يقع سوق الكهرباء في قلب مدينة "دمشق"، ويتجاوز عمره الستين عاماً، عمل فيه وما يزال خيرة المهنيين الذين لم يتوقفوا عن اللحاق بآخر التطورات التكنولوجية، وما يزال يحافظ على تخصصه بالكهربائيات حتى الآن.

من ساحة "المرجة" يبدأ زقاق "السنجقدار" أو "سوق الكهرباء" بأبنيته التراثية، وشرفاته المتقاربة والمتجاورة التي تظلل الشارع، وتحمي العابر من أمطار الشتاء وشمس الصيف الساطعة وصولاً إلى ساحة "النصر"، ففي هذا الزقاق تنتشر عشرات المحال تبدأ من جوار جامع "السنجقدار" ذي السبعمئة عام شرقاً، وينتهي بالقرب من "قصر العدل" ومبنى "الإذاعة القديمة" غرباً، هذا الشارع المسمى شارع "رامي"؛ هو جزء أساسي من تاريخ المنطقة.

أقصد السوق منذ عشر سنوات، وبحكم مهنتي أتسوق جميع ما أحتاج إليه من"سوق الكهرباء"؛ لأنه يحتوي كل مستلزمات وحاجيات الورشة من إكسسوارات كهربائية؛ كالقواطع والأسلاك وأجهزة الإنارة كافة، إضافة إلى معوضات الطاقة التي غزت السوق هذه الأيام بسبب انقطاع التيار الكهرباء؛ كالبطاريات التي تستخدم لتشغيل أجهزة خفيفة؛ وأشرطة "الليدات" التي توفر الإضاءة الجيدة للمنازل، ويكون البيع عادةً إما "جملة أو مفرق"، إضافة إلى المعاملة الطيبة من أغلب التجار

مدونة وطن "eSyria" جالت في أرجاء السوق بتاريخ 5 كانون الثاني 2016، والتقت التاجر "زياد علي ديب"، صاحب محل لبيع كافة الأدوات الكهربائية، ويعمل في السوق منذ أكثر من ثلاثين عاماً، فحدثنا قائلاً: «ورثت هذه المهنة من أبي وجدي اللذين عملا في المهنة عقوداً طويلة، وأكملت مشوارهما؛ فهذه الصنعة جزء من تاريخنا، ومع اختلاف الزمان اختلفت طرائق العمل والبيع، وتغيرت حاجات المواطن المرتبطة بالمستلزمات الكهربائية، ففي القديم كان السوق عبارة عن عدد من المحال المختصة ببيع الأدوات الكهربائية المنزلية (كالغسالات والبرادات والأفران والمراوح وغيرها من المستلزمات المنزلية)؛ أما اليوم فهناك نوعيات جديدة من الحاجيات الكهربائية دخلت السوق كالتمديدات ولوازمها، والأشرطة والكابلات؛ أي كل ما يتعلق بالبنى التحتية للكهرباء؛ وأصبح السوق متخصصاً بما يدعى (الكهرباء الصناعية)».

زياد علي ديب

رئيس الجمعية الحرفية للأدوات الكهربائية "وحيد عبد الفتاح باره"، ويبلغ من العمر اثني وسبعين عاماً، ويعمل في السوق كحرفي منذ عام 1960، وعن تاريخ السوق والتغيرات التي طرأت عليه حدثنا قائلاً: «يبلغ عمر السوق أكثر من ستين عاماً، فقديماً كان عدد المحال الموجودة فيه نحو 25محلاً متخصصاً ببيع الأدوات الكهربائية المنزلية حصراً، والجزء الأكبر من محال السوق كان متخصصاً ببيع الأحذية، لكن نتيجة تغيرات الزمن والتطورات التي طرأت على حياتنا؛ فإن أغلب التجار أصبحوا يبيعون اللوازم الكهربائية بكافة أنواعها، وزاد عدد المحال المتخصصة باللوازم الكهربائية حتى وصلت إلى 550 محلاً تجارياً، ولم يبقَ سوى محال معدودة تبيع الأحذية وبعض المواد الغذائية في هذا الزقاق، والسوق عبارة عن شارعين متقابلين يقطعهما شارع ممتد في المنتصف؛ ويحتوي كل شارع صفين من الدكاكين المتقابلة بعضها يملك مساحة واسعة؛ وأخرى تضيق في أماكن متقاربة، إضافة إلى السوق الصناعي الموجود في منطقة "النعنعة"، ويقصده الزائرون من كافة المحافظات لكونه السوق المركزي والأساسي لبيع المستلزمات الكهربائية كافة».

ويتابع: «ما يميز السوق موقعه المتميز في منطقة "السنجقدار" التي تتميز بأبنيتها الحجرية العريقة وحركتها التجارية النشطة، فمن يريد الانتقال من ساحة "المرجة" إلى سوق "الحميدية" أو قلعة "دمشق"، ومنها إلى حارات دمشق القديمة لا بد أن يعبر هذا الشارع، الذي يعد صلة وصل بين أسواق "دمشق القديمة"، إضافة إلى قربه من الأبنية التاريخية كجامع "السنجقدار" وجامع "الميلوية"، ووجود عدد من الحمامات القديمة كحمام "الناصري" وحمام "رامي" جعل السوق مقصداً للكثيرين من الزائرين، ويحتوي السوق مجموعة من المرافق الخدمية كالهاتف الآلي ومبنى وزارة الداخلية فرع الهجرة والجوازات، ومخفر شرطة محافظة "ريف دمشق" ودائرة للسجل المدني ومدرسة شرعية للبنات؛ وهذا يساهم في تنشيط السوق وإنعاش الحركة وزيادة المبيعات».

وحيد عبد الفتاح باره

ومن زوار السوق الدائمين حدثنا "سومر المحمد" صاحب ورشة للتمديدات الكهربائية بالقول: «أقصد السوق منذ عشر سنوات، وبحكم مهنتي أتسوق جميع ما أحتاج إليه من"سوق الكهرباء"؛ لأنه يحتوي كل مستلزمات وحاجيات الورشة من إكسسوارات كهربائية؛ كالقواطع والأسلاك وأجهزة الإنارة كافة، إضافة إلى معوضات الطاقة التي غزت السوق هذه الأيام بسبب انقطاع التيار الكهرباء؛ كالبطاريات التي تستخدم لتشغيل أجهزة خفيفة؛ وأشرطة "الليدات" التي توفر الإضاءة الجيدة للمنازل، ويكون البيع عادةً إما "جملة أو مفرق"، إضافة إلى المعاملة الطيبة من أغلب التجار».

يذكر أن السوق خالٍ تماماً من السكن، فهو عبارة عن سوق تجاري وخدمي بحت.