أطلقت محافظة "دمشق" بالتعاون مع مؤسسة "مصطفى علي" ملتقى النحت الوطني "حوار بين جيلين" والذي سيستمر خلال الفترة الواقعة بين الخامس عشر من كانون الجاري والخامس عشر من شباط القادم على أرض مدينة المعارض القديمة بدمشق.

وقال الفنان "مصطفى علي": «إن النحت السوري له تاريخ عريق يرجع إلى آلاف السنين، والساحل السوري وجنوب سورية وتدمر شاهد على عراقة هذا الفن وأصالته في نسيج الثقافة السورية، ولذلك سيكون الملتقى امتداداً لهذا التاريخ، ولتوفير فرصة للنحاتين بتقديم أعمالهم، فالنحات لا يستطيع مزاولة فنه داخل استوديوهات مغلقة، ويحتاج إلى ملتقيات من هذا النوع توفر له ورشة من الأدوات الثقيلة لجلب الحجر ونقله وعرضه، وإن الملتقى الوطني للنحت جاء كتجربة يملؤها الحماس والنزوع إلى الحوار بين جيلين، الأول هو جيل النحاتين السوريين المخضرمين، والثاني هو جيل الشباب».

إن الملتقى جاء للعمل بين جيلين في مرسم مفتوح، مما يساهم في تعريف الناس وإشراكهم بما نقدمه

لافتاً إلى أن الملتقى نشأ في رحم "ملتقى دمشق الدولي للنحت"، حيث اكتسب نحاتونا الشباب خبرة ومعرفة ثرية عبر عملهم كمساعدين للنحاتين العالميين الذين حلوا ضيوفاً على "دمشق" في العام الماضي.

نادر بعيرة

وبيّن "علي" في المؤتمر التي أقيم مساء يوم الاثنين 18/1/2010 في قاعة المحاضرات في المحافظة أن هذا الملتقى سيتيح الفرصة للجيل الجديد من النحاتين الشباب عبر المشاركة والتعرف على اتجاهاتهم، وفتح شهيتهم لخوض تجربة معالجة الحجر بأنفسهم، مشيراً إلى أنه لا بد من بعض التحدي حين يدور الحديث حول جيل الشباب من أجل صياغة حوار من نوع خاص بين جيل يملك الخبرة وآخر يتطلع إليها، فهذا الملتقى بحسب "علي" سيكرس تجربة النحت السورية التي تقدمت في السنوات العشر الأخيرة من ناحية الاهتمام بالجوانب الفنية، وتزيين مداخل وساحات حدائق مدينة "دمشق"، وإن المبادرة هي الأساس لإقامة هذا النوع من الملتقيات التي ازدهرت في سورية في السنوات الأخيرة، وكان أهمه ملتقى "اللاذقية" للنحت، وملتقى "السويداء"، وملتقى "مشتى الحلو" الذي ينظمه الفنان "فارس الحلو"، وملتقى "السنديان" في "طرطوس".

ويرى صاحب العمل الفني الذي يعرض على سطح مركز العالم العربي بباريس أن هذا الملتقى حظي برعاية كبيرة من محافظ دمشق الدكتور "بشر الصبان"، الذي كان له دور هام في تسيير شؤون مثل هذه الملتقيات على المستويين المادي والمعنوي، من جهة الإشراف الفني والإداري للفنون بما يتماشى مع مدينة "دمشق" ومكانتها العريقة.

هناء دويري

من جانبه أوضح "نادر بعيرة" عضو المكتب التنفيذي في محافظة "دمشق" أن تنظيم الملتقى الوطني للنحت يأتي كجزء من الدور الثقافي لمدينة "دمشق"، والذي تبلور بعد تنظيم الملتقى الدولي للنحت 2009، والاهتمام الفني والإعلامي والشعبي الذي لقيه طول فترة إقامته.

وقال "بعيرة": «إن محافظة "دمشق" قامت بتوفير البنية التحتية اللازمة لإنجاح الملتقى عبر توفير المادة الخام وبقياسات خاصة من الحجر التدمري الذي سيشتغل عليه النحاتون المشاركون، ومن خلال جهود مديريات الإنارة والكهرباء والنظافة والمديرية المالية، كما إن الإمكانيات المادية موجودة في جميع المحافظات فالموازنة العامة للدولة توزع على المحافظات الأربع عشرة حسب عدد السكان، ومحافظة "دمشق" تسعى اليوم إلى رعاية الأنشطة الثقافية والفنية، ومن أهمها تظاهرة "موسيقا على الطريق" التي ننوي تعميمها على كامل سورية».

جانب من الحضور

بدورها قالت "هناء دويري" مديرة المكتب الصحفي في محافظة دمشق: «من الضروري تسليط الضوء إعلامياً على الملتقى الوطني بهدف المساهمة في تأسيس المدرسة النحتية السورية، وتشجيع الشباب السوري على خط طريقهم نحو فن معاصر وحداثي».

في حين قال النحات "زكي سلام": «إن الملتقى جاء للعمل بين جيلين في مرسم مفتوح، مما يساهم في تعريف الناس وإشراكهم بما نقدمه».

لافتاً أنه سيقدم في الملتقى عملاً نحتياً عبارة عن أسرة فلسطينية مكونة من أب وأم وطفل يركز فيه بأسلوب الواقعية المبسطة على ظروف الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال، وما تقوم به إسرائيل لتفتيت العائلة الفلسطينية.

أما النحات "عادل خضر" فأوضح أنه سيقدم في الملتقى عملاً يشتغله على الحجر التدمري الذي تم اختباره في ملتقيات سابقة وأثبت جدارته، لافتاً إلى أن منحوتته عبارة عن شكل تجريدي يتناول العلاقة والتضاد بين شكل الدائرة والمستطيل وسيبلغ ارتفاعه حوالي المترين والسبعين سنتمتر.

بدوره بيّن النحات "عبد العزيز الدحدوح" أنه سيشارك في الملتقى بتكوين تجريدي، مبتعداً عن التشخيص، وهو عبارة عن شكل إنساني بطريقة التجريب على هيئة قوس يتداخل مع خطوط لينة، وسطوح مختزلة تعطي شكل القوس المستوحى من العمارة الإسلامية.

أما صاحب التجربة في مثل هذه الملتقيات الفنان "فارس الحلو" فقال: «إن الحوار في هذا الملتقى ليس بين جيلين، بل بين فكرتين، ومن الخطأ أن نقول أن هناك جيل شاب سيستفيد من الجيل المخضرم، فقد يكون العكس صحيح، ومن الممكن أن يفيد جيل الشباب الكثير من سابقيه، وبالتالي يستطيع الشباب أن يقدموا غنى ونضجاً معرفياً وثقافياً مختلفاً».