أكثر من عين فنية تفجرت للشاعر والفنان "ميلاد قزق"، برؤيته ثلاثية الأبعاد، امتلك المسرح كممثل ومخرج ومؤلف، وللتعبيرعن ذاته قال الشعر قصيدة تلو القصيدة، وليشبع إنسانيته أسس وشارك في أكثر من مبادرة مجتمعية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 15 شباط 2017، مع الشاعر والفنان " قزق" المؤمن بفكرة العمل المجتمعي، ليحدثنا عن بداياته التي كان لها تأثير بتنمية موهبة الشعر لديه، فقال: «نشأت في منزل صغير جداً في منطقة "برزة البلد"، وكانت طفولتي جميلةً بكل ما فيها من قسوة معيشة وظروف، الحالة المادية حرمتنا الكثير من رغباتنا، وجعلت والدتي خط الدفاع الأول عن مستقبلي الدراسي، وتلك الحالة أقنعت والدي المجتهد أن اليوم مقسوم إلى أكثر من 24 ساعة. لا أعدّهما مجرد والدين، بل هما القدّيسان اللذان كانت خطواتي تحتمي تحت ظلهما. في المرحلة الابتدائية المرتبة الأولى كانت دائماً من نصيبي، وفي الإعدادية، لم تعد الدراسة شغفاً أو تأسيساً لغدٍ أفضل، فتراجعت تطلّعاتي حينئذ عن مستقبلٍ مبنيٍّ على أساس الشهادات؛ وهو ما أحدث ضجةً في المنزل، فهذا ليس ما خططه الوالدان، وشعرت بحاجة ملحة إلى الكتابة، فانزويت في مساء يوم من صيف 2004، محاولاً الكتابة حول أي شيءٍ يمكن أن يدور في بالي، وأول ما خطّه قلمي في مسيرتي الثقافية كانت قصيدة: "أَتعودين؟" التي تتحدث عن حبيبٍ هجرته الحبيبة ورجاها لتعود».

في المرحلة الثانوية شدتني الشخصية الجذابة لمدرّس اللغة العربية، فبدأت أعتني بهذه المادة أكثر محاولاً كسب ودّه ولفت انتباهه، وعرضت عليه منتوجي الأول، فقال لي: "خالية تماماً من الأخطاء النحوية واللغوية، ومعبرة وأرى لك مستقبلاً في هذا المجال"، فانتابني الفخر. وفي نهاية عام 2005، نشرتها في إحدى المجلات الثقافية، ولاقت استحساناً من الناشرين، وطلبوا مني الكتابة لمجلتهم بوجه دائم. وفي صيف 2006، نشرت ثلاث قصائد لمصلحة المجلة ذاتها

وتابع القول عن مسيرته بتطوير موهبة الكتابة: «في المرحلة الثانوية شدتني الشخصية الجذابة لمدرّس اللغة العربية، فبدأت أعتني بهذه المادة أكثر محاولاً كسب ودّه ولفت انتباهه، وعرضت عليه منتوجي الأول، فقال لي: "خالية تماماً من الأخطاء النحوية واللغوية، ومعبرة وأرى لك مستقبلاً في هذا المجال"، فانتابني الفخر. وفي نهاية عام 2005، نشرتها في إحدى المجلات الثقافية، ولاقت استحساناً من الناشرين، وطلبوا مني الكتابة لمجلتهم بوجه دائم. وفي صيف 2006، نشرت ثلاث قصائد لمصلحة المجلة ذاتها».

تحضيرات لإحدى فعاليات مبادرة سراج الشآم

وتابع: «دخلت كلية "الاقتصاد"، وبدأت موهبتي الشعرية تتبلور وتصقل، وكانت أولى أمسياتي الشعرية في جامعة "تشرين" برفقة صديقي الشاعر "علي سرحيل"، وكانت انطلاقة مميزة بصحبة الأصدقاء الجدد، وجعلتني أنشط في هذا الاتجاه، وكنت قد طوّرت كتاباتي لتشمل مفاهيم ودلالات متعددة الحب؛ الوطن، الأمّ، وغيرهما، كما دخلت في مشاريع ثقافية جديدة إلى جانب اهتمامي بدراستي، وخططت لأمسية شعرية شارك فيها عدد من الشعراء الشباب، وكانت المفاجأة بامتلاء المدرج الأول، واستطعت في السنة الأولى تحصيل معدل جيد، فسمح لي بالانتقال إلى جامعة "دمشق"، وسجّلت ساعات تدريبية في مجال المسرح ضمن مركز أنشطة، وتدربت يومياً على فنون المسرح إلى جانب الكتابة .السنة الثالثة تخصصت في إدارة الأعمال، حيث كنت أخطط لمشاريع بنّاءة تخص الشباب والفن حصراً، للحصول على دراية علمية بالإدارة وخبرة أكاديمية، وفي العام نفسه كانت أمسيتي الثالثة، وشاركني فيها الشاعر والزميل "أنس صيدناوي"، وكنت أواظب على القراءة والمطالعة، خاصة للشعر الكلاسيكي الجمالي، أمثال: "عبد الباسط الصوفي"، و"أدونيس"، و"بدوي الجبل"، و"عمر أبو ريشة"، وغيرهم».

وعن مسيرته في مضمار العمل المجتمعي كمؤسس ومدرب في مبادرة "سراج الشآم" الثقافية التطوعية، قال: «بسبب الظروف القاسية التي يمر بها البلد، اضطررنا مع نهاية عام 2011 إلى الإنتقال من منزلنا إلى مكان أكثر أمناً في منطقة "صحنايا"، ولحسن الحظ تعرفت إلى الشاعر "مضر جباعي"، فشاركنا معاً في أكثر من ملتقى ثقافي. بدأت دراسة الماجستير في المعهد العالي للدراسات والبحوث الديموغرافية بعد نيلي إجازة إدارة الأعمال من جامعة "دمشق" عام 2013، الذي كان محفزاً قوياً جداً لاهتمامي بالإنسان، وإدراج ما يكمن في العمل الشبابي، وكنت أرى طموحات الشباب تنهار أمام أعيننا وشعور الضياع يفتك بهم، وكل منا كان بحاجة إلى الآخر أكثر من أي وقت مضى. فاقترح عليّ صديقي "مضر" تأسيس مبادرة ثقافية تطوعية شبابية، واجتمع في نهاية عام 2015 أكثر من عشرين شاباً وشابة مفعمين بالأمل على الرغم من كل ما يعصف بالبلد، وتمخّض عن الاجتماع ولادة مبادرة "سراج الشآم" التي اكتسحت لمدة عام كامل جميع النشاطات في المنطقة، حيث تضمنت عدة تخصصات، منها: المسرح، الغناء، الموسيقا، الشعر، الرسم، إضافة إلى الدورات التأهيلية للأطفال، واتسعت المبادرة لتشمل أكثر من 40 طفلاً بالتخصصات الستة، وكان دوري في المبادرة قيادة الفريقين المسرحي والشعري، والمشاركة في تنظيم الحفلات والنشاطات، فأقمنا أول حفل في المركز الثقافي بـ"صحنايا" باسم: "الميت سريرياً"، وأقمنا معرضاً للصناعات اليدوية، ومعرض رسم، وحفلة راقصة غنائية وشعرية، وحققنا نجاحاً فاق التوقع، ثم أقمنا بعده حفلاً غنائياً يستذكر اليوم العالمي للثقافة، وكان المغنى باللغة الفصحى، إلى جانب حضور الشاعرين "وليد الغيظة" و"مازن عزام"».

أحد مقالاته المنشورة

وعن عمله كمخرج، قال: «أكملت طريقي كمؤلف، وممثل، ومخرج مسرحي، فالمسرح بالنسبة لي "العجينة" التي نخبز بها الواقع بخميرة الحلم، وكانت تجربة عظيمة لكوني أخوض في هذا المجال لأول مرة، وأول عمل مسرحي حمل توقيعي بكل مكوناته هو: "بدي وشو بدي"، والمفاجأة كانت بحضور أكثر من 250 شخصاً مع أن المركز لا يوجد فيه أكثر من 160 كرسياً، العمل الثاني الذي تفرّدنا به كمبادرة، كان بعنوان: "ناوي"، وكان عاطفياً جداً، ويلامس الواقع، ويحكي عن هجرة الشباب السوريين، ولاقى العمل إعجاباً وتأثراً من قبل الحضور. ولم أتوقف عن الكتابة، وحرصت على تقديم كل ما يتعلق بالأنثى كقدّيسة لها الفضل الخالص في وجود البشرية، ونشرت الكثير عن هذه المواضيع في صحيفة "غربة" السورية».

مقطع من أشعاره من قصيدة "شامتان": «هي منافع الحب ترسم لو شاءت.. ملاحمَ قتلىً وتنقشهم صوراً بعُمدان.. كذِبٌ، لو تُرّخَ باسمي اليوم وغداً.. لتراكض العشّاق حَجّاً من روما لعَمّان.. هشيمُ قولي يضني عيني يؤرقها.. وعينيَ الأخرى عزاءٌ دامٍ إلى الآن.. أنجدوا ذرف مقلتيّ عسايَ أصيرُ.. هديلاً أو صهيلاً أو جنّةً بلا نيران.. خاتمة الهوى مألوفةُ الغاية فهي.. تآلف جسدين على وقع نايٍ وكمان.. كونوا على موعدكم لا يضيركم.. لو تعلمون أنّ الموت والحبّ سَيّان.. كل امرئٍ لم يتذوّق فنّ التوحّد.. فإن هواه غرابٌ على شقائه سكران».

الملصق الإعلاني لمسرحية "ناوي" من تأليف ميلاد قزق وإخراجه

المغني والممثل "شاكر الطباع" حدثنا عن "قزق"، حيث التقيا معاً في أكثر من عمل فني ومجتمعي ضمن مبادرة "سراج الشآم"، وقال: «بما أنني أحب الغناء؛ شدتني المبادرات الفنية، والتقينا بمبادرة "سراج الشآم" التي كانت تعنى بالمواهب وتسعى إلى الترفيه عن الأطفال، والتعبير عن طموحات الشباب والتخفيف عنهم. قدرات "ميلاد" الإبداعية برزت في أكثر من مجال؛ فهو يمتلك موهبة التمثيل، ويقول الشعر بسلاسة متمتعاً بجمالية الصور وتنوع المواضيع؛ وهذا ساهم بنجاحه على خشبة المسرح كمخرج يمتلك رؤية ثلاثية الأبعاد، ومن يشاهده يشعر بأنه يمتلك المسرح بكل أبعاده وزواياه، وعندما حضرت "البروفات"، تأثرت جداً بأفكاره؛ فهو كاتب سيناريو؛ وهذا ما دفعني إلى خوض غمار التمثيل معه، حيث شاركت معه في عمله الأول، وكنت أستمع إلى نصائحه؛ لأنني كنت مؤمناً بموهبته وحبه لعمله، ورغبته بأن تتشابك الأيادي بعضها مع بعض لننجو معاً، أعطى مبادرتنا وهجاً لتكبر أكثر، وبسبب تجانسنا، طلبت منه أن يكتب سيرتي الذاتية ويعمل على إخراجها، وأسميناها: "ناوي"، ونجحت المسرحية نجاحاً باهراً، حيث أعدنا العرض أكثر من مرة، وفي عدد من المحافظات السورية».

يشار إلى أن "ميلاد قزق" متطوع في حماية البيئة لدى مشروع "شجرتي"، ومتطوع سابق في برنامج "مشروعي" لدى "الأمانة السورية للتنمية". أمين سر سابق في "الجمعية الشبابية السورية للتنمية الثقافية"، وناشط كمخرج وممثل وشاعر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت.

وهو من مواليد "دمشق" عام 1989، ويحمل إجازة في إدارة الأعمال من جامعة "دمشق"، و"ماستر" في التنمية الديموغرافية من HIDSR.