اعتاد الدمشقيون طقوس الشتاء المتوارثة من الأجداد، ولم يحيدوا عنها على الرغم من التطور الكبير في كافة مجالات الحياة. ويعدّ مشروب "السحلب" إحدى العادات الشتوية التي لها طقوسها الخاصة في التحضير.

مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 2 شباط 2017، وفي سوق "الحميدية" الدمشقي، التقت الحرفيّ "موفق محمد حمدي بكداش"، الذي تحدث عن الأكلات التي يهتمّ بها "أهل الشام" في الشتاء، فقال: «مع بداية افتتاحنا لهذه الصّالة، ومنذ تسعينيات القرن العشرين كنا وما زلنا نقدم "البوظة العربيّة" بكل أنواعها، حيث يكثر الطّلب عليها في الصّيف، لتتراجع مكانتها في الشّتاء، فيزداد الطّلب على "المحلايّة"، و"الرّز بحليب"، و"كشك الأمراء"، وخاصة "السّحلب"، حيث يعدّ أحد أشهر طقوس هذا الفصل، ويُقبل عليه الناس بكثرة».

مع بداية افتتاحنا لهذه الصّالة، ومنذ تسعينيات القرن العشرين كنا وما زلنا نقدم "البوظة العربيّة" بكل أنواعها، حيث يكثر الطّلب عليها في الصّيف، لتتراجع مكانتها في الشّتاء، فيزداد الطّلب على "المحلايّة"، و"الرّز بحليب"، و"كشك الأمراء"، وخاصة "السّحلب"، حيث يعدّ أحد أشهر طقوس هذا الفصل، ويُقبل عليه الناس بكثرة

يخبرنا "موفق بكداش" عن مكوّنات "السّحلب" وفوائده، فيقول: «عرفنا "السّحلب" مسحوقاً نشويّاً ناعماً، يجري تحضيره من نبات عشبي ينمو في قمم الجبال، يجفف ثم يُطحن ليأخذ قوام المسحوق النّاعم، ويستخدم في مجالات متعددة على رأسها مشروب "السّحلب" الذي يُقبل على تناوله عدد كبير من الناس في مجمل أنحاء العالم، واستمر الإقبال عليه بعد أن تبين ما له من فوائد في العلاجات الصحيّة والجماليّة، فرائحته الزكية، وطعمه الطّيب الرّائع الناتجين عما يحتويه من زيوت طيارة، تسهم في تحسين الحالة المزاجيّة، وتساعد على الاسترخاء والتّخلص من توتر وقلق الحياة اليوميّة. كما إن احتواءه المواد الهلاميّة والبروتينيّة وكذلك النشاء والسّكر وبنسبته العالية يجعله عنصراً غذائيّاً مميّزاً لصحّة الجسم بوجه عام، ويمدّه بالطاقة، ويعوض نقص السكر بصورة طبيعية، وذلك بفضل تنشيطه للدورة الدمويّة في الجسم. كما أنه مفيد في علاج المشكلات المتعلقة بالجهاز الهضمي، مثل الإسهال المزمن، حيث يعدّ قابضاً للمعدة ومريحاً لها، ويستخدم على نطاق واسع لحل مشكلات "البواسير" والنزيف المرافق لها، ويعدّ جيداً لحل مشكلات نزيف الرّحم، حيث يساعد على وقفه خلال وقت قياسي، كما يعدّ علاجاً فعالاً لمرض السّل وغيره».

موفق بكداش في صالته

وتشرح ربّة المنزل "هالة الفحل" كيفيّة تحضير "السّحلب"، فتقول: «لا يمكن لأيام الشّتاء أن تمر من دون أن يكون لشراب السّحلب فيها حضور، حيث نجتهد كما كانت جداتنا يجتهدن لتحضيره ولا نتأخر، خاصة إذا ما كانت لدينا مناسبات و(لمّات) مع العائلة والأصدقاء، فنقوم بوضع الحليب في وعاء ونغليه على نار هادئة، ونضيف مسحوق السّحلب ونحرك جيداً، ونضيف كذلك السّكر لتحليته حسب الطّلب، وبعد الغليان نرفعه عن النار ونضعه في أكواب اعتاد أسلافنا استعمالها، مثل "الفخار" الذي له نكهة خاصة لا يعطيها كوب الزجاج مع هذا المشروب، ثم نقوم بنثر القليل من مسحوق "القرفة" على الوجه، وعادة نقدمه ساخناً مع الكعك».

يباع السّحلب في أسواق "دمشق" الشّعبيّة، فهو من أهم المشروبات التّراثية الدّمشقيّة، ولبائع السّحلب حضور مميز يزيد المكون الأساسي للتراث الدّمشقي عراقة، وبقيت لهذه المشروبات الّتقليديّة مكانتها، على الرّغم من تنوع وتعدد المشروبات الحديثة والمستوردة من كل بلاد العالم. ويضيف البائع المختص بالتوابل "بشار أبو حسين": «يشتري رب الأسرة "السحلب" في الشتاء كتقليد متعارف، لكن ربة الأسرة تشتريه في الصيف أيضاً لتحضير "البوظة" المنزلية لأبنائها، وهي مادة لا يمكن أن تنقطع من محلنا بسبب الطلب المتواصل عليها، على الرغم من غلاء ثمنها خلال السنوات السابقة، وذلك لفوائد السحلب الصحية الكبيرة على جسم الإنسان، كما أنه يغني عن الضيافات التقليدية في المنازل، وخصوصاً أيام البرد القارس».

غلي حليب السّحلب
هالة الفحل