولة مهمتها فض النزاع بين القطاع العام والخاص بما يتعلق بالبرمجيات، قرارها يكون ملزماً للقطاع العام وغير ملزم للقطاع الخاص، بالتالي بإمكان القطاع العام إذا شعر بأنه ظُلم أن يرجع إلى المحاكم المختصّة».

وفيما إذا كان مشروع تطوير صناعة البرمجيات في سورية سيشمل مستقبلاً شركات جديدة راغبة في الحصول على شهادة الاعتمادية CMMI قال معاون وزير الاتصالات والتقانة: «مذكرة التفاهم الأولى التي تم توقيعها كانت تقتصر على عشر شركات تقلصت إلى ثماني بسبب انسحاب شركتين، وانتهت المرحلة الأولى من هذه المذكرة مع الإخوة في مصر، الآن نحن بحاجة إلى تعديل هذه المذكرة من أجل إدخال مجموعة جديدة من الشركات البرمجية السورية الراغبة في مشروع تطوير صناعة البرمجيات في سورية».

وأضاف "خشّي": «كان يجب أن ننتظر انتهاء المرحلة الأولى من أجل تقييمها ورصد مدى النجاح الذي حققته باعتبارها تجربة جديدة، ومن ثم ستكون هناك دعوة عامة للشركات البرمجية السورية الراغبة في دخول المشروع».

بقي أن نذكر أن الشركات السورية التي اجتازت المرحلة الأولى من أصل خمس مراحل تؤهلها للحصول على شهادة الاعتمادية CMMI هي شركات:

سيريا سوفت، الكونية، سكّر للصناعات الإلكترونية، مجموعة أوتوماتا 4، ترانستيك، إنتيليكوم، AMS، وشركة MIS.

ويتم تأهيلها بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات– مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات SECC في جمهورية مصر العربية.