لا يخفى مُطالِعَ مكتبتنا العربية عامة أنها تغص بدراسات تتجه باتجاه ما، وتفتقر لدراسات بغير اتجاه، وخاصة الدراسات الميدانية التي من شأنها الوقوف على المشكلة الاجتماعية بواقعيتها مع إيجاد الحلول المناسبة لها بعد دراستها بشكل علمي، كما عملت الدكتورة "عبير سرور" في رسالة الدكتوراه بعد خمس سنوات متواصلة لتنال درجة الشرف بمناقشتها أمام لجنة الدفاع من جامعات "الأردن، الكويت، دمشق، البعث".

لعل الأستاذ المشرف يعطي رأياً في عمل الطالبة لتكون بعد مدة وجيزة زميلة له بالمرتبة العلمية، الأستاذ الدكتور "أديب عقيل" المشرف على رسالة الدكتوراه أوضح لموقع eSyria قائلاً: «فرحت كثيراً بمناقشة المرشحة "عبير" بعد إجابتها على أسئلة لجنة الدفاع، فقد عملت بجد ومثابرة خلال سنوات دراستها، فهي عملت ببحثها بوضع أهداف منهجية معتمدة على البحث الميداني وذلك بدراسة نظرية للنسق القرابي في العلم الأنثروبولوجي من خلال نماذج لدراسات أنثروبولوجية عن النسق القرابي، وتأسيس هوية نظرية للنسق القرابي قبل المضي في بحثها حقلياً، وقراءة اجتماعية أنثروبولوجية حقلية للنّسق القرابيّ في قرية "القيسا" نموذجاً، إذ تعتمد على أساس نظري، أي تطبيق للمنهج الاجتماعي الأنثروبولوجي، ودراسة كمية تتبعها كيفية في الجانب الحقلي للدراسة الراهنة، وبعد أن وضعت المخطط والأهداف، وناقشت بثقة أمام لجنة مؤلفة من خمس أساتذة اختصاصيين في علم الاجتماع، استحقت مرتبة الشرف وفق رأي الجنة العلمية».

فرحت كثيراً بمناقشة المرشحة "عبير" بعد إجابتها على أسئلة لجنة الدفاع، فقد عملت بجد ومثابرة خلال سنوات دراستها، فهي عملت ببحثها بوضع أهداف منهجية معتمدة على البحث الميداني وذلك بدراسة نظرية للنسق القرابي في العلم الأنثروبولوجي من خلال نماذج لدراسات أنثروبولوجية عن النسق القرابي، وتأسيس هوية نظرية للنسق القرابي قبل المضي في بحثها حقلياً، وقراءة اجتماعية أنثروبولوجية حقلية للنّسق القرابيّ في قرية "القيسا" نموذجاً، إذ تعتمد على أساس نظري، أي تطبيق للمنهج الاجتماعي الأنثروبولوجي، ودراسة كمية تتبعها كيفية في الجانب الحقلي للدراسة الراهنة، وبعد أن وضعت المخطط والأهداف، وناقشت بثقة أمام لجنة مؤلفة من خمس أساتذة اختصاصيين في علم الاجتماع، استحقت مرتبة الشرف وفق رأي الجنة العلمية

وحول عمل المرشحة ومنهجيتها العلمية وأهمية البحث بين عضو لجنة الحكم الأستاذ الدكتور "عبد العزيز خزاعلة" القادم من "الأردن" جامعة اليرموك "إربد" بالقول: «عمدت المرشحة على طرح مجموعة من التساؤلات ضمن منهجية البحث واستطاعت الحصول على نتائج جيدة بعد خوضها التجربة الميدانية إذ يعتمد علم الاجتماع بدراسته على الميدان العملي بوضع منهجية علمية للتوصل لحقيقة مدروسة علمياً، فقد طرحت تساؤلات البحث حول إيجاد علاقة متبادلة بين نظام الزواج والمصاهرة ونظام العائلة والقرابة في قرية "القيسا" المدروسة، وهل توجد علاقة متبادلة بين نظام الزواج والمصاهرة ونظام الإرث، وهل تتحكم المحددات الاجتماعية والثقافية في نمط الزواج المفضل، وما طبيعة النسق القرابي والنظرية التي تحكم النسق القرابي في هذه القرية، وهل العلاقات القرابية في قرية "القيسا" تحكمها علاقة التسلسل القرابي "النسب" أم تحكمها علاقة المصاهرة، وما ذرة القرابة، والقانون الاجتماعي الذي يحكم علاقة الزواج والمصاهرة، ونوع الزواج المفضل، واتجاه تفضيل الزواج، ونمط الأسرة الأكثر شيوعاً، حيث تم إنجاز البحث الراهن في خمس فصول بحثية، لعل مناقشتها نتيجة عملها الميداني أكسبتها مهارة في لغة الحوار والإجابة عن التساؤلات اللجنة أن تمنح مرتبة الشرف».

الأستاذ الدكتور أديب عقيل

وعن عملها ورسالتها الأكاديمية الاجتماعية وبعد مناقشتها للجنة الدفاع مدة تزيد على أربع ساعات أوضحت طالبة الدكتوراه "عبير سرور" قائلة: «تأتي أصالة الدراسة أنها مضت فيما سبقت إليه وكثرت الدراسات فيه فمصيرها أن يأكلَها الغبار على الرفوف ويطويها النسيان، لأنه لا يستفاد منها على أرض الواقع، في حين لا نكاد نظفر بدراسات أخرى في سوق العلم لسرعة رواجها وأهميتها، ولا شك أن الأخيرة من الأولى كـالإبل المئة لا تجد فيها راحلة، وأرجو أن يكون بحثي هذا من الأخيرة، فإن الدراسات الأنثروبولوجية تعد من الدراسات القليلة التي بحثت المجتمع العربي السوري، ولاسيما الدراسات التي اهتمت بالمجتمعات الريفية، ولست بحاجة إلى القول: "إن هذا البحث هو الأول من نوعه عن هذا المجتمع دون استثناء"، فلم يسبق لأحد أن درس هذا المجتمع وهذا الموضوعَ دراسة أنثروبولوجية كما درستها، في الوقت الذي كانت فيه هذه النقطة مركز قوة وأصالة لهذا البحث؛ كانت مركز الصعوبات خلال مراحل البحث الميدانية، ولا يخفى أن طريق البحث البكر الأصيل وعرة، ولما كانت كذلك وكان من المتعذر السير عليه من غير منارات هادية، فنصبت ما رأيته منارات، إن أنا بلَغَتْها وبلَّغَتْها فقد تم المراد، ومناراتي التي أريد هي أهداف هذا البحث، الأهداف التي ما انفككت أسعى بدأب وجد ما أمكنني ذلك لبلوغها، وعملت باستمرار ودون توان على تحقيقها، وقد حددت هذه الأهداف ضمن الإطار المنهجي للدراسة، وسأترك للقارئ أن يحكم بنفسه على مدى نجاحي في تحقيقها، وهذا أمر متيسر من خلال الاطلاع على متن البحث الميداني ونتائجه».

وحول نتائج البحث والمقترحات تابعت المرشحة "عبير سرور" بالقول: «هناك مجموعة من مقترحات عامة لتحسين الواقع الاجتماعي في القرية المدروسة تتمحور في تفعيل وتشديد العقوبات على تسرب الأولاد من المدرسة، لرفع المستوى التعليمي لأبناء القرية، والتأكيد على دور الموجه التربوي والمرشد النفسي في المدرسة، وتوجيه محاضرات المركز الثقافي في القرية لتوعية الأهالي حول العلم وأهميته، وتبصير الناس بأنه المخرج لهم من كل ما يعانون مادياً واجتماعياً ونفسياً، وتفعيل دورات محو الأمية للرجال والنساء، ليكون التواصل معهم أكثر فاعلية، وتشديد أمر الفحوصات الطبية السابقة للزواج، كما يجب أن نولي الطبقة الأولى من الأطفال ثم المراهقين أهمية وعناية خاصة؛ لأن الأمل الحقيقي في هذه الشريحة، وهي نواة التغيير المرجو، في المقابل لو نشأت هذه الشريحة على ما تحاول الشريحة الجاهلة تنشئته عليه فستكون مستقبلاً أكثر صعوبة من آبائهم وأجدادهم، ربما أتجرأ بالقول الاستفادة من هذه الدراسة لتشجيع الباحثين على دراسة مجتمعات ريفية أخرى على امتداد القطر، لتشابه الظروف الطبيعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لريفنا كله، مع خصوصية لكل منها، ودراسات موسعة من هذا النوع، وتقديم مثل هذه الدراسات للجهات الحكومية للاستفادة منها في خطط تنمية الريف، مع العمل على الاستفادة من طابع التدين في المجتمع الريفي لتصحيح كثير من القناعات والعادات والتقاليد البالية التي لا يرتضيها الدين ولا العقل، وإلا فإن التدين غير الصحيح يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية لا إلى حلها، كما في قضايا التعليم والمرأة والميراث، وهنا ينبغي التعاون مع المشايخ والخطباء، وتوصلت إلى وضع مقترح مشروع تنموي تثقيفي ناتج عن الدراسة الميدانية التي تم تطبيقها على قرية "القيسا" وتأكيداً منا المقولةَ التي تقول: "إن المرأة هي نصف المجتمع وهي تربي النصف الآخر"، وأن أي خطة باتجاه تطوير وتنمية أي مجتمع لا تكون إلى من خلال مشاركة المجتمع ككل، فأي مشروع تنموي في هذه القرية يستلزم تفعيل فئة النساء فيها، وذلك من خلال إعدادهن وتثقيفهن وفق برنامج تثقيفي يعد جزءاً من مشروع تنموي يمكن تطبيقه في هذه القرية».

عبير سرور أثناء المناقشة

يذكر أن لجنة الحكم المؤلفة من الأساتذة الدكتور "محمد العبد الله" قسم الاجتماع جامعة دمشق، والدكتور "يوسف خضور" من جامعة البعث، والمشرف الدكتور "أديب عقيل"، والدكتور "عبد العزيز خزاعلة" من جامعة اليرموك "إربد، الأردن"، والدكتور" يعقوب الكندري" من جامعة "الكويت"، قد اجمعوا الرأي فيما بينهم بعد المناقشة لتنال الدكتوراه بدرجة الشرف وبعلامة 95.8 %.

لجنة الحكم تعلن قرارها