اليوم تنشغل المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي عن إحصاء عدد القذائف المتساقطة على أحياء "دمشق"، ويتحول الحديث الرئيس في "صبحيات" السيدات عن ألم ومعاناة العائلات السورية جراء أضرار الحرب المباشرة وغير المباشرة التي لا تتوقف. اليوم لن يكون حديث الشارع الأول أعداد الشهداء والجرحى وغلاء الأسعار وصعوبة المواصلات ومتاعب العمل، اليوم تتغير ملامح الشوارع بعد أن ظهر نوع جديد من البضائع يغزو الأسواق مؤقتاً، ولن تكون جدالات الباعة مع المستهلكين حول تخفيض أسعار المواد الغذائية بأنواعها المختلفة كما كانت في الأمس. اليوم لن يحمل الباعة المتجولون وخاصة الأطفال منهم "محارم" أو "علكة" لبيعها في الطرق، إنما سيكون الورد الأحمر هو الصنف الأول الذي سيباع للمارة. اليوم طالبات المدارس والجامعات وجوههن أكثر إشراقاً وطلابها أكثر حماسة، وحارس البناء أكثر لطفاً، والطبيب أكثر عطفاً، والمدرّسة أكثر عطاءً، وحتى الجارة التي (لا تضحك لرغيف الخبز الساخن) اليوم توزع الابتسامات صباحاً ومساءً. اليوم تفتح محال بيع الزهور أبوابها على مصراعيها وتتباهى أمام جيرانها بارتفاع نسبة مبيعاتها، والمقاهي والمطاعم تفرح لازدحامها بالناس من عشاق ومحبين، فمازال السوريون على الرغم من الحرب يشترون الورد، وينتظرون المناسبات لنشر الحب والطاقة الإيجابية، فتصبح الحارات والشوارع في العيون أحلى، وصور المدينة على شاشات التلفزة أبهى، وأخبار يومياتنا المنشرة على شبكة الإنترنت أسعد، وحتى منشوراتنا وتعليقاتنا وتفاعلنا مع أي حدث على الصفحات الزرقاء لا يخلو من الحب.

فيوم عيد الحب في "دمشق" وغيرها من المحافظات التي تتمتع بالأمان إلى حدّ ما، ومع عدم أهمية هذا التاريخ لدى بعضهم، إلا أنه يوم ككثير من الأيام يختارها السوريون ليظهروا حبهم للحياة، ويبرهنوا أنهم بالحب قادرون على تجاوز مصاعب الحرب، وأن اللون الأحمر بالنسبة لهم، وبعد 7 سنوات من الموت، لا يرتبط بالدم فقط، وإنما يبقى إشارة ترمز إلى الأشياء الجميلة التي تبعث على التفاؤل والأمل. فالسوريون على الرغم من الحرب والألم وكل الأحقاد التي انصبت عليهم، مازالوا يمتهنون نشر الحب فيما بينهم.