"الواسطة" ظاهرة لا يخلو منها مجتمع، وما بين الرفض والقبول، أصبحت تستهلك قدراتنا الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية، وتدفع بعض الأشخاص للعمل بها عندما يجدون أنها السبيل الوحيد لتسيير أمورهم.

لمعرفة المزيد التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 نيسان 2015، الموظفة "عبير شربجي" التي تقول: «أغلب الأوقات يتم اللجوء إلى "الواسطة" عند الرغبة بالحصول على شيء ما بوقت أسرع وجهد أقل، وهذا ما ساعد على انتشارها و تداولها بوجه كبير، كأنها أصبحت أمراً مشروعاً، لا بل أحياناً يتم التفاخر بها، وعلى الرغم من ذلك لم يكن للواسطة مكان في مسيرتي العلمية و لا حتى المهنية، فعلى نطاق الدراسة عند تقدمي للماجستير، كنت أسمع من الكثيرين أنه لن يتم قبول إلا من لديه أحد المعارف، وخاصة في الامتحان الشفهي، ولكن لم أصغِ إلى ذلك، واستطعت الحصول على درجة الماجستير بمجهودي الشخصي، ولكنني لا أستطيع أن أنكر أن منهم من كان يتم قبوله ونجاحه والتوصية به، وفي الجانب العملي تم اختياري بناء على كفاءتي وشهادتي العلمية، ومن خلال خبرتي استطعت الترفع إلى درجة إدارية أفضل».

إن انتشار "الواسْطة" برأيي يعود إلى عدة أمور منها: ضعف القوانين والأنظمة، وعدم وجود مبادئ للعقاب والمراقبة، إضافة إلى تقصير الموظفين في عملهم وهو ما يدفع الآخرين إلى اللجوء للواسطة لحل مشكلاتهم، إن القاعدة التي تقول: "الرجل المناسب في المكان المناسب" هي الأمثل، ولها آثارها العظيمة على كل المجتمع في مستوياته المختلفة، وتساهم في الحد من هذه الظاهرة، فالآثار السلبية للواسطة تظهر جلية على المجتمع والفرد، وتدفعه نحو الفشل والتخلف، يمكن أن نتخلص من الواسطة بمراجعة شاملة للقوانين والأنظمة، وتكليف أهل الاختصاص والقدرة لتطبيقها ووضع نظام مراقبة فعال.. وأخيراً من الممكن الحصول على العدالة

أما "زهير الكيلاني" مدير التخطيط والإحصاء في إحدى الشركات فقال: «إن الواسطة ليست بالضرورة سلبية ولا يعني اللجوء إليها أن الشخص لا يستحق مثلاً شغل الوظيفة التي سعى للحصول عليها بالواسطة، بل على العكس في أحيان كثيرة يكون المرء الذي استعان بوسيط أو شخص ما يستحق هذا الأمر الذي توسط له ولكن لا يمكنه أن يثبت قدرته وكفاءته من دونها، وفي بعض الأحيان تجد في مكان ما شخصاً يسعى لخدمتك من دون أي مقابل، أما السلبية فتتمثل مبدئياً في خرق القوانين والتعليمات أو حتى العادات والأعراف، فيحصل من لديه واسطة على ما يريد (وظيفة عمل، مهمة سفر، مناقصة، إنجاز عمل أو حتى إنجاز معاملة)، دون التقيد بالأسس الموضوعة قانوناً أو عرفاً، وهنا يتم حرمان شخص آخر من الوظيفة أو المهمة لمصلحة الشخص الذي لديه الواسطة، ولنا أن نتخيل ما وضع الوظيفة التي منحت لشخص لا يستحقها لأنه غير مؤهل لشغلها سواء من ناحية الكفاءة العلمية أو الشخصية، ومدى الظلم والجور الذي لحق بالشخص الآخر الذي يستحق هذه الوظيفة».

عمر عشاوي

يضيف: «إن انتشار "الواسْطة" برأيي يعود إلى عدة أمور منها: ضعف القوانين والأنظمة، وعدم وجود مبادئ للعقاب والمراقبة، إضافة إلى تقصير الموظفين في عملهم وهو ما يدفع الآخرين إلى اللجوء للواسطة لحل مشكلاتهم، إن القاعدة التي تقول: "الرجل المناسب في المكان المناسب" هي الأمثل، ولها آثارها العظيمة على كل المجتمع في مستوياته المختلفة، وتساهم في الحد من هذه الظاهرة، فالآثار السلبية للواسطة تظهر جلية على المجتمع والفرد، وتدفعه نحو الفشل والتخلف، يمكن أن نتخلص من الواسطة بمراجعة شاملة للقوانين والأنظمة، وتكليف أهل الاختصاص والقدرة لتطبيقها ووضع نظام مراقبة فعال.. وأخيراً من الممكن الحصول على العدالة».

"عمر عشاوي" يعمل في مجال السياحة والسفر يقول: «تخرجت في كلية الإعلام منذ ثلاث سنوات، وحتى الآن لم أستطع العمل بشهادتي الأكاديمية، على الرغم من تقدمي إلى خمس مسابقات أجريت لطلاب كلية الإعلام، وبعد نجاحي في الامتحان الشفهي والكتابي، وحتى حصولي على ترتيب جيد لم يتم قبولي، فقد كان يتم اختيار عدد قليل من بين آلاف الطلاب المتقدمين، وكان يحظى بهذه الأولوية من له أحد من عائلته أو معارفه، وهذا الأمر بات معروفاً للجميع، حتى إنني فقدت الأمل في العمل ضمن اختصاصي، وعملت في مجال السياحة، فالكفاءة لم تعد تمثل العامل الأساسي لنيل عمل ما، والمسؤولية هنا لا تقع على عاتق صاحب المنصب فقط، وإنما على المواطن أيضاً، فيجب أن نلغي الجهل من قاموس حياتنا وحب الأنا المسيطر علينا، عندها فقط ينال الأكاديمي حقه بتطبيق ما تعلمه في سنوات دراسته».

زهير كيلاني

مع انتشار "المحسوبيات" لا بد من طريقة جديدة للحد منها، وعن ذلك تخبرنا "سماح فاهمة" التي تعمل في المحاماة؛ بالقول: «من الممكن لمعالجة الواسطة اللجوء إلى الحكومة الإلكترونية، حيث يقترح اللجوء للتكنولوجيا لتسهيل الإجراءات الحكومية، وتقليل الحاجة إلى تدخل الواسطة، فقد قامت دبي بهذه التجربة "حكومة الإلكترون"، والسماح للباحثين عن عمل بتقديم عروضهم إلى كافة الدوائر الحكومية، ويتم استخدام مصلحة التوظيف الإلكتروني؛ وهو ما يسمح للدوائر ضمن قائمة البيانات باختيار الموظفين حسب الحاجة إليهم، وبذلك يمكن تقليل هجرة العقول إلى الخارج وإعادة الثقة بالنظام الاجتماعي والحكومي، فالواسطة أصبحت عرفاً مستساغاً على مبدأ: "واصل بيعرف يدبر حالو"، وتكمن المسؤولية على عاتق الحكومة والفرد بإعادة التأهيل الاجتماعي والمدني، وليبدأ كل فرد بنفسه ويسعى للتخلص من العنصرية، ويرفض ممارستها حتى لا تمارس عليه».

سماح فاهمة