أحبّت الدّكتورة "غيداء الربداوي" الرّياضيات، فوجدت ضالتها في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا، وتخرجت فيه لتعود إليه وتتابع رسالة التّعليم مع طلاب لديهم قدرات متميزة، فكانت لهم مع زملائها العون والمرشد ليحققوا النجاح في هذه التجربة الرائدة، التي تكللت بمنح درجة الدكتوراه في المعهد.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 أيار 2018، الدّكتورة "غيداء الرّبداوي" لتستعرض معها ذكرياتها من أولى أيامها في المعهد، فقالت: «عام 1963 في مدينة "دمشق" ولدت، وشاءت الأقدار أن تذهب عائلتي إلى "الجزائر"، فوالدي حاصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية، ووالدتي مدرّسة اللغة العربية قد أُعيرا ليكونا من المدرسين المشاركين في حملة تعريب التعليم هناك. وهكذا أتيحت لي فرصة تعلم اللغة الفرنسية وإتقانها خلال إقامتنا، التي استمرت مدة أربع سنوات. عدنا إلى "دمشق"، وحصلت على الشّهادة الثانوية من مدرسة "زكي الأرسوزي" بعلامات تتيح لي خيار دخول أي فرع من فروع الجامعة، إلا أن الخيار الذي عرضه عليّ ابن خالي، وهو المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا، استهواني واستحوذ على اهتمامي، حيث وجدت فيه ضالتي بمتابعة التحصيل في الرّياضيات والفيزياء بدلاً من دراسة الطب، وساند والداي خياري، وهكذا أمضيت دراستي في المعهد الذي يتطلب نظامه التعليمي الجهد والعمل المضاعف، وساعدني إتقاني للغة الفرنسية على تجاوز الكثير من العقبات، ثم درست المعلوماتية، فأحببتها وتخصّصت فيها. تخرجت في المعهد، وأُوفدت بعدها إلى "فرنسا" حيث كان زوجي يتابع تحصيله العلمي العالي، واخترت البحث في مجال هندسة البرمجيات، وكانت أطروحتي في الدّكتوراه في مجال التحليل والتّصميم».

نعمل في الوقت الحالي في محور المعالجة الحاسوبية للغة العربية من خلال دراسة وتحليل اللغة العربية؛ بهدف تحسين التّفاعل بها حاسوبياً، فعملت الدكتورة "غيداء" على معجم تفاعلي رقمي للغة العربية على "الويب"، وأنا أعمل على تركيب الكلام حاسوبياً وتعرف الكلام والمتكلم، وثمة باحثون آخرون نتعاون معهم في هذا الإطار

وتتابع عن أعمالها بعد العودة إلى الوطن، فتقول: «عدت إلى المعهد، وبدأت العمل فيه في التّعليم والإشراف على مشاريع التخرج، وشاركت في العديد من المشاريع المتعلقة بأتمتة أعمال مؤسسات القطاع العام، وأشرفت على عدة مشاريع معلوماتية مهمة في القطر، كمشروع تصميم السجاد والتحكم بتثقيب بطاقات الأنوال، وكان لمشاريع المعالجة الحاسوبية للغة العربية جاذبية خاصة ومساحة كبيرة من اهتمامي بحكم نشأتي في أسرة تعشق العربية. وأشرفت أيضاً على فريق من مهندسي المعهد لإطلاق منصة "Eclass"، وهي منصة للتعلم الإلكتروني في المعهد العالي، تدعم توثيق الموارد التّعليمية التي يستخدمها المدرسون، وتسهل التواصل مع الطلاب، وتعطي نموذجاً لطلاب المعهد عن بيئات معلوماتية مفيدة في مجال التعليم. ومع مرور الوقت، توسع المعهد أفقياً، فصارت فيه خمسة اختصاصات، وحرصاً على تكامل حلقة التعليم في المعهد العالي، وللحيلولة دون هجرة العقول، سعت الإدارة والكادر التّعليمي إلى تحقيق التوسع العمودي؛ وذلك بطلب تعديل مرسوم المعهد لإحداث درجات الدّراسات العليا (ماجستير، ودكتوراه)، وعملنا على تأمين بنية تحتية مقبولة لإجراء البحث العلمي مستفيدين من التّطور التقني في كافة المجالات، وساهم إدخال الإنترنت في مرحلة مبكرة إلى المعهد في دعم هذا التوجه. وهنا كانت القفزة النّوعية، وسُجّلت في المعهد العالي عدة رسائل ماجستير ودكتوراه في الاختصاصات المتاحة، وأجريت أبحاثاً متقدمة ومتطورة في مجالات مهمة لـ"سورية"، لا تقل عن الأبحاث العالمية وترقى إلى مستواها. ومنذ مدة لا تتعدى الشهر جرى تحكيم أول رسالة دكتوراه في الهندسة المعلوماتية في المعهد العالي، بعنوان: "نحو نظام لتركيب الكلام باللغة العربية من نصوص في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا باستعمال الضّم لأنصاف مقاطع صوتيّة وتنغيم طبيعي". وتشرفت بأنني كنت ضمن لجنة التحكيم التي منحت الدرجة العلمية للباحثة "عفاف الشّلبي"، كما أشرف حالياً على أطروحة دكتوراه في مجال تحليل النصوص المتبادلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

د. أميمة دكاك

وتحدثت الدّكتورة "أميمة دكاك" رئيسة قسم الاتّصالات في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا عن معرفتها بالدكتورة "غيداء"، فقالت: «معرفتنا تعود إلى بداية ثمانينات القرن الماضي على مقاعد الدّراسة، حيث كانت من الدّفعة التالية لي في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا. وبعدها تلاحقت اللقاءات غير الموعودة عندما أوفدت إلى "فرنسا"، وأوفدت هي بعدي، وحضرت دفاعي عن أطروحة الدّكتوراه. عدتُ من الإيفاد وعادت لنكون جيراناً في السّكن وزملاء في العمل. كنا معاً في مجلس إدارة المعهد العالي لعدة سنوات. الدّكتورة "غيداء" هي الآن الوكيل التّعليمي للمعهد، وتضمنا اللجنة التّعليمية الحالية، عرفتها مثالاً للأخلاق الراقية والتّفاني بالعمل والتّعليم، وأعتزّ جداً بصداقتنا».

وعن بعض العمل المشترك أضافت الدكتورة "أميمة": «نعمل في الوقت الحالي في محور المعالجة الحاسوبية للغة العربية من خلال دراسة وتحليل اللغة العربية؛ بهدف تحسين التّفاعل بها حاسوبياً، فعملت الدكتورة "غيداء" على معجم تفاعلي رقمي للغة العربية على "الويب"، وأنا أعمل على تركيب الكلام حاسوبياً وتعرف الكلام والمتكلم، وثمة باحثون آخرون نتعاون معهم في هذا الإطار».

في المعهد وبالتحضير لمسابقة CPC 2017

تؤدي الدكتورة "غيداء الربداوي" رسالتها التّعليمية في المعهد العالي للعلوم التّطبيقيّة والتّكنولوجيا، إضافةً إلى رسالتها الإدارية، إذ شغلت منصب رئيس قسم المعلومات في المعهد سابقاً، وهي الآن الوكيل التعليمي للمعهد، وتعمل ضمن فريق على تطوير إجرائيات العمليّة التّعليميّة، لتكون لها البصمة المميزة التي بدأت تتبلور آثارها.