الصورة غير متوفرة

محمود وهب ـ جريدة الثورة ـ الملحق الثقافي 20/3/2007



فدعونا نمضي مع كاميرا فيصل خرتش وهي تطوِّف في "حلب" شوارع وأسواقاً وحمامات.. فالمكان لدى "فيصل" يضج بالحركة والحياة إنّه لم يحفل بالقلعة كما فعل الآخرون إلا لماماً بل جذبه المقهى الذي بجوار القلعة: «لم يكن قد وصل إلى المقهى المستلقية برجليها على بوابة القلعة.. جاء السقاء يحمل قربة الماء على ظهره، يرش الماء داخل المقهى، ثم خارجها.

جاء الناس معاً.. جلسوا جميعاً على كراسي القش، صبّحوا على بعضهم بعد أن سلَّموا، طلبوا كاسات الشاي، فجاءتهم مذهّبة، بعضهم طلب قهوة البن فجاءته بفناجينها العجمية..» تراب الغرباء ص7.

المكان هنا مشرق ضاج بالفرح وهو يستقبل الحياة.. ويبرز ذلك أكثر في سوق الجمعة الذي لا تفلت من كاميرا "خرتش" أية صورة.

فالبسطات المختلفة مفروشة بأنواع الألبسة والأحذية والأدوات الحديدية والخشبية وأنواع الأنتيكات وكذلك بسطات القطن والصوف والكتب والأغذية والأشربة.. ولا تفوته صورة الطبيب الحلاّق الذي استمر إلى الخمسينيات والستينيات يعالج روّاد سوق الجمعة.

وكذلك مشهد القرداتي والفرجة على الضبع و"الضبعة"..الخ لكنّ الذي يلفت روح الروائي أكثر: «ووقفة صغيرة عند سوق الصابون المطيّب والدريرة، والترابة الحلبية. تلك التي تشتريها النسوة لجلي الأجساد الناعمة وكشف البياض عن تفاصيلها». تراب الغرباء ص16.

و"فيصل خرتش" مولع بالحمامات كثيراً وبكل أنواع مفرداتها.. وترى تصويره لها يتكرر في أكثر من رواية فهي في مقهى القصر: «تأتي الواحدة منهنّ مع صباياها، وتكون بقجة حمامها المطرزة بالورود وبما شاء الله قد سبقتها واستقرت فوق إحدى المصاطب بانتظارها وما أن تفتح الباب الأخضر الكبير وتدلف إلى الباب الثاني، حتى ترحب بها الحمامية وتشير إلى مكان حجزها».

«تخلع حذاءها وتلفه في كيس أعد لذلك، ثم تصعد المصطبة وتبدأ بفتح البقجة وفرد المناشف والمآزر ووضع السجاجيد الصغيرة فوق الحصيرة.. وتنزل باغتيال مرصع بأجمل ما تحب المرأة أن تكون عليه، زينتها، ذهبها، عقصة شعرها، الشكلة التي في طرفه، ثم تلقي على جسدها بعض طاسات الماء ثم تذهب إلى بيت النار فتجلس على طرفه بجانب أحد معارفها..» ص68

عودة