حملت حب الوطن بداخلها مع أنها اتخذت من بلاد الاغتراب إقامة لها، امتلكت قدرات عميقة في مسارات تأويل البوح عبر ألوانها، فبدت لوحاتها كأنّها في حالة حوار عميق مع المتلقِّي، وقدمت لعين المشاهد الفرح والحبّ والجمال.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 9 تشرين الثاني 2017، عبر الشبكة العنكبوتية مع المغتربة التشكيلية "لينا شديد" في مكان إقامتها في "الولايات المتحدة الأميركية" "نيويورك"، فقالت: «أعشق الرسم منذ طفولتي، رسمت على كتب المدرسة ودفاتري وأوراق الامتحان، رسمت وظائف الرسم للكثيرين من أصدقائي وإخوتي، رسمت في باحة المدرسة على السبورة بالطبشور الملون، وكنت حينئذٍ في المرحلة الابتدائية. وأول لوحة رسمتها كانت على كانسون، رسمت وجوهاً بحالات مختلفة، منها الضاحك والأبله والحزين، وفي عمر 18 بدأت الرسم بالألوان المائية، كان والدي الداعم الرئيس لموهبتي معنوياً ومادياً، وكان يشجعني دائماً على العمل والاستمرار بمسيرتي، ولن أنساه ما حييت، كان حلمي دخول كلية الفنون الجميلة، لكن -يا للأسف- لم يحالفني الحظ أن أكون من طلابها.

"لينا" رسامة طبيعة بامتياز، ترسم أجواء الفرح فيها، وتلتقط بوجه دائم الألوان المحلية المشرقة، وتعيد الحياة إلى الأشجار والأغصان والأوراق في تحولات ألوانها في الفصول الأربعة، والأهم من كل ذلك أنها تؤكد عشقها المتواصل للنور والوهج الشمسي المتتابع في فضائية المنظر الخلوي، الذي يتجلى من خلاله ضوء الشمس كبريق أمل يضفي المزيد من المشهدية البصرية الاحتفالية، ويدخل عين المشاهد في حوارية زاخرة بالإغراء اللوني المثير

غلب على أعمالي رسومات الطبيعة التي كنت أستمد منها الحياة والأمل، وكانت الطبيعة الدافع والمحرض الرئيس لكل أعمالي، والمتابع لإنتاجي الفني يلاحظ أنها غلبت على كل لوحاتي، وأغلب ما يميزها النور الذي رغبت من خلاله بعث الأمل للذين خابت آمالهم، أن تعطي الأمل لغيرك هذا شيء جميل».

من لوحاتها حالة حب

وتتابع: «من خلال عشقي للفن بكل مدارسه الإبداعية، لم أتأثر بمدرسة معينة، بل كنت متفردة في كل أعمالي التي دمجت بين الواقعية والانطباعية، أعشق ألوان النور وتدرجاته، أحب الأحمر، والبرتقالي يشعرني بقوة الحب، نور يلاحقني في لوحاتي لا أستطيع الخروج منه إلا القليل. رسمت الكثير من اللوحات، ولَم أكن أبالي بالظهور على الساحة الفنية حتى أصبح عدد اللوحات أكثر من 60 لوحة، وشاركت في عدة معارض، منها معرض فردي في "دمشق" 2009 في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة"، ومعرض مشترك "أبو ظبي هيلتون" 2010، ومعرض مشترك في "شيكاغو" 2012 "Missouri art gallery"، ومعرض مشترك في "استانبول" 2013 "Nev gallery"، ومعرض مشترك في "هاواي" 2014 "Van hull art gallery"، ومعرض فردي في "نيويورك"، ومعارض آخرى مشتركة وفردية، ولي مشاركات بالمزادات الفنية التي كانت تذهب كل ريوعها لمصلحة السوريين المغتربين في "أميركا"، وهناك مزاد للوحة واحدة فقط عاد إليّ بالكامل، وأنا حالياً في إطار التحضير لعدة معارض خلال الستة أشهر القادمة في بلاد المغترب وبلدي الأم "سورية"».

وأضافت "شديد": «حملت حب الوطن في قلبي، أن تحب الوطن يعني أن تقف مع أبنائه وتدعمهم بما تستطيع. الأزمة التي ألمت بوطني انعكست على لوحاتي؛ رسمت السماء باكية على وطني، وامرأة غاضبة باكية تحتج على هذه الحرب الملعونة التي ألمت به، الوجع كان ولايزال كبيراً على الوطن. أما من ناحية الاغتراب، فقد زاد الإنتاج أضعافاً مضاعفة للتفرغ الكامل في إكمال مسيرتي الفنية. ورغبة الناس في مختلف الولايات وخارجها باقتناء الأعمال زادتني إصراراً على العطاء أكثر، وهي سعادة تثلج قلبي وروحي».

صعود إحدى لوحاتها

عنها قال التشكيلي والناقد "أديب مخزوم": «"لينا" رسامة طبيعة بامتياز، ترسم أجواء الفرح فيها، وتلتقط بوجه دائم الألوان المحلية المشرقة، وتعيد الحياة إلى الأشجار والأغصان والأوراق في تحولات ألوانها في الفصول الأربعة، والأهم من كل ذلك أنها تؤكد عشقها المتواصل للنور والوهج الشمسي المتتابع في فضائية المنظر الخلوي، الذي يتجلى من خلاله ضوء الشمس كبريق أمل يضفي المزيد من المشهدية البصرية الاحتفالية، ويدخل عين المشاهد في حوارية زاخرة بالإغراء اللوني المثير».

وأضاف الأديب الناقد "علي الراعي": «لدى "لينا" كنز من الانطباعية؛ تُركز من خلاله على الضوء بالدرجة الأولى، وهواء اللوحة، فلوحتها ليست طبيعة صامتة، بل تسعى ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً إلى نقل حركة ما، تُصمم على وجودها في اللوحة، بمعنى ثمة مسرحة في التكوين التشكيلي الذي تُنجزه في لوحتها، مسرحة أقرب إلى احتفالية بكل هذا الغنى اللوني الذي تفعمُ به مساحة اللوحة، تسعى إلى الضوء لأنه حياة، الضوء يُعطيها كل ألوان الكون، ولا سيما من ألوان الفصول، الضوء الذي لا يبقى على إيقاع واحد خلال النهار، وإنما يتبدل ليُعطي كثافة في الألوان، وفي تعددها ليمنح خيارات لا تنتهي».

يذكر أن "لينا شديد" من مواليد "دمشق" 10 أيار 1958، تحمل شهادة معهد متوسط هندسي، اختصاص في الرسم المعماري.