المؤسسة العامة للسينما
تاريخ المؤسسة
لقد أولت المؤسسة العامة للسينما التي أحدثت عام 1963 الصناعة السينمائية في القطر اهتماماً خاصاً، وقامت بوضع خطط عملية للبدء بالإنتاج السينمائي الوطني من الأفلام الطويلة والقصيرة، وفي ضوء الواقع الذي عاشته المؤسسة في بداية عملها ارتأت أن يقتصر إنتاجها في هذه المرحلة على الأفلام القصيرة فقط، والتريث في دخول ميدان إنتاج الأفلام الروائية الطويلة ريثما يتم تأهيل الكادر السينمائي المتخصص، وتكوين القاعدة المادية والاقتصادية والأولية لإنتاج الأفلام الروائية، آخذة بعين الاعتبار الأهمية الكبيرة التي تلعبها الأفلام القصيرة في المجالات الإعلامية والفكرية والتاريخية، كل ذلك جاء انسجاماً مع واقع المؤسسة وإمكاناتها والأهداف التي أنيطت بها عند إنشائها. هذا وقد واجهت المؤسسة صعوبات عديدة وكبيرة بعد ظهورها، من أكثر هذه الصعوبات تأثيراً على مسيرتها كانت الأزمات الاقتصادية والتقنية والبشرية "الكادر الفني" التي عاشتها، مضافاً إليها الصدام الحاد الذي وقع بينها وبين القطاع الخاص السينمائي مباشرة بعد إنشائها وبدء نشاطها في مجال الإنتاج واستيراد الأفلام وتوزيعها نظراً لتناقض القطاعين في الأهداف والوظائف وأساليب العمل والتعامل. أهداف استراتيجية لعمل المؤسسة وتعاملها، تمثلت هذه السياسة في ثلاثة مهام أساسية:
1ـ إيجاد قاعدة مادية تقنية واقتصادية قوية تسمح بتطوير الإنتاج السينمائي وزيادة عدد الأفلام الطويلة والقصيرة، ورفع وتائر الإنتاج بشكل يتناسب والفعاليات المتوفرة وتوظيفها بصورة صحيحة وسليمة.
2ـ إيجاد الكادر السينمائي المتخصص عن طريق الإيفاد والتأهيل في مختلف الاختصاصات السينمائية.
3ـ العمل على حسم الصراع مع القطاع الخاص في ميدان الصناعة السينمائية لصالح القطاع العام إيماناً من العاملين في هذا الميدان بعدم جدوى استمرارية القطاع الخاص في الإنتاج ومجالات العمل السينمائية الأخرى، انطلاقاً من كون السينما ثقافة وتربية وفكر وسياسة من جهة واقتصاد قوي يسهم في تنمية الدخل الوطني من جهة أخرى، والقطاع الخاص يفهم السينما على أساس كونها تجارة رابحة ووسيلة للتسلية والترفيه فقط دون أية مهمة إيديولوجية أخرى. وتنفيذاً لهذه المهام المرحلية بدأت المؤسسة بإنتاج الأفلام القصيرة ذات المواضيع الاجتماعية والزراعية والصناعية والسياحية التي تعكس حياة المجتمع وواقعه وتاريخه بشكل يكرس وجود السينما الواقعية الملتزمة بقضايا الجماهير وتحقيق مقولة شعبية السينما في الوقت نفسه وعلى نفس المستوى بدأت بإعداد الكادر الفني المتخصص عن طريق الإيفاد إلى البلدان الأجنبية، وتأسيس القاعدة المادية والاقتصادية المتينة للإنتاج السينمائي.
في عام 1978 صدر العدد الأول من المجلة الفصلية " الحياة السينمائية " التي تصدر عن وزارة الثقافة، والتي تكاد تكون المجلة الأكاديمية الوحيدة المتخصصة في فن السينما على امتداد العالم العربي. وقد عملت " الحياة السينمائية " منذ عددها الأول وحتى الآن على توثيق كل ما يتعلق بتاريخ وتطور السينما السورية، ومتابعة ورصد الإنتاج السينمائي المحلي، إضافة إلى تزويد القارئ بما هو جديد في السينما العربية والعالمية من قضايا. تصدر المؤسسة العامة للسينما، في إطار إصدارات وزارة الثقافة، سلسلة دورية من الكتب تحت عنوان "الفن السابع" مكرسة لبحث قضايا نظرية سينمائية، ومذكرات أعلام السينما العالمية، وقد صدر من هذه السلسلة مثلا مذكرات بونويل وكيروساوا وبيرغمان، وتأملات سينمائية لتاركوفسكي وأندريه فايدا وساتيجيت راي وفيلليني وإيليا كازان وغيرهم. هذا بالإضافة إلى كتب أخرى عديدة تبحث في جوانب مختلفة من صناعة الفن السينمائي كالسيناريو والإخراج والموسيقى التصويرية وغيرها.
استطاعت المؤسسة العامة للسينما تحويل مهرجان دمشق السينمائي من مهرجان إقليمي مرتبط بسينما آسيا والوطن العربي وأمريكا الجنوبية، إلى مهرجان دولي يحتفل بكل الدول التي تنتج سينما في العالم، إذ يجب أن لا تنحصر هوية السينما في هذا البلد أو ذاك، يجب أن ننفتح على كل الثقافات في العالم، وعلى كل ما يطرأ من تيارات واتجاهات ورؤى متباينة تصب نهاية في مجرى السينما التي نحب ونشتهي، أيضاً تمكنا في العام الفائت وبدعم حقيقي من السيد وزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا من تحويل هذا المهرجان إلى مهرجان سنوي، فلم يعد مهرجان دمشق السينمائي يقام كل عامين مرة، وبدلاً من ثمانية أيام أصبح عشرة أيام.