"كوليت خوري"... في جديدها تروي حكاية قصيدة

ياسمينة دمشق وعطرها الفواح، هي دائماً متألقة فيما تقدمه، نثرها شعر فكيف شعرها؟.

كوليت خوري تنسق باقة من ورود الذاكرة لتقدمها في كتاب قليل الصفحات لكنه غني بما يقدمه من متعة وفائدة.‏

«صفحات من ذاكرتي» هو جديد "كوليت خوري" الذي صدر في "دمشق"، وهوتوثيق لأمسية أدبية قيلت في ثقافي «أبو رمانة» بتاريخ 19/10/1999 بحضور لفيف من كبار الشخصيات السياسية والأدبية في سورية، والكتاب مهدى إلى لمياء الجابري طلاس ولم يقف عند حدود المحاضرة بل قدم معطيات إضافية وصوراً ووثائق، لكننا سنقف عند العنوان الذي اختارته آنئذ «قصة القصيدة» وقصة القصيدة هي القصيدة التي كتبها الدكتور عبد السلام العجيلي حين بدأ شاعراً، طبعاً تتحدث عن رفقة نزار قباني والعجيلي أثناء دراستهما الجامعية وتشير إلى علاقتهما معاً وتقول واصفة المشوار الذي أفضى إلى هذه القصيدة: إن عبد السلام العجيلي كان يمشي هو ونزار في الصالحية وعندما وصلا إلى زقاق «دك الباب» الضيق المسدود الذي يجثم هناك في نهايته البانسيون الصغير استأذن الطبيب صديقه الحقوقي قائلاً:‏

- هل تنتظرني في دقيقة؟..‏

فأجابه:‏

-طبعاً:‏

واندفع الطبيب في الزقاق مستعجلاً.. حتى إذا ما وصل إلى باب البانسيون التفت عفوياً يتفقد صديقه، وأحس هذا الأخير بقلق الطبيب فهز رأسه وطمأنه قائلاً بصوته الممتلئ الأبح:‏

... أنا في انتظارك؟.‏

انسابت العبارة في سمع طبيبنا الشاعر سحبة موال سحبته إلى هنالك.. إلى الشمال.. إلى الرقة وتخيل حبيبة بعيدة تنتظره.‏

حبيبة واقفة وراء نافذة بيتها.. يهف قلبها لأي طيف يمر في الدرب الكئيب ويهمس فمها في أذن الربيع رسالة إلى الحبيب:‏

«أنا في انتظارك» وأطربته اللوحة ودارت الفكرة في رأسه وسكرت من مشاعره.‏

وعندما عاد إلى صديقه حاملاً كتابه كان شارداً تدور أفكاره على أوزان ربيعية.. ولم يتضايق الحقوقي من شرود صديقه بل لم يشعر أصلا ًبهذا الشرود لأنه كان هونفسه ملحقاً مع عطر دمشق يكتب بالعطر في الأجواء حكاياته.‏

هو أيضاً كان يتخيل حبيبة تتساءل لماذا لم يعد إليها الحبيب؟.‏

ومر المساء نغمات وقوافي بين شاعرين شابين من بلادي، شاعران يتهاديان في العشرينات من العمر، ولم ينم طبيبنا ليلتها إلا مع الفجر وهو يحضن طيف حبيبته على الورق.‏

وعندما استيقظ في الصباح.. كانت قصيدة «أنا في انتظارك» تنتظره مرتاحة على وسادته.‏

فابتسم وراح يقرؤها من جديد:‏

أنا في انتظارك ياحبيبي والورود‏

ولهى، تسائلني: حبيبك هل يعود؟‏

هذا شبابي منك أذوته الوعود‏

فارحم شباب الورد من حرقات نارك‏

أنا في انتظارك.‏

وتنهي "كوليت خوري" محاضرتها بقصة بيتين للعجيلي جاءا تحت عنوان: «عش معافى» وملخص الحكاية أن العماد أول مصطفى طلاس أُصيب بوعكة صحية وأراد العجيلي أن يزوره فقالت له كوليت خوري: إياك أن تأخذ الزهور لأن الزهور ملأت غرفة العماد في المشفى وملأت المشفى والشارع والحي ودمشق، ورأيي أنا أن تحمل له كتاباً أو قصة أو ماشئت من عالمك الأدبي، فاقتنع العجيلي بذلك وحمل معه بيتي شعر و ذهبنا إلى العماد والبيتان هما:‏

عش معافى فغارة السقم ولت‏

قد هزمنا من قبلها ألف غارة‏

كنت حلواً وبعض بعضك مر‏

كيف أصبحت بعد نزع المرارة.‏

يمن سليمان عباس

جريدة الثورة

الجمعة 2009-07-03

عودة