بشغف كبير، وقدرة على تطوير الذات، استطاعت "بتول حمصي" أن تجمع بين الدراسة العلمية والموهبة الفنية، مكوّنةً أسلوبها الخاص في مجال التصميم الغرافيكي القائم على إدخال الخط العربي بطرائق وأشكال مبتكرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت "بتول حمصي" بتاريخ 25 تشرين الأول 2017، وعن موهبتها تقول: «تعلمت التصميم الغرافيكي عام 2012 عن طريق دورات تدريبية، ودروس تعليمية من شبكة الإنترنت، وبعض الكتب والمقالات التخصصية، ثم بدأت العمل عام 2014 بالتعاون مع بعض المبادرات التطوعية التي منحتني الفرصة لتطوير نفسي، والدخول تدريجياً إلى سوق العمل، وفي منتصف عام 2016، أطلقت صفحتي الخاصة بالتصميم على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنذ الصغر أحببت الفن، وغرس والدايَ بداخلي فكرة القدرة على الجمع بين المجالين العلمي الخاص بدراسة الصيدلة، والفني الذي أحب. بدأت تعلم مبادئ العمل على برنامج "الفوتوشوب" لإعداد التصاميم التي أرغب بها، ثم تعمقت فيه، وأحببته أكثر، وتأصلت دوافعي للتعلم والعمل، وأدركت أنني أملك ثلاثة عناصر تدعمني، وهي: القدرة على التعلم الذاتي، الصبر، واكتساب الخبرة. وحاولت استخدام شبكة الإنترنت لدعم موهبتي من دون أن يؤثر ذلك في دراستي الجامعية؛ فعملي بالتصاميم يمثل الجانب الإبداعي الجمالي، والصيدلة تعكس الجانب العلمي الاجتماعي، وهما يتكاملان لتوسيع آفاقي في الحياة. وأحضّر حالياً لإطلاق موقعي الإلكتروني للتصاميم بداية عام 2018».

"بتول" فنانة بالفطرة، تحب الخط العربي، مجتهدة، تعمل بجد لصقل موهبتها، ولاحظت أثناء تدريبها على الخط العربي شغفها لكل أنواع الخطوط، ومنها الديواني الذي قدمت من خلاله تشكيلات جميلة في مجال التصميم الغرافيكي لتخرج لوحات مميزة في الألوان مستعينةً بتقنيات الحاسوب. أرجو لها التوفيق والنجاح في كل ما تقوم به بإخلاص في خدمة الحرف، وتعليم الجيل الجديد هذا الفن الراقي

وعن إدخالها الخط العربي في التصاميم، تقول: «رسالتي هي إدخال الخط العربي في عالم التصميم الحديث، أريد أن أدخله في كل شيء جميل أراه حولي، لأنني أرى أن جمالية الحرف العربي تضيف قيمة معنوية كبيرة إلى العمل، فأدخلته في الموزاييك والتصاميم، لإعادة إحياء التراث بإضافة لمسات حديثة ترضي الذوق المعاصر، وتحافظ على العشق القديم، وهو فن له تاريخ عريق يجب ألا ينحصر في الدواوين القديمة واللوحات التقليدية، بل يجب أن يواكب التطور، ويصل إلى الجميع. أحببته منذ الطفولة بتشجيع من والدي الذي يملك الموهبة ذاتها، وكنت أقلد الحروف العربية للوصول إلى الأجمل، وفي عام 2014، تعلمت أصوله وقواعده مع الخطاط "فرج آله رشي"، وأجازني بخط الرقعة، وتعلمت الديواني على يده أيضاً، وأتدرب حالياً لإتقانه، وينقسم عملي إلى ثلاثة أنماط، أولها تصميم الشعارات وتكوين الهويات البصرية للعلامات التجارية، والثاني يرتبط بتصميم المطبوعات المختلفة والتصاميم الإعلانية كالبطاقات، والنشرات التعريفية، وإعداد التصاميم الخاصة بالتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعدد من المبادرات والمؤسسات، منها: مكتبة "شباب بوك"، و"شبكة الأدوية السورية"، وغيرها، وأخيراً تصميم الهدايا، وينقسم إلى نوعين: الأول يتعلق بالأعمال اليدوية كعلب الموزاييك واللوحات، وآخر عبارة عن التصاميم الغرافيكية التي أستخدم فيها الخط العربي، فأحولها إلى شكل رقمي باستخدام النمط الحديث، الذي يستخدم كخلفيات في الأجهزة المحمولة، أو تتم طباعته حرارياً على مختلف المواد كالزجاج، والأقمشة، وغيرها، وأعتمد الخط الديواني في تخطيط العلب، لأنه الأجمل بالنسبة لي بانحناءات حروفه وزواياه، وقابليته للإبداع، وإضافة لمسة شخصية في كتاباته، ودمجه مع الرسومات والزخارف التي أختارها. أما الموزاييك، فهو فكرة رأيت في تطبيقها لمسة جمالية غير تقليدية تقدر أهمية العمل اليدوي، وتحافظ على الأصالة بأسلوب إبداعي، مع إمكانية تسويقها؛ لفخامتها وقيمتها المعنوية العالية وسعرها المناسب».

علب هدايا من تخطيطها

وفيما يتعلق بمراحل العمل، تقول: «تبدأ بالعصف الذهني للأفكار عند طلب التصميم، وطرح الأفكار القابلة للتطبيق، ودراسة تسويقية ولونية للهوية البصرية التي أصمّمها، والانطباع النفسي الذي تتركه عند المتابع، وأخيراً تطبيق الرسومات على برامج التصميم بكثير من الهدوء والتركيز؛ لأن القيمة الإبداعية للفكرة تتكوّن في هذه المرحلة، ثم عرض النموذج على الزبون، وهنا تبرز أهمية الإقناع والاحترافية، ويهمني أن يكون راضياً ومقتنعاً بأن هذا العمل هو الأفضل».

وعن أهمية الخط العربي وتعليمه للأطفال، تكمل قائلةً: «يحتاج تعلّم الخط العربي إلى الصبر، وفي الوقت نفسه يكسب المتعلّم التأني والقدرة على ترتيب الأفكار، ويعلّم الطفل مهارة الكتابة بوضوح، الأمر المهم له في المرحلة الدراسية والحياة العملية، كما يعزّز لديه قيمة العمل اليدوي، وتقدير الوقت والجهد المبذول فيه، ويربطه بالتاريخ والثقافة العربية والإسلامية، ويجدد روح الخط العربي لدى الجيل الجديد. بدأت تعليمه للصغار من عمر الثامنة إلى الثانية عشرة في صيف عام 2017، في دورات تدريبية ضمن مكتبة "The Story Corner"، وقد واجهت تحدياً صعباً في إدخال شغفه إلى قلوب الصغار، واتبعت أسلوب غرس الإيجابية لديهم، وتعزيز الحماسة، ومساعدتهم على تصحيح الكلمات لتصبح أجمل، ولمس الأطفال والأهل تحسناً ملحوظاً في الخط المكتوب بين الصفحة الأولى والأخيرة، وكانوا راضين عن تطورهم في هذا المجال».

شعار من تصميمها

"دانة قنديل" مديرة فريق "مجرة" المستفيدة من تصاميمها، تقول: «تفاعلت "بتول" مع فكرة مشروعنا مع أنه لم يكن ربحياً، واقترحت أفكاراً حديثة ومبتكرة، تميزت بتصاميمها الجذابة، التي تناسب الأطفال واليافعات الذين نعمل لأجلهم، ويتسم تعاملها بالإنسانية، والتواصل الجيد، وهي سريعة الاستجابة لمتطلبات العمل، حيث لعب تصميم الشعار والهوية البصرية اللذين خصت بهما مشروعنا دوراً كبيراً في انتشار أنشطتنا على نطاق واسع، وساعدا على تحقيق الأهداف المرجوة، وسنكرر التعاون معها في المستقبل».

الخطاط "فرج آله رشي"، يقول عنها: «"بتول" فنانة بالفطرة، تحب الخط العربي، مجتهدة، تعمل بجد لصقل موهبتها، ولاحظت أثناء تدريبها على الخط العربي شغفها لكل أنواع الخطوط، ومنها الديواني الذي قدمت من خلاله تشكيلات جميلة في مجال التصميم الغرافيكي لتخرج لوحات مميزة في الألوان مستعينةً بتقنيات الحاسوب. أرجو لها التوفيق والنجاح في كل ما تقوم به بإخلاص في خدمة الحرف، وتعليم الجيل الجديد هذا الفن الراقي».

أثناء تدريب الأطفال على الخط العربي

بدورها مصممة الغرافيك "مجد مصيجة"، تقول: «بدأت معرفتي بـ"بتول" على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاحظت قدرتها على عكس أفكارها بأسلوب إبداعي، ومؤخراً تحاول نقل هذا الإبداع إلى الأطفال عن طريق تعليمهم الخط العربي الذي يعدّ من أرقى أنواع الفنون، واستطاعت أن تجعل من ورشاتها مكاناً ينقل الأطفال إلى عالم آخر، ويعدّ أسلوبها مميزاً؛ لأنها تعكس ثقافة المجتمع وعاداته ضمن تصاميمها، وتعطيها روحاً عربية بجودة عالية، وتحاول أن تصبغ كل شيء حولها بلون شغفها الخاص».

يذكر أن "بتول حمصي" من مواليد "دمشق" عام 1993، حاصلة على إجازة في الصيدلة من جامعة "دمشق"، عام 2016.