برؤيته الإخراجية الخاصة استطاع "سدير مسعود" أن يكوّن لنفسه مفهوماً سينمائياً مبتكراً بعيداً عن الرتابة والتقليد، صانعاً من شغفه الإخراجي لقطات تصوّر الواقع بشفافية محبّبة إلى عقل وقلب المشاهد.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 10 آذار 2017، التقت المخرج السينمائي "سدير مسعود"، ليحدثنا عن بداياته بالقول: «منذ طفولتي بدأت أشعر برابط عجيب بيني وبين الكاميرا؛ ولم تكن مجرّد أداة تصويرية بالنسبة لي، بل كانت العين التي أستطيع من خلالها رصد لقطات استثنائية وتوثيقها لأطلع عليها أهلي وأصدقائي وأستمع إلى آرائهم، وأنال كلمات التشجيع التي كان لها الأثر الأكبر في تكوين نواة طموحي في مجال الإخراج.

لن أتوقف عن إخراج الأفلام السينمائية القصيرة؛ لأن الفيلم القصير هو نافذة أعبّر بها عن نفسي، لكنني لا أستبعد فكرة الخوض في عالم الإخراج الدرامي، وذلك سيكون تحدّياً وتجربة جديدة بالنسبة لي، خاصة أننا اليوم في عصر التلفزيون

كنت أرغب بدراسة الإخراج في "أميركا"، لكن الظروف حالت دون ذلك لأدرس فيما بعد العلاقات الدولية في جامعة "دمشق"، وبالفعل تخرّجت، لكنني لم أغفل يوماً عن طموحي الأساسي بدراسة الإخراج، فذهبت إلى "لبنان" باحثاً عن مدارس وجامعات تعنى بتدريس هذا المجال، إلى أن قابلت هناك د."نجاح واكيم" الذي نصحني بدراسة الإخراج في الجامعة "اللبنانية الدولية"، وأثناء دراستي هناك أخرجت 23 فيلماً قصيراً، كان آخرها فيلم بعنوان: "كرامة"، مستوحى من قصة حقيقية تدور حول ممارسات الإرهاب الوحشية بحق الأبرياء، وهو من بطولة الفنان "عبد الهادي الصباغ"، وتم إنجاز هذا العمل بفريق متواضع جداً، حيث لم نكن نملك الإمكانات المادية الضخمة لإنجاز الحلم الذي كنا نسعى إليه، ومع ذلك لاقى الفيلم نجاحاً وحصل على المرتبة الأولى في الجامعة، وشارك في عدة مهرجانات سينمائية، منها: مهرجان "سينما ضد الإرهاب" في "أربيل"، ومهرجان "بور سعيد السينمائي" في "مصر"».

سدير مسعود مع ناصر الركا

ويتابع: «في مرحلة ما بعد التخرج بدأت السعي لتحقيق حلمي في هذا المجال، وتقديم نفسي في عالم السينما من خلال إخراج فيلم يحاكي عقول المشاهدين، ويترك أثره في نفوسهم من دون أن يكون مجرّد مشاهد سينمائية متسلسلة جامدة لا روح فيها، ليظهر فيما بعد الفيلم الأول "المخاض"؛ وهو فكرة و حوار "لوتس مسعود"، والسيناريو والإخراج لي، وبطولة "محمود نصر" و"جفرا يونس"، واستغرق العمل على إنجازه عامين ما بين كتابة النص والتصوير».

وعن فكرة الفيلم، أضاف "سدير" قائلاً: «فكرة جديدة تتناول تصوّراً لمرحلة ما بعد الأزمة السورية؛ بتسليط الضوء على انعكاساتها على الحالة الاجتماعية والنفسية للسوريين من خلال تقديمها لحياة زوجين يعيشان في منزلهما، ويرصد الفيلم تأثير الحرب في الزوجة التي تنتظر مولودها الأول وكيف خُلقت لديها مخاوف وهواجس من المستقبل، والزوج الكاتب وماهية تأثير الأزمة في عقلية الكتّاب وطريقة تفكيرهم».

الملصق الإعلاني لفيلمه الأول "كرامة"

وعبّر "سدير" عن سعادته بمشاركة والده الفنان "غسان مسعود" في فيلمه هذا بدور الطبيب المشرف على حالة الزوجة الصحية، وقد عدّ هذه المشاركة دعماً معنوياً، وجعلته يؤمن بأنه قادر على تقديم رسالة فنية راقية من خلال عمله في الإخراج».

وعما إذا كان سيخوض تجربة الإخراج الدرامي، قال: «لن أتوقف عن إخراج الأفلام السينمائية القصيرة؛ لأن الفيلم القصير هو نافذة أعبّر بها عن نفسي، لكنني لا أستبعد فكرة الخوض في عالم الإخراج الدرامي، وذلك سيكون تحدّياً وتجربة جديدة بالنسبة لي، خاصة أننا اليوم في عصر التلفزيون».

لقطة خلال تصوير فيلم "المخاض"

وفي لقاء مع المخرج السينمائي "جود سعيد"، عن تجربة "سدير" يقول: «أتمنى له التوفيق في دربه السينمائي الذي بدأه للتوّ، التقيته عدة مرات، وأكثر ما يميزه بحثه عن لغة سينمائية تعبّر عنه، ويمتعني اهتمامه الحقيقي بالتفاصيل بكل عناصر المفردة السينمائية، من الصوت إلى بناء الصورة؛ كي يكوّن من خلالها عالمه الخاص».

مدير التصوير في فيلم "المخاض" "ناصر الركا"، عنه يقول: «في تجربة العمل معه اكتشفت أنه مخرج يهتمّ باللقطة، ولديه إصرار على أخذها بالطريقة التي يراها مناسبةً، كما لاحظت أن إدارته للممثل هي إدارة مخرج محترف، يتعامل معه بهدوء، ويهمس الملاحظة في أذنه بكل رحابة، وإدارته لفريق العمل ككل تتسم بالحب الشديد للجميع؛ وهذا ينعكس على أداء الفريق ليقدم أجمل ما لديه، ويتفانى في صناعة مشاهد متكاملة تليق بمفهوم السينما.

وفي المونتاج كنت إلى جانبه، ولفت انتباهي حرصه وإصراره على حذف وإضافة المناسب إلى الفيلم؛ وهذا الأمر يفعله القلائل من المحترفين في هذا المجال».

يذكر أنّ "سدير مسعود" من مواليد "دمشق" عام 1991، وسيبدأ عرض فيلمه "المخاض" في "دمشق" بتاريخ 1 نيسان 2017.