وَظّف الطالب "همام تيناوي" خبرته بمجال التصميم -التي اكتسبها خلال دراسته في كلية "العمارة"- لتصميم قناع لحماية وجه اللاعبين المصابين بكسر في الأنف؛ لتخفيف معاناتهم بأقل تكلفة ممكنة، وجودة عالية.

مدونة وطن "eSyria" التقت "همام التيناوي"، بتاريخ 6 شباط 2017، ليحدثنا عن مشروعه قائلاً: «على الرغم من دراستي في المعهد الهندسي، إلا أنّ حلم دراسة هندسة "العمارة" كان هاجسي لكونه ينطوي على الكثير من الفنّ الذي يتجلى بالتصميم، وهو المجال الذي يستهويني وأطمح لدراسته، إلى أن كان ما أردت، وأثناء دراستي للعمارة كانت لي محاولات عدة للدخول إلى عالم التصميم الصناعي؛ وهو مجال واسع الانتشار في العالم، لكن -للأسف- يكاد يكون معدوماً لدينا، أردت أن أبدأ الخطوة الأولى باستخدامه مؤخراً بتصميمي لقناع يقي اللاعبين المصابين بكسر في الأنف من الأذية لحمايتهم، وضمان استمرارهم باللعب».

على الرغم من دراستي في المعهد الهندسي، إلا أنّ حلم دراسة هندسة "العمارة" كان هاجسي لكونه ينطوي على الكثير من الفنّ الذي يتجلى بالتصميم، وهو المجال الذي يستهويني وأطمح لدراسته، إلى أن كان ما أردت، وأثناء دراستي للعمارة كانت لي محاولات عدة للدخول إلى عالم التصميم الصناعي؛ وهو مجال واسع الانتشار في العالم، لكن -للأسف- يكاد يكون معدوماً لدينا، أردت أن أبدأ الخطوة الأولى باستخدامه مؤخراً بتصميمي لقناع يقي اللاعبين المصابين بكسر في الأنف من الأذية لحمايتهم، وضمان استمرارهم باللعب

وعن فكرة تصميم "القناع"، يضيف: «لفتني أثناء متابعتي لمباريات كرة القدم والسلة العالمية وضع بعض اللاعبين "ماسكاً" على وجوههم؛ كنت أظن أنه نوع من "الستايل"، أو رغبة من اللاعب ليتميز عن غيره من لاعبي الفريق، لكن اتضح أنه ليس سوى قناع يضعه اللاعب لحماية وجهه من الصدمات، أو لحماية أنفه الذي تعرض لكسر. وكان أن تعرض أحد أصدقائي اللاعب السوري "عمر ميداني" لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم لكسر في أنفه في إحدى المباريات؛ وهو ما استدعى توقفه عن اللعب لعدة أشهر؛ وبسبب عدم توفر القناع في البلد اضطررنا للبحث عنه في الدول المجاورة، مثل: "لبنان"، و"الإمارات"، لكننا لم نجده، فتواصلت مع أخي الذي يعمل طبيباً في "أميركا" من أجل إمكانية الحصول عليه، لكن ذلك يستدعي سفر اللاعب ومكوثه لأكثر من شهر لتصميم قناع يناسب وجهه؛ وهو ما يتطلب تكلفة مادية كبيرة، إضافة إلى توقف اللاعب عن اللعب؛ هنا أتت فكرة القيام بمحاولة تصميم قناع مماثل، وبدأت البحث عبر شبكة الإنترنت عن معلومات حول تصميم القناع، إلى أن أصبح لدي معلومات كافية لخوض التجربة».

القطع التي صمم منها القناع

أما فيما يتعلق بكيفية التصميم والمواد المستخدمة، والصعوبات التي واجهته، فيتابع: «بما أن القناع يوضع على الوجه أثناء اللعب، كان لا بد من تصميمه بشكل بسيط، ووزن خفيف، ويحافظ في ذات الوقت على الجودة؛ قصدت أحد أطباء العظمية للاستعانة بخبرته، لكن لم ألقَ التحفيز لكونه مجالاً جديداً، ولا يوجد تجارب سابقة يبنى عليها، إضافة إلى عدم وجود طابعة ثلاثية الأبعاد لأخذ صورة شعاعية للوجه، لكني استعضت عنها بصورة شعاعية للوجه من أكثر من زاوية باستخدام "X-Ray"، وبعد أخذ المقاييس اخترت المواد اللازمة؛ وهي عبارة عن مادة تشبه "البلاستيك" الصلب، أو "العظم" تدعى "poly lactic acid" تم تصميمها بواسطة الطابعة على شكل طبقتين بينهما "زكزاك"؛ وهو ما يخفف وزن القناع ويزيد متانته، إضافة إلى تخفيف الصدمات. ولحماية وجه اللاعب تم وضع مادة إسفنجية تدعى "إيفا" من الداخل، إضافة إلى مطاطيات لتثبيت القناع على الوجه، وبعد الحصول على الشكل المطلوب قام اللاعب بارتدائه، وكانت النتيجة ناجحة بامتياز باعتراف أصحاب الخبرة، على الرغم من الصعوبات التي تمثلت بعدم وجود طابعة ثلاثية الأبعاد، التي تعدّ الأداة الأهم لتصميم "الماسك"، وبعد عناء طويل استطعت إيجادها لتواجهني بعدها مشكلة انقطاع الكهرباء، حيث إن الطابعة تحتاج إلى استمرار التيار الكهربائي لمدة لا تقل عن 12 ساعة متواصلة.

وهناك نوع معين من الإسفنج لا يوجد عندنا، فاضطررنا لاستيراده، لكن إيماني بعملي، وثقتي بنفسي جعلت كل تلك الصعاب تهون أمام تحقيق الهدف».

اللاعب عمر ميداني يرتدي القناع

وعن أهمية المنتج من الناحية الاقتصادية وإمكانية استخدامه وتطويره، يضيف: «الوصول إلى تصميم القناع كان بحدّ ذاته إنجازاً، لكونه التجربة الأولى من نوعها في "سورية"؛ وهذا ما يفتح أبواباً جديدة لمنتجات أخرى تتعلق بالتصميم الصناعي، وتسليط الضوء عليه؛ وهو ما يوفر على الدولة الكثير من القطع الأجنبي، حيث يستغنى عن استيراده من الخارج، إضافة إلى رخص ثمنه إذا ما قارناه مع الخارج، حيث يفوق ثمنه العشرة آلاف يورو، وتشغيل أيدٍ عاملة للاستفادة من الخبرة الوطنية، وكسر الوهم بأننا لسنا قادرين على الإبداع.

القناع بشكله الحالي يمكن استخدامه من قبل الجميع، وأي شخص مصاب بكسر في الوجه، كما أنه قابل للتطوير باستخدام مواد أكثر جودة».

الجائزة الأولى في مسابقة ماكلاب العالمية

"أحمد النعيمي" صاحب إحدى الشركات المتخصصة بمجال الليزر والتصميم، والمشارك في تصميم القناع، يقول: «تعرّفت إلى "همام" أثناء بحثه عن طابعة ثلاثية الأبعاد لتنفيذ مشروعه بتصميم القناع، ومنذ البداية لفت نظري شغفه وتحمسه، إضافة إلى خبرته بمجال التصميم، وبعد أخذ صور شعاعية لرأس اللاعب المصاب من عدة اتجاهات بدأ تصميم القناع بما يتناسب وتضاريس الوجه، وبعد عدة محاولات وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتنا تمكنّا من تصميم القناع الذي تأتي أهميته من كونه أول تجربة من نوعها، ليس فقط في "سورية"، بل على مستوى المنطقة، التي تمت بخبرة وتنفيذ وتصميم محلي باستخدام تقنيات حديثة تضاهي المنتج المستورد؛ وهذا ما يفتح مجالات متنوعة لاستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد، وخاصة في مجال التصميم الصناعي».

اللاعب "عمر الميداني" المستفيد من هذا التصميم، قال: «أثناء اللعب في إحدى مباريات كرة القدم، تعرضت لحادث أدى إلى كسر في أنفي؛ وهو ما استدعى توقفي عن اللعب لعدة أشهر، وكان عبئاً كبيراً لكوني ملتزماً بعقد مع الفريق، وكلاعب لدي علم بوجود "ماسك" يوضع على وجه اللاعب لحمايته، لكنه ليس موجوداً لدينا؛ وهو ما اضطرني للبحث عنه في الدول المجاورة من دون جدوى، حاولت الحصول عليه من الدول الأجنبية لكن واجهتني مشكلة السفر؛ لأنه لا بد من حضوري لأخذ مقاسات الوجه وتصميم القناع الخاص بي؛ وهو ما يستدعي المكوث لعدة أسابيع، وهذا بدوره يتطلب تكلفة مادية كبيرة، وهنا أتت فكرة "همام" التي تجمعني به صداقة قديمة بمحاولة تصميم قناع، ومع قناعتي بعدم نجاح التجربة لكونها الأولى من نوعها، إلا أنني كنت متعاوناً معه، وبعد عدة محاولات نجح بتصميم القناع، حيث قمت بارتدائه، وكنت مرتاحاً؛ لأعود بعدها إلى اللعب بين صفوف فريقي، ويمكنني القول إن ما قام به "همام" بمنزلة خطوة جديدة لدعم اللاعبين بوجه خاص، والرياضة السورية بوجه عام».

يذكر أنّ "همام التيناوي" من مواليد "دمشق"، عام 1992، خريج معهد هندسي، حاصل على دبلوم بدراسة الإخراج، وصناعة الأفلام الوثائقية، إضافة إلى دراسته لتصميم الأزياء، حاصل على المركز الأول بمسابقة "ماكلاب" العالمية للتصميم، وذلك بتصميمه الجناح السوري للمعارض بطريقة قدمت التراث السوري بأبهى صوره.