جريدة بلدنا

التوتر والخوف في رواية "الساعد الغربي" لـ "أيمن الغزالي"



يصعب على قارئ رواية "الساعد الغربي ،دار نينوى- طبعة ثانية- 2010" "لأيمن الغزالي" أن يعثر على ما يقوده من أجل الإمساك بمفاتيح لتثمل مقولة هذا العمل الأدبي. تبدأ الرواية بمونولوج يوجهه "سعيد" إلى "سارة"، وتجري الرواية من بعدها على ذات الرتم، وبنفس طريقة الكتابة الواقعة في مطب الحنين والتوق إلى حياة أفضل مما هي عليه. وهكذا يعثر قارئ الرواية على أربع شخصيات رئيسية.

فبالإضافة إلى "سعيد" الراوي و"سارة" حبيبته، نجد شخصية الجد الذي سينتخب مختاراً لقرية خربة الريحان ونادر صديق سعيد الذي يبيع الكتب القديمة في "دمشق".

وهكذا تجري الرواية بين مكانين. الحيز الأول هو خربة الريحان، حيث يشتغل "الغزالي" بجد من أجل تدوين هذا المكان وبين "دمشق"، حيث سينتقل إليها "سعيد" في ثمانينات القرن الماضي.

وهكذا تسير الرواية في مزج بين أجواء مدينية وأجواء ريفية. مع إبقاء هذه الأجواء تحت سطوة "سارة" التي يظهرها "الغزالي" بشكل مستمر على أنها الوحيدة القادرة على إعطاء معنى لأي كتابة ما. تسافر "سارة" إلى السويد تاركة سعيد يعيش حالة من الفقد والتوق المستمر إلى تلك المرأة التي لازمته فترة طويلة من الزمن. فيما يظل سعيد الذي يطمح لكتابة رواية مشتركة مع نادر يعمل على استقصاء ذاكرة جده.

تلك الذاكرة الشفوية التي لم ينتبه الغزالي إلى أنه يقوم بتدوينها بشكل شفوي أيضاً دون إعطائها أبعاداً أخرى يستلزمها الشرط الروائي وعمليات السرد.

عموماً، يبدو أيمن غزالي عارفاً بما قام بكتابته، فهو بهذا الفعل/ الكتابة ينتهي من أعباء لم يعد قادراً على الاحتفاظ بها. وبهذا تصير الكتابة فعلاً شخصياً وذاتياً وشكلاً من أشكال تصفية الحسابات الشخصية مع الذات.

وبما يقرب العمل الروائي من أجواء السيرة، خصوصاً عندما يتكشف للقارئ أن شخصية "نادر" هي شخصية حقيقية معروفة.

يحصي "أيمن الغزالي" في روايته الخسارات الشخصية والجماعية، ويعرف عن شخصياته في مراحل متقدمة من الرواية ويجري مقارنات بين أوضاع اجتماعية وحياتية سابقة ولاحقة مركزاً على خصوصية بيئة معينة.

وإذا كان "الغزالي قد نجح في اقتراف لغة متوترة، وقلقة، كأجواء الرواية، فإنه غالباً ما يدخل في إسهابات كان يمكن الاستعاضة عنها وفتح المجال أمام التخييل الروائي ليلعب دوره بشكل أوسع مما يتوافر في هذا العمل.

رواية أيمن الغزالي" هي رواية عن الاختناق بالآلام الشخصية، ومع ذلك، فإنه من الغريب محاولة قطع الطريق على القارئ في الفصل الأخير من الرواية. هكذا لا يتوانى "أيمن الغزالي" عن القول: « ستجدون وقتاً عصياً وأنتم تسألون ماذا يكتب هذا الكاتب، ما الذي يريده، ستقولون هذه تهويمات، لغة مفككة، غير مترابطة، مصائر منفلتة من شرطها التاريخي، لكني ببساطة سأقول لكم كما قال عبد الرحمن منيف في قصة حب مجوسية: « أريد ان أقول ما حصل حتى لو نزلت السماء على الأرض، وأنتم إذا شئتم اقرأوا، وإذا شئتم.. كفوا عن القراءة.

عودة