الصورة غير متوفرة

بعض الكتابات توحي أكثر مما تقول، وإلى هذه الكتابات تنتمي هذه المجموعة الصغيرة.

يجهد "علي الكردي" قول كل شيء دفعة واحدة. ولأن الكل لايقال فإن الكتابة تفصح عن الأشياء وتحجبها في آن، متوسلة لغة إشارية ومناخاً كابوسياً ثقيلاً، تنطق الأشياء فيه أكثر مما يحدث البشر عن أحوالهم. ولعل تأمل اضطهاد الحياة الثقيل أفضى بعلي الكردي إلى الكتابة، وجعل كتابته مزيجاً من الكلمات والإشارات والإيحاءات، تتضافر معاً لتخلق الفضاء الكابوسي في أكثر أشكاله غموضاص ورعباً وتبديداً للأرواح الطليقة. وعلى الرغم من أن هذه المجموعة الصغيرة تحتضن مجموعة من القصص، فإنها في المآل الأخير تعطي قصة واحدة هي قصة الرعب والإنسان المرتعب، هذا الرعب الذي يرشح في الروح عميقاً، ويجعل اللغة قاصرة ومرتبكة، فتكمل نقصها في خلق أمكنة لم تألف النور أبداً، كأن المرتعب، وقد خذلته اللغة الأيفة، يضيف عالم الروح المعطوبة إلى العالم اليومي المُمَبَذ’ءل، كي يستقيم المعنى الذي أراده، أو يستقيم شيء قريب منه، ولو من بعيد.

مجموعة أولى لكاتب جاد، خبر الحياة قبل أن يختبر الأشكال القصصية.



فيصل دراج

عودة