ظهرت الألعاب القتالية في العالم منذ أكثر من 5000 سنة في الصين واليابان، وقد أوجدها وطورها الأهالي هناك كوسيلة للدفاع عن النفس بسبب كثرة الحروب وصعوبة الحياة، ومع التطور ومرور الزمن ودخول الأسلحة بدأت الألعاب القتالية تتحول إلى فن بقوانين خاصة لكل نوع من هذه الألعاب، وانتشرت إلى باقي بلدان العالم، واعتمد بعضها كرياضات قتالية تشارك في المسابقات الرياضية الدولية.

وعربياً تبنينا تلك الألعاب وبرعنا بها، وكان من الطبيعي أن يسعى الخبراء من المدربين إلى إنتاج لعبة قتالية تخص العرب وتنطلق إلى العالمية باسمهم، من هنا لمع اسم "الراي صيراط" أو "المنهج القويم" التي بدأت تستقطب الشباب السوري.

دخلت اللعبة لأتعلم الدفاع عن النفس، أنا أعرف أني أتعلم لعبة سورية، وأنا سعيد جداً بها لأنها أقوى بنظري من جميع الرياضات القتالية

موقع eDamascus التقى مؤسس ومبتكر أول لعبة قتالية عربية "الراي صيراط" الدكتور "فتحي بن الطيب الخماسي" الذي حدثنا عن تلك الرياضة فقال: «تعني "الراي صيراط" المنهج القويم، وهي رياضة قتالية، ومزيج بين كثير من فنون الدفاع عن النفس، وقد درست كل التقنيات والمهارات التي تحتويها الألعاب العالمية لأتمكن من تجاوز الكثير من نقاط الضعف، لكي أستطيع أن أطلق هذه اللعبة بفعالية أكبر».

الدكتور فتحي بن الطيب الخماسي

ويتابع بالقول: «تعود جذور هذه اللعبة إلى عمر قصير جداً مقارنة "بالكاراتيه" أو "الكونغ فو" و"التايكواندو" و"الجودو" و"الملاكمة" و"الجوجوستو"، وبدأت بها في الجمهورية التونسية لأطلقها في سورية منذ 21 عاماً، حيث إن غيرتي على عروبتي جعلتني أفكّر برؤيا جديدة تكون جديرة بنا. والآن أخذت اللعبة شيئاً فشيئاً حيزاً هاماً بين الفنون القتالية».

الشاب "نوار كامل" أحد الممارسين للعبة تحدث عن سبب توجهه لممارسة هذه الرياضة بالقول: «رغبت بالبداية أن أملأ وقت فراغي في الصيف باعتباري طالباً في المرحلة الثانوية، بشيء مفيد يعود عليّ بالصحة، فقررت أن أدخل لعبة الملاكمة في بادئ الأمر، إلا أنّه ولحسن الحظ أخبرني مدربي المدرب "فتحي" عن لعبة "الراي صيراط"، وقدم لي شرحاً بسيطاً عنها وبالتالي أعجبتني فكرة ممارستها، وفعلاً بدأت بتعلمها وأنا الآن أشعر برغبة جامحة بالاستمرار بها لأنّها بالفعل رياضة وفن مميز».

نوار كامل أثناء التدريب

وأضاف "نوار": «اليوم بدأت أعرف تماماً الفرق بين الضربات العضلية، التي غالباً ما يستخدمها الناس برياضاتهم أو بنزاعاتهم، وبين الضربات الروحية التي أعتبرها أقوى، وتحتاج لقوة تركيز وتجميع قوى العقل والهدوء من أجل التصدي للخصم وهزيمته».

وعما يحتويه فن "الراي صيراط" يوضح لنا "د.فتحي": «إن لعبتنا لعبة حديثة، وهي بحاجة دائمة للتطوير، شأنها شأن أي علم أو فن، ونحن نعتمد "بالراي صيراط" على الإدارة النفسية والروحية أكثر مما قد يبدو للآخرين أنها لعبة قتالية فحسب، فقد أدخلت بها الكثير من أمور "الجمباز" واللياقة العالية إضافة إلى وضعيات القتال بحيث يكون اللاعب جاهزاً لأي حالة مفاجئة قد يتعرض لها».

اللاعب مسلم شرف في نزال

الطفل "آدم الأصيل" البالغ من العمر ثماني سنوات وأحد المنتسبين لرياضة "الراي صيراط" قال: «دخلت اللعبة لأتعلم الدفاع عن النفس، أنا أعرف أني أتعلم لعبة سورية، وأنا سعيد جداً بها لأنها أقوى بنظري من جميع الرياضات القتالية».

اللاعب "مسلم شرف" الطالب في معهد الكمبيوتر، الذي مضى على ممارسته لرياضة "الراي صيراط" حوالي السنتين تحدث عن هذه التجربة بالقول: «على الرغم من ميولي التقنية والمعلوماتية إلا أني من أنصار مقولة: "الجسم السليم في العقل السليم" ومن هنا اختلفت حياتي وتصرفاتي كلياً منذ دخولي اللعبة، بحيث أصبحت أتحلى بروح رياضية في التعاطي مع الأشخاص الذين أصادفهم أو يتعرضون لي، كما أستطيع الدفاع عن نفسي بشكل عقلاني».

وتابع "د. فتحي" مبتكر اللعبة مبيناً ميّزة هذه الرياضة من مثيلاتها: «إن أهم ما يميز لعبة "الراي صيراط" هو أنها فن قتالي واقعي يتعلم به المتدرّب خوض المعارك الحقيقية بطريقة صحيحة وبأسلوب ذكي يمكنه من التغلب على أربعة أشخاص أو أكثر، قد يتقنون فن "الكاراتيه" أو "الجودو"، ذلك أن مثل هذه الألعاب يدخل بها الكثير من الحركات الخيالية والتي لا يستفيد اللاعب في الواقع منها، بينما بممارسة "الراي صيراط" والتدريب الجيد ستصل إلى أعلى مستوى من النقاء الذهني، لأنها تتطلب منك القدرة الفردية العالية واستخدام نقاط الضعف الموجودة عند الخصم حتى تتمكن من التغلب عليه بسهولة ويسر، عدا ذلك يجب أن تتميز كلاعب "راي صيراط" بسرعة رد الفعل "العقلانية"، واستخدام جميع حواس الإنسان أثناء الممارسة، ووجود توافق عضلي وعصبي في أعضاء الجسم أثناء تنفيذ الحركات».

أما اللاعب "عمر شبقجي" البالغ من العمر 16 سنة فقال: «مضى على ممارستي للعبة أربع سنوات وحصلت فيها على الحزام البني وأستعد حالياً للوصول إلى الحزام الأسود، وأنا سأعمل على الاستمرار بممارسة هذه الرياضة لأنها علمتني كيف أنظم عقلي ووقتي».

وعما يطمح إليه الدكتور "فتحي" قال: «أعتبر نفسي جزءاً لا يتجزأ من "الراي صيراط" فهي رياضة يقينية وليست حلماً، ولنا الفخر أننا بدأنا برياضة عربية سورية، بدلاً من أن نستورد نتاج بلدان أخرى، فنحن لنا حضارتنا وتاريخنا، ولدينا مخزون رائع، يجب أن نزيل الغبار عنه ونرعاه ونصدره لكل أقطاب الدنيا كحال باقي الرياضات».

الجدير بالذكر أن د. "فتحي بن الطيب الخماسي" مؤسس ومبتكر هذه اللعبة من مواليد تونس 1963 أقام في سورية منذ قدومه مع "الراي صيراط" منذ عام 1989، حيث شارك ببطولات متنوعة بشتى الفنون القتالية. حاصل على شهادة الهندسة المدنية في تونس عام 1986، وبمجيئه لدمشق درس في كلية الحقوق ليحصل على الدكتوراه.