كمتحف دمشقي تخبّئ جدرانه تاريخ أقدم مدينة مأهولة في العالم "دمشق الفيحاء". وهو بما يضمّه من معالم، يعدّ قبلة الناس، ويكتنز في طياته روائع الفن المعماري الذي يدلّ على عراقة تاريخ لا ينضب على مرّ العصور.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 نيسان 2017، الباحث "عماد الأرمشي"، الذي تحدث عن جامع "بني أمية" عبر التاريخ، فقال: «كان معبداً للإله "حدد" الآرامي، وفي عهد الأمبراطور الروماني "تيودوس" الأول تحول المعبد إلى كنيسة القديس "يوحنا المعمدان" الموجود حتى الآن ضريحه داخل الجامع، وهو معروف باسم مقام "النبي يحيى"، وعند دخول الإسلام أمر ببنائه الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك" عام 705 للميلاد، واستغرق عشر سنوات لإنجازه بزخارف هندسية بديعة. تعددت أنواع الزخارف ضمن الجامع بين القيشاني والعجمي والمعشق والخيط العربي، ومن أهمها لوحات الفسيفساء المشغولة بالذهب والفضة والعاج، وتعد لوحة بردى أهم لوحة فيه، كما يوجد في جدار القبلة شريط يسمى شريط الكرامة؛ يتميز بزخارف قريبة من زخارف "قبة الصخرة" في "بيت المقدس"».

اعتدت دائماً أن أزوره لما فيه من روح تجمع الأديان في مكان واحد يوحي بألفة كبيرة، فعليك أن تمر بالجامع الأموي مسلماً كنت أم مسيحياً، سائحاً أم عابر سبيل لتستمتع برؤية أهم المعالم الدينية والتاريخية التي لا تفرّق بين الأديان والأشخاص

وتابع يصف موقع الجامع: «يقع في قلب المدينة القديمة، ويحدّه من الجنوب "حيّ البزورية"، ومقهى "النوفرة" شرقاً، ومن الزاوية الشمالية الغربية "المدرسة العزيزية"، وضريح "صلاح الدين الأيوبي".

مئذنة العروس

وله أربعة أبواب، ثلاثة منها مفتوحة على صحن الجامع؛ فالباب الشرقي يطلق عليه باب "جيرون" الذي يعرف حالياً بباب "النوفرة"، والغربي باب "البرادة"، وهي التسمية القديمة للبوابة الرئيسة، والتسمية الأحدث "باب السنجق" نسبة إلى الراية التي تحمل مع المحمل عند أداء فريضة الحج، والباب الشمالي يطلق عليه باب "الكلاسة" أو باب "العمارة" الذي يتوسط الرواق الشمالي. أما الباب الرابع، فهو باب "الزيادة" أو "القبلي" الذي ينفتح على حرم الجامع. كما يحتوي باحة كبيرة وثلاث قبب صغيرة: "قبة المال، قبة زين العابدين، قبة الوضوء"، وتوجد فيه أقدم مئذنة في الإسلام وهي "مئذنة العروس" التي تقع في منتصف الجدار الشمالي للمسجد، قاعدتها أموية أصيلة، كانت توضع عليها المصابيح والفوانيس ليلاً لتظهر كالعروس، والمئذنة الشرقية هي "مئذنة عيسى" التي احترقت عام 740 للميلاد، والمئذنة الغربية "قايتباي" نسبة للسلطان المملوكي، ويوجد بئر ماء قديمة محاطة بعمودين، وهي تستعمل في الوقت الحالي، وداخل الحرم أربعة محاريب للدلالة على المذاهب الإسلامية: "محراب الصحابة، والخطيب، والحنفية، ومحراب الحنابلة"».

الآثاري "حسان الذهبي"، يقول: «تعرّض الجامع إلى عدة حرائق، وأحدثت تلفاً كبيراً في أقسامه، وكانت ترمّم في كل مرة، ومن أهم الترميمات التي طرأت عليه وغير معروفة لدى الكثيرين، ترميم وإعادة تشييد "قبة النسر الضخمة" بعد أن أزيلت نهائياً عام 1893؛ خوفاً من انهدامها فوق رؤوس المصلين، لينتهي تشييدها عام 1901 بشكل مختلف تماماً عما كانت عليه، حيث تعلوها قبة بيزنطية على شكل خوذة فيها ثماني نوافذ قوسية، وعليها رمح وهلال مغلق فتحته إلى السماء».

قبة النسر

"جورج حداد" من مرتادي الجامع، يقول: «اعتدت دائماً أن أزوره لما فيه من روح تجمع الأديان في مكان واحد يوحي بألفة كبيرة، فعليك أن تمر بالجامع الأموي مسلماً كنت أم مسيحياً، سائحاً أم عابر سبيل لتستمتع برؤية أهم المعالم الدينية والتاريخية التي لا تفرّق بين الأديان والأشخاص».

عماد الأرمشي