خطّطت "مها بركات" لمشروعها الصغير بكل عناية، منطلقة من واقع الحال الذي نعيشه، فابتكرت مشروعاً يهتم بمستلزمات الأطفال حديثي الولادة، وسوقت لأعمالها عبر الشبكة العنكبوتية، فحققت نجاحاً لافتاً بوقت قصير.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 نيسان 2017، التقت "مها بركات" مدرّسة التربية الفنية، لتحدثنا عن مشروعها، فقالت: «تغيّرٌ كبيرٌ وسريعٌ تشهده الأسواق السورية؛ فالغلاء والحرب وخروج معامل كثيرة من الخدمة، وفقدان اليد العاملة، سلطت الضوء على فرص جديدة للراغبين بتحسين أوضاعهم المعيشية من دون الحاجة إلى توافر رأس المال، فهناك العديد من المشاريع التي يمكن أن تقوم على استخدام مواد متوفرة في كل منزل، أو تجديد أي مادة بيتية، كالصناديق والأقمشة وأغراض المطبخ وصناعة السلال و(الفازات) من الجرائد والورق، فالحاجة الدائمة إلى التغيير لمواكبة الموضة تعزّز أي مشروع».

في بداية طرح أي مشروع يساورك القلق والشك، لكن إصرار "مها" ورغبتها بتحقيق نقلة نوعية في حياتها وحياة أسرتها كانا دافعاً داخلياً لبروز مشروعها بقوة في السوق، ولأن ذلك ترافق مع الدراسة الدقيقة لاحتياجات السوق والتدريب والتخطيط والعقلية المنفتحة على كل ما هو جديد وحديث، والتعاون الوثيق مع أفراد عائلتها، والتشجيع المناسب لتجاوز كافة الصعاب؛ كانت النتيجة تفوق التصور

وأضافت: «طوال عملي في التدريس وأنا أتساءل عن أفضل أسلوب لتعليم الطلاب ما يخدمهم في مجابهة الحياة، ويقوي رغبتهم بتعلم المادة، فمناهجنا بحاجة إلى إبراز قدراتهم من خلال أفكار مبتكرة ومميزة وأسلوب جذاب وأنيق يواكب الحداثة والأسواق، وهنا تكمن الحاجة إلى توثيق العلاقة بين سوق العمل والقطاع التعليمي.

أفكار مبتكرة وألوان مفرحة

ونظراً إلى تفكيري العميق بالموضوع أثناء إقامتي في "دبي"، قررت بعد عودتي أن أبدأ من نفسي، وأعمل على إثبات وجهة نظري وأقوم بفتح مشروع صغير يخدم موهبتي عبر صناعة مستلزمات الأطفال الحديثة بأسعار مقبولة تناسب متوسط دخل الفرد السوري، فهذه المستلزمات تباع في الأسواق الأوروبية عموماً بمبالغ خيالية تصل أحياناً إلى مئة دولار لكل قطعة».

وتابعت تصف البدايات: «في البداية كنت أرغب بصناعة شيء مختلف عن المواد المتوفرة في الأسواق؛ لذا استعنت ببعض المواقع الإلكترونية للتعرف إلى المستلزمات الحديثة، ورفع مستوى مهاراتي، فالإنترنت يشكل حلقة واسعة ومتكاملة للراغبين بالتعلم ومواكبة التطور. وكان لبعض المواقع أثر كبير في تحفيزي على المضي بمشروعي ووضعي في الطريق الصحيح، كما استفدت من عملي بشركة ديكورات داخلية أثناء إقامتي في الخارج مدة قصيرة، وكان لذلك بالغ الأثر في اختيار أحدث ألوان الموضة والتميز بطرائق دمجها، ومواكبة آخر الصيحات من ناحية تدرجات الألوان».

مستلزمات تناسب دخل العائلة

وأضافت: «كانت أهم خطوة في البداية أن المشروع لا يحتاج إلى تكاليف عالية، فامتلاكي لماكينة خياطة وفر علي الكثير، والأقمشة متوافرة في الأسواق بكثرة وبأسعار متنوعة، لكن كانت الحاجة إلى اختيار أنواع الأقمشة المميزة للأطفال، كما كان ينقصني بعض الخيوط والمواد والإكسسوار؛ لذا استعنت ببعض الكتالوجات في البداية، كما كان اختيار نوع (الديكرون) المناسب لكل قطعة اختباراً للنوعية والجودة، ثم قمت بصناعة بعض القطع كسرير الرضيع المصنوع من القماش، وإكسسوارات الستائر في غرف الأطفال، وبعض اللحف والألعاب بكميات قليلة، ووزعتها في محيط ضيق لمراقبة مدى الإقبال، وبعدها قمت بصناعة المزيد من القطع وعرضتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد كان حجم الطلب والرغبة باقتناء القطع التي أصنعها دافعاً قوياً للمتابعة».

وختمت تخاطب الراغبات في العمل: «تحتاج كل سيدة إلى اكتساب خبرة بسيطة في مجال الإدارة والتخطيط والتطبيق من أجل الوصول إلى عمل ناجح ومنتج، ولأنه لا يوجد شيء حتمي؛ فالعثرات ستكون موجودة، لكن بالمثابرة والاستمرار نستطيع أن نحقق ما نحتاج إليه؛ لذا أنصح اللواتي لديهن حلم بالعمل الحرّ بالسعي من أجل تحقيقه، لأن هذه المشاريع تدعم السيدة وتشعرها بقيمة ما تقوم به، وأهمية النضال لتحقيق حلمها بشتى الوسائل وعدم قتله».

من المشغولات البسيطة المفرحة للطفل

"آلاء الحسن" المتابعة لأعمال "مها"، تحدثت عن مشروعها بالقول: «في بداية طرح أي مشروع يساورك القلق والشك، لكن إصرار "مها" ورغبتها بتحقيق نقلة نوعية في حياتها وحياة أسرتها كانا دافعاً داخلياً لبروز مشروعها بقوة في السوق، ولأن ذلك ترافق مع الدراسة الدقيقة لاحتياجات السوق والتدريب والتخطيط والعقلية المنفتحة على كل ما هو جديد وحديث، والتعاون الوثيق مع أفراد عائلتها، والتشجيع المناسب لتجاوز كافة الصعاب؛ كانت النتيجة تفوق التصور».

وتابعت الحديث عن مميزات المشروع: «يمتاز مشروع "مها" بفرديته ومحاكاته لنبض السوق السوري المستهدف، وتتميز كل القطع المعروضة للبيع بالحرفية والإتقان والأفكار الإبداعية، وبإمكان أي سيدة أن تختار ما يناسبها عبر الشبكة العنكبوتية والتواصل معها لإنجازه بأسعار تناسب دخل الفرد في بلدنا. وكان للتميز والدقة أثر كبير في جعل المشروع ينطلق بقوة داخلية وإيمان بالنجاح وخطوات ثابتة وصحيحة، وقد لاقت خطوتها الكثير من الدعم المعنوي، فاتخاذ قرار جريء بالتغيير هو الخطوة الأولى الأهم في الحياة، وكان لجديتها في العمل ورغبتها بالتفرد فضل كبير في نجاحها لتكون سيدة أعمال منتجة».

الجدير بالذكر، أنّ "مها بركات" مولودة في مدينة "اللاذقية"، وتقيم في مدينة "جرمانا" بـ"ريف دمشق"، وتجيد أيضاً أعمال "التريكو والكروشيه"، وتفصيل الملابس، والرسم على الزجاج.