من الأكلات التي اشتهر المطبخ الشامي بإعدادها، وقد استمدت اسمها من "الشكر لله" فسميت "الشاكرية"؛ وقد أوحى لونها الأبيض بالنقاء، فاعتادت ربات المنازل تحضيرها في أيام الأعياد، وخاصة في "شهر رمضان" استبشاراً بالخير.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 كانون الثاني 2016، ربة المنزل "سمر الكسم"، فتحدثت عن طريقة تعلمها لهذه الأكلة بالقول: «تعد من الأكلات العريقة التي اشتهر المطبخ الشامي بإعدادها؛ وهي أكلة رئيسة في الولائم والمناسبات الخاصة والعامة، وكان لمذاقها الطيب السبب في انتشارها في باقي المحافظات على الرغم من صعوبة تحضيرها.

هناك من يستبدل اللحم الأحمر باللحم الأبيض، وأحياناً أقوم بانتقاء البصل الصغير جداً الذي يسمى "قزح" لأنه لا يحتاج إلى فرم ويعطي منظراً جميلاً، وأضعه مع اللحم، وهناك من يزينها بالمكسرات

تعلمتها من والدتي بعمر 16 عاماً، وقبل مدة قصيرة من مغادرتي بيت أهلي وانتقالي إلى منزل الزوجية، كانت أمي تسميها أكلة "الوداع" لأنها تحتاج إلى صبر ومهارة وإتقان، وهي من الأكلات التي تأخذ وقتاً، ولا بد للفتاة التي ستتعلمها أن تكون أحبت دخول المطبخ وتعلمت فنون الطهو».

مرحلة وضع المكونات في الخلاط

وعن المقادير اللازمة لطهوها قالت: «مكوناتها موجودة في أغلب البيوت، ولعائلة مكونة من ستة أشخاص، نحتاج إلى كيلو واحد من لحم الغنم المقطع (كرأس عصفور) كما يسميه اللحام، و2 كيلوغرام من اللبن، وبيضة وبصلة، وخمسة ملاعق من النشاء، وأنا أفضل النشاء الأخضر الذي لا يضيف طعماً، وهذه المعلومة تعرفها فقط المرأة الشامية وأشتريه من "البرزورية" حصراً».

وعن طريقة التحضير والطهو تقول: «بداية أقوم بسلق اللحم مع إضافة المنكهات كورق الغار وعود القرفة وملعقتين صغيرتين من الملح، وعندما يغلي المرق أنزع (الزفر) أو الرغوة التي تطفو على سطح الماء المغلى؛ وفي تلك الأثناء أقوم بفرم البصل إلى قطع ناعمة وأضعها مع اللحم المسلوق قبل نضجه بعشر دقائق لتنضج كل المكونات معاً، ثم أعدّ اللبن للشواء حيث أضيف إليه النشاء والبيضة، ولا بد من التحريك المستمر حتى يذوب النشاء جيداً، وأذكر أن والدتي كانت تضع الخليط بمصفاة ناعمة لتتأكد من تجانس المكونات مع بعضها، وحالياً أقوم بوضع المكونات في الخلاط لخلطها جيداً، وبعدها يصبح اللبن جاهزاً للشواء حيث أضعه على نار متوسطة، ولا بد من التحريك المستمر أثناء الطهو حتى يغلي اللبن، ومن ثم أضيف اللحم مع قليل من المرق، وأتركها على النار حتى تتجانس المكونات مع بعضها، ويجب الانتباه إلى عدم تغطية اللبن بعد النضج أو أثناء الطهو فالنكهة ستتأثر حتماً، ويقدم جانب هذه الأكلة الأرز بالشعيرية، وهي تقدم ساخنة في فصل الشتاء، وهناك من يرغب بتناولها باردة».

مرحلة التحريك المستمر

تكمل حديثها عن الإضافات التي بإمكان ربة المنزل عملها: «هناك من يستبدل اللحم الأحمر باللحم الأبيض، وأحياناً أقوم بانتقاء البصل الصغير جداً الذي يسمى "قزح" لأنه لا يحتاج إلى فرم ويعطي منظراً جميلاً، وأضعه مع اللحم، وهناك من يزينها بالمكسرات».

وعن القيمة الغذائية لهذه الأكلة حدثتنا الصيدلانية "هلا غندور" بالقول: «تعد من الأكلات الغنية بالبروتينات (اللحم واللبن)، واللبن غني بالكالسيوم وهو ما يساعد على الوقاية من هشاشة العظام، ويساعد على حماية الأسنان، وبما أن اللحم واللبن من المصادر الأساسية لفيتامين B12؛ فهي مفيدة في علاج فقر الدم، وتساعد في حماية الأعصاب، حيث لها فوائد كبيرة جداً للوقاية من فقدان الذاكرة، تعالج التهابات المعدة، وتخفف آلام الشقيقة والصداع المزمن الناتج عن وضع نفسي، ولها فوائد كثيرة للرياضيين مثل لاعبي الكاراتيه والجودو، ومفيدة جداً للاعبات الباليه والجمباز، ولامتداد العظام عند الأطفال، وشرب "الشاكرية" ليس له تأثيرات بالجسم ولا يسبب السمنة، إنما يغذي فقط، وقديماً كانوا يتناولون "الشاكرية" بكثرة من دون مواعيد محددة لها؛ لذا كانوا يمتلكون أجساماً قوية وصحية».

الباحث فياض.

الباحث في التراث "خالد الفياض" قال: «إنها من الأكلات التراثية العريقة، أتى اسمها من "الشكر لله" أي شكر النعمة، على الرغم من أن إعداد مائدة "رمضان" عمل شاق، وهذه الأكلة تحتاج إلى وقت طويل لإعدادها، إلا أنها تعد من الأكلات التي تحضر في الأعياد وخاصة في شهر رمضان، ناهيك عن الجهد الذي تبذله ربة المنزل التي اعتادت استقبال الشهر الكريم بأطعمة يدخل اللبن في طهوها كنوع من الاستبشار بأيام بيضاء كلونه، أي بمعنى أيام خير وبركة».